النمطية القرطاجية الفرعونية التجارية

المستشارة درة بو كرومة

قامت قرطاجة ببناء مستعمرة لها في إيبيزا في جزر البليار عام654 ق.م وقامت كذلك بتحويل الأسواق التجارية المؤقتة في مدن طرابلس الفينيقية (لبدة، أويا وصبراتة) وصولا إلى الإسكندرية شرقا وامتدادا إلى المغرب غربا إلى أسواق دائمة طول العام مما أنعش هذه المدن وزاد من استقرارها الاقتصادي.

و قد وصلت مستعمرات القرطاجيين التجارية حتى جنوب البرتغال بقيادة هملكون كما قاموا ببناء المستعمرات كذلك على شواطئ الأطلسي للمغرب الأقصى، وتدل رحلة حانون الملاح على النشاط الاستعماري للقرطاجيين حيث قام بزرع العديد من المستعمرات القرطاجية على ساحل المغرب الأطلسي بهدف توطين الكثير من الفينيقيين هناك. وكانت قرطاجة تحكم 300 مدينة في الشمال الأفريقي وحده قبل أندلاع الحروب البونيقية(264-146ق.م)، وبلغ عدد سكان مدينة قرطاجة ذاتها ال700،000 نسمة. وكانت المدن الفينيقية الغربية تتمتع بالحكم الذاتي لكن في ظل سيادة قرطاجة عليها ويقدر أن عدد رعايا الإمبراطورية القرطاجية بلغ ما بين ال3000،000 وال4000،000 نسمة. وقد كان سكان تلك الإمبراطورية خليطا من الفينيقيين والليبيين الأمازيغ والإيبيريين والسردينيين وحتى بعض الجاليات اليونانية والإتروسكية. و قد كانت للفينيقيين أنفسهم جاليات تقيم في المدن الإتروسكية في إيطاليا القديمة مثل مدينتي (بيرغي) و(جرافيسكا) اللتين تطلان على البحر المتوسط وتقعان شمال نابولي، فقد جاء في لوحات بيرغي الشهيرة والتي كانت تعدّ ميناء لمدينة (كايري) الإتروسكية أن ملك الأخيرة والمدعو(ثيفاري فالياناس) قد أقام معبدا للألهة الفينيقية (عشتروت) في حوالي العام 500 ق.م.

وفي أعمال المجالس الشعبية اعتمدت قرطاج على التوازن في التعامل مع مصر وانبهر القادة القرطاجيون بالإزدهار الذي عاشته حقبة الفراعنة، فقد افتتن المحاربون الذين غزو مصر بأسلوب الحياة ونشوة الرخاء فتلاقح الحضارتين فيما بينهما بدأ بزواج كليوباترا ملكة مصر بالقائد الروماني حيث انحازت كليوباترا إلى الحكومة الثلاثية الرومانية الثانية التي شكلها أوكتافيان (حفيد قيصر ووريثه)، ومارك أنطوني، وماركوس أميليوس ليبيدوس، خلال حرب المحررين الأهلية التي جرت بين عامي 43 و42 قبل الميلاد. أقامت كليوباترا علاقة غرامية مع أنطوني بعد لقائهما في طرسوس عام 41 قبل الميلاد، حيث أعدم أنطوني أرسينوي الرابعة بناءً على طلبها، وأصبح يعتمد بشكل متزايد على كليوباترا للحصول على التمويل والمساعدات العسكرية خلال غزواته للإمبراطورية البارثية ومملكة أرمينيا.

خلال تبرعات الإسكندرية، تم إعلان أبنائها من مارك أنطوني وكليوباترا: الإسكندر هيليوس، وكليوباترا سيليني الثانية، وبطليموس فيلادلفوس حكامًا على مناطق مختلفة كانت تحت سلطة أنطوني الثلاثية سابقًا. أدى هذا الحدث، بالإضافة إلى زواج كليوباترا من مارك أنطوني وطلاق أنطوني من أوكتافيا الصغرى (شقيقة أوكتافيان)، إلى اندلاع الحرب النهائية للجمهورية الرومانية.
وتواصل التلاقح الحضاري القرطاجي-الفرعوني بين الجنود الروم والمصريات وبين المصريين والرعايا والأميرات الروميات حتى نشأت نموذجية فكرية وتجارية جمعت بين الحضارتين وشهدت من خلالها وبفضلها روما وشمال إفريقيا ديناميكية وازدهارا لا مثيل له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى