بين القانون والهشاشة… قراءة هادئة في واقعة سيدي عثمان

بقلم: المصطفى العياش
في حي سيدي عثمان بالدار البيضاء، وبالضبط داخل النفوذ الترابي للملحقة الإدارية سيدي عثمان التابعة لعمالة مولاي رشيد، وقعت حادثة لافتة حين تعرض قائد الملحقة وأعوان السلطة المرافقون له لاعتداء أثناء تدخل ميداني لضبط نشاط تجاري غير مرخص بسوق عشوائي، عقب شكايات متكررة من الساكنة المجاورة.
التدخل الذي أشرف عليه القائد بشكل مباشر، كان يروم استعادة النظام في محيط السوق العشوائي الذي أضحى مصدر فوضى واحتلال غير قانوني للملك العمومي. غير أن تدخل أبناء أحد الباعة المتجولين، الذين رفضوا الامتثال، أدى إلى نشوب احتكاك عنيف تطور إلى اعتداء جسدي طال القائد وبعض أعوانه، في مشهد يعكس حجم التوتر القائم بين منطق إنفاذ القانون وواقع اجتماعي يتسم بالهشاشة والارتجال.
المعطيات المتوفرة تشير إلى أن المعتدين لاذوا بالفرار مباشرة بعد الواقعة، في حين باشرت المصالح الأمنية تحرياتها تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بغرض تحديد هويات المتورطين وتقديمهم للعدالة.
هذه الحادثة، رغم محدودية نطاقها، تفتح نقاشاً أعمق حول الإكراهات اليومية التي تواجهها السلطات المحلية، وعلى رأسها رجال السلطة وأعوانهم، ممن يتحملون في الميدان أعباء متداخلة تجمع بين ضبط الفوضى، واحتواء الغضب الاجتماعي، في ظل ضعف آليات الوساطة ومحدودية البدائل المطروحة للفئات التي تشتغل في الهامش.
القائد وأعوان السلطة، في مثل هذه الحالات، لا يمارسون فقط واجبهم الإداري، بل ينخرطون في تدبير وضعيات حساسة تتطلب حكمة وتبصراً، وفي الآن ذاته حزمًا يُمكّن من استعادة هيبة الدولة، دون الوقوع في فخ الاستفزاز أو المواجهة غير المتكافئة.
ما وقع في الملحقة الإدارية سيدي عثمان ليس حدثاً معزولاً، بل هو صورة مصغرة لما تعيشه العديد من الأحياء الشعبية، حيث تتقاطع الحاجة إلى التنظيم مع ضغوط اجتماعية متزايدة. وهنا تبرز الحاجة إلى حلول شاملة تضمن احترام القانون، وتصون كرامة الفئات الهشة، وتوفر لرجال السلطة الغطاء المؤسساتي والقانوني الذي يقيهم مخاطر الميدان، ويُعزز من مكانتهم كممثلين للدولة وليس كأطراف في صراع يومي.
إن تدبير الفضاء العام مسؤولية مشتركة، تتطلب وعياً جماعياً، وسياسات ميدانية ناجعة، تُقوي جسور الثقة بين المواطن وإدارته، وتجعل من رجل السلطة شريكاً في التنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى