التهجير الي الأعلي ( ٢٠٢٥ )

رؤية مقالية للكاتب : محمد منسي
كلاكيت مرة تانية ( الإصدار الاول الصاعدون الي السماء ٢٠٢٣ )

من يخطط أجندة وتتابع الأحداث الكبري و مصفوفة الصراع العالمي ؟ ارجوك لا تقفز سريعا فقط الي الإشارة إلي دهاء الماسونية وتوغلها حول العالم وايضا ارجو الا تشير بسرعة الي التناحر الاقتصادي الكتلي أو علي الاقل القارى أو ارجوك أيضا الا تسمح لنفسك بالانحدار بالاشارة الي التفكك الانهزامي الشرق أوسطي أو التصدع الهزلي العربي علي وجه الخصوص كما ارجو منك أيضا أن لا يذهب ذهنك الي الإشارة للضعف الناتج عن التناحر القبلي الممزوج بالجهل و الفقر الافريقي ، كما ارجو منك ايضا الا تنجذب سريعا الي ما تعلنه القدرات السياسية والتسليحية والمالية والإعلامية العالمية من تقسيمات تصنيفية مثل التوافق الظرفي الروسي الصيني الإيراني في مقابل التحالف الأمريكي الأوروبي كتليا و التكاتف الأمريكي الخليجي نوعيا كما أنني ارجوك بشدة الا تسمح لعيونك بأن تلمع نتيجة تأثرها بالتصريحات الزعومية الكورية الشمالية لإثبات الحضور في دفتر الأحداث العالمية و انا أعلم جيدا انك قد تقنعك الصين بكتلتها الاختراقية لأمريكا والشرق الأوسط وأفريقيا وقد يلفت نظرك جزئيا التحفظ الياباني علي تلك الكتلة الصينية المزعجة للآخرين وتألقها مع الامريكان.

تري لماذا اطلب منك ألا تقفز بذهنك المتأثر مسبقا بالكثير من التدابير التخطيطية والتنظيمية والتأهيلية والترتيبية لدور ومقام ومكانة كل شعب أو قومية أو حتي مزيج من العديد من القوميات التي يتم دفع وجدانها الشعبي وفكرها القومي في اتجاه ما يتم التخطيط له من أوضاع مستقبلية مستهدفة لصالح أمة أو أمم بعينها لا يقتنع من يقودونها بأن هناك غيرهم يحق لهم الحياة والحصول علي منافع معظمها تتواجد كمنحة سماوية داخل حدودها أو تحت أراضيها . أنني اطلب منك ألا تلتفت لكل تلك الجوانب المصنعة خصيصا لكي نهتم بها جميعا وتذهب بنا كلنا الي حيث لا يمكننا أن نعود الي وطنيتنا الوجدانية و لا الي قوميتنا الفكرية ولا حتي الي مقدراتنا الكنزية التي حبانا الخالق بها.

عزيزي القارئ الان يمكنك أن تفكر في الاجابة علي السؤال الذي طرحته في أول سطر من هذا المقال طالما أنك قادر علي أن تتجنب كل ما أشرت إليه في السطور السابقة ، لأنها كلها تعتبر من أهم المحاور التي يعتقد الكثيرون انها أعمدة تشكل القوام الحالي لعالمنا المعاصر علي هذا الكوكب المترنح والتي غالبا ما تعبر عما نتناوله جميعا نحن الاحياء الباقون فوق الارض حتي الآن في معظم احاديثنا ومناقشاتنا وتعليقاتنا علي ما يحدث حول العالم وخاصة في اكبر حدثين مؤثرين علي العالم في عام ٢٠٢٥ .

دعني ادعوك الي أن توجه عنايتك الفكرية والإنسانية ليس الي ما نتناوله نحن الاحياء الباقون حتي الآن علي سطح الأرض ولكن، واكرر ” ولكن ” ….

ماذا يحمل المهجرون الي الأعلي ( السماء ) من مفاهيم وقضايا ومواقف وتظلمات وشكاوي وأقصد بالصاعدين الي السماء علي سبيل المثال وليس الحصر كل من سقطوا قتلي أو شهداء كنتيجة للصراع الدائر بين روسيا و أوكرانيا علي الأراضي الأوكرانية تحديدا وتلك البقاع المختلف حول تبعيتها القومية وايضا الصراع المحتدم بين الاسرائيلين و الحماسيين علي أرض غزة الفلسطينية المتاخمة لمصر العظيمة المكافحة علي كل دروب الجهاد الاقتصادي والتنموي والعروبي والإنساني والإقليمي والعالمي ، تري هل يحمل المهجرون الي الأعلي ( السماء ) نفس ما نتداوله هنا نحن الاحياء علي سطح الأرض ؟ و كيف يعبرون عما حدث ويحدث في أول لقاء لهم مع اهل السماء ؟! هل هم الان يقدمون رؤية تحليلية حقيقية للإجابة عن سؤال اهل السماء لهم عن سبب صعودهم الجماعي المفاجئ بهذه الحالة الدموية الغريبة ، أو هم بصدد تقديم عريضة جماعية تمتزج فيها دماؤهم و وطنياتهم وقومياتهم مجتمعين فيها علي اساس انساني بحت تجمعهم حقوقهم الممنوحة من الخالق الي كل انسان في كل أرجاء المعمورة ؟؟ وهل ستلهمهم أذهانهم بذكر القضايا العرقية الغير مفهومة لاهل السماء، ام هل سيهتم أحد المهجرون الي الأعلي ( السماء ) بذكر التضخم العالمي والارتفاع الجنوني للأسعار وتعقد وتباطؤ سلاسل الإمداد والتوريد أو الحصار العسكري أو التضييق والمكر الاقتصادي بالكر و الفر بقروض صندوق النقد والمتحكمين فيه أو انقطاع الكهرباء والانترنت عن مدينة عامرة بسكانها وعدم وصول المساعدات مثلا، ناهيك بالطبع عن الزيغ الاعلامي والجنوح القيادي والجموح السياسي والزعامة المدهونة بدهانات حديثة براقة قد لا تتوافق الا مع أذواق المثليين وأشباه الرجال ام تري ان أحد المهجرين الي الأعلي ( السماء ) سيذكر شيئا عن موالد التحالفات الكتلية بين الدول الغنية وموائد البذخ الاحتفالية بين أغنياء الدول الزيتية ، ناهيك عن كثرة الالغاز والتنافس علي حقول الغاز وهل الدنيا بصدد أنها ( بصوت مصري — حا تبوتين علي الغرب ام انها حا تنتهن علي الشرق ) أم أنها حا ترامبن علي الجميع ؟؟ ما هو رأيكم فيما يمكن أن يشكل أهم محاور الحوار الإنساني مع الملائكة التي تقف في استقبال المهجرين الي الأعلي ( السماء ) كل حسب حالته وظرفه ومكان صعوده سواء من شمال العالم ام من كان من جنوب هذا العالم.؟؟.

هل سيتم ادراج عدد وتواريخ حلقات الصدام بين حماس واسرائيل واصل الحكاية ومين صاحب الأرض وستالين و قصة بيروبيدجان و بلفور الانجليزي ! ! وهل سيتم اتهام الماسونية وحدها كما تعود المثقفين و أشباههم وكأن الماسونية هي ومؤسسيها وتابعيها هم وحدهم اشباح الليل الرامحة بينما هم يغطون في سباتهم ومكلماتهم المتباعدة بتباعد قلوبهم ، دون أن يعدوا عدتهم ويوحدوا فكرهم ومكرهم ليتمكنوا من القضاء علي هذا البلاء العظيم، وهل سينظم المهجرون الي الأعلي ( السماء ) وقفة علي باب السماء أمام السادة المسئولين عن استقبالهم من الملائكة ليعلنوا خلالها توحيد كلمتهم فيما بينهم للتعبير عن كل المشتركات بينهم فيما يخص كل ما ادي الي إنهاء حياتهم هم وابنائهم وازواجهم و آباءهم وأمهاتهم وإخوانهم واخواتهم واقرباءهم ومواطنيهم، ام تراهم سينقسمون ويختلفون باختلاف جنسياتهم وقومياتهم و رؤسائهم وملوكهم الابطال الخارقين و بطاناتهم الميامين و احزابهم عفوا ” أحزانهم ” واعراقهم وعقائدهم وانتماءاتهم الدينية و تبعياتهم السياسية ، وهل هم من السنة ام الشيعة أو اخوان مسلمين وداعشيين ام شيوعيين و يهود غير اسرائيليين!؟ وهل سيجتمع المهجرون الي الأعلي ( السماء ) علي أن أمريكا هي الشيطان الأكبر وفقا لرؤية الإيرانيين ام سيعلن الأمريكيون المقتولين في غزة إن العرب لا يستحقون الحياة وان الصين هي العدو الثاني بعد إيران التي يسميها البعض الحليف الملثم ، وهل سيعلن المتشددون منهم أن الملحدون من الروس يدمرون جزء من أهل الكتاب الاوكرانيين أم أن ضحايا القصف الوحشي الاسرائيلي من الفلسطينين العزل لن يهتموا الا بحقوقهم المغتصبة ممن يقودون الكيان الصهيوني ؟ وهل سيجتمع الغير فلسطينيين علي أن الشعب الفلسطيني في المطلق هو من باع أرضه كما يقول البعض ام يهاجم الفلسطينيون الخليجيين بتوجهاتهم التطبيعية مع المحتل ؟!
والآن الي الأسئلة ….
من يريد ماذا ؟ ، ومن يريد من ؟، ومن لا يريد من ؟، ومن يختلف مع من علي ماذا ؟، ومن يداهن من أجل من ؟، ومن يداهم من لصالح من ؟ ، ومن لا يريد من بناء علي أوامر من ؟ ، و من لا يرضي بمن لانه لا ينتمي لمن ؟، و من يعارض من ؟ ، و من يري أنه اهم من من ؟ ، ومن يجد في نفسه أنه اهم من من ؟ ، ومن يعتقد أنه علي صواب بينما الآخرين جميعهم علي خطأ ؟ ، ومن يضمن بقاءه حتي يتحقق حلم من علي ارض من ؟، ومن يستطيع أن يؤمن لمن طعام السلوي والمن ؟، ….

يا من لا تقرأون التاريخ ، يا من لا تتردون في التطهير العرقي ويا من لا تتورعون عن قتل العزل من الشيوخ والنساء والاطفال و يامن تخططون وتتكتلون لتأييد الإبادة والفناء للشعوب التي ضاقت نفوسها من كثرة الاغتصاب لحقوقها بينما هناك من يعمرون الأرض ويحتوون النازحين ويتحملون فوق طاقاتهم من أجل الإنسانية جمعاء، يا أيها المدمرون للحياة، لقد سبق الإنسان علي الارض وفقا لمن يؤرخون أو حتي يسطرون الاساطير التي في مغزاها حقيقة نهايات كل من عمروها أو دمروها ،فقد سبقكم أصناف من المخلوقات غيركم وخربوها ، يسميهم البعض (الحِنُّ والبِنُّ) فهل أنتم استمرار لهؤلاء (الحِنُّ والبِنُّ) ، أم أنكم أنتم من تحددون من يتم تهجيره الي الأعلي ( السماء ) ومن يبقي علي سطح الأرض طالما أنه معكم ، أو لا ادري حتي هو مع من ؟!

رسالتي الي المهجرين الي الأعلي ( السماء ) هي ألا تنسوا إخبار الملائكة أن الأرض باتت حبلي تتأهب الان لإفراغ احمالها ، ولا تنسوا ايضا أن تخبروا من يستقبلونكم من الملائكة الكرام أن هناك من يعيشون علي سطح الأرض أموات ينتظرون أن يكونوا مثلكم مهجرين احياء يزهون متحررين من الدنيا ومغافلها و هم يدخرون الان الأكفان قبل شحها، بل انهم علي ثقة بل علي يقين لا يقبل الشك أن للملك والملكوت مالكا لن تضيع عنده الحقوق .

الكاتب و المفكر: المستشار/ محمد منسي
مستشار التطوير الاستراتيجي للاستثمارات التنموية والاعلامية الدولية
Fb\MostasharMansy

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى