حرب الرسوم تشتعل: الصين تتحدى ترامب و”تقاتل حتى النهاية” وسط قلق عالمي

مدن
في ظل تصاعد حدة الحرب التجارية العالمية التي أوقد شرارتها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسياساته الحمائية، أعلنت الصين عن رفضها القاطع لما وصفته بـ “الابتزاز” الأمريكي، مؤكدة عزمها على “القتال حتى النهاية” إذا ما أصرت واشنطن على المضي قدمًا في تصعيدها للنزاع التجاري.
رد صيني حازم على تهديدات ترامب برفع الرسوم الجمركية:
جاء الرد الصيني الحاد اللهجة عقب تهديد الرئيس ترامب برفع الرسوم الجمركية على الواردات القادمة من الصين إلى مستويات قد تتجاوز 100%، وذلك كرد فعل مباشر على قرار بكين بفرض رسوم “متبادلة” أعلنت عنها في وقت سابق ردًا على الإجراءات التجارية الأمريكية التي تم اتخاذها الأسبوع الماضي.
الصين تصف تهديدات الرسوم الأمريكية بـ”الابتزاز” و”الخطأ المضاعف”:
أكدت وزارة التجارة الصينية في بيان رسمي قائلة: “تهديد الجانب الأمريكي بتصعيد الرسوم الجمركية ضد الصين خطأ علاوة على خطأ، مما يكشف مرة أخرى طبيعة ابتزاز الجانب الأمريكي، وإذا أصرت الولايات المتحدة على أن تشق طريقها، فإن الصين ستقاتل حتى النهاية”.
المصنعون الصينيون تحت الضغط ويفكرون في بدائل للإنتاج:
يواجه قطاع الصناعات التحويلية في الصين، والذي يشمل مجموعة واسعة من المنتجات بدءًا من أدوات المائدة وصولًا إلى مواد الأرضيات، ضغوطًا اقتصادية متزايدة تهدد هوامش أرباحه بشكل كبير. وقد بدأ العديد من المصنعين في التفكير بجدية في نقل قواعد إنتاجهم إلى دول أخرى أو التفاوض مع عملائهم بشأن تقاسم أعباء الزيادات المحتملة في الأسعار نتيجة للرسوم الجمركية.
الاتحاد الأوروبي يقترح إجراءات انتقامية ضد البضائع الأمريكية:
وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، اقترح الاتحاد الأوروبي بدوره فرض رسوم جمركية انتقامية على مجموعة مختارة من البضائع الأمريكية ردًا على التحركات التجارية التي يقودها ترامب، والتي طالت عشرات الدول وتسببت في حالة من الاضطراب الشديد في الأسواق المالية العالمية، مما أثار مخاوف متزايدة من إمكانية انزلاق الاقتصاد العالمي إلى براثن الركود.
هدوء حذر في الأسواق بعد أيام من التقلبات العنيفة:
على الرغم من الأجواء المشحونة بالتوترات التجارية، أظهرت الأسواق العالمية بعض علامات الاستقرار المؤقت اليوم الثلاثاء، وذلك بعد عدة أيام شهدت تقلبات حادة للمستثمرين. فقد سجلت الأسهم الأوروبية ارتفاعًا ملحوظًا بعد أربع جلسات متتالية من الخسائر، كما شهدت أسعار النفط بعض التعافي بعد موجة بيع واسعة النطاق.
تعافي جزئي للأسهم في اليابان والصين وهونج كونج:
سجل مؤشر نيكاي الياباني ارتفاعًا قوياً بنسبة 6% خلال تعاملات اليوم، مستعيدًا بذلك جزءًا من الخسائر الفادحة التي تكبدها مؤخرًا، وذلك في أعقاب توصل الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الياباني إلى اتفاق مبدئي لبدء محادثات تجارية ثنائية.
وفي الصين، شهدت الأسهم القيادية ارتفاعًا بنسبة 1% بعد انخفاضها بأكثر من 7% في جلسة الأمس، بينما سجل مؤشر هانج سنج في هونج كونج ارتفاعًا ملحوظًا بعد أن شهد أسوأ أداء يومي له منذ عام 1997، حيث وصف مسؤولون محليون الرسوم الأمريكية المفروضة بأنها “قاسية” وغير عادلة.
تأثر الأسواق الإندونيسية وتدخل البنك المركزي لاحتواء الأزمة:
لم تسلم الأسواق الإندونيسية من تداعيات الحرب التجارية، حيث تراجعت أسعار الأسهم بنسبة 9%، كما سجلت الروبية الإندونيسية أدنى مستوى لها على الإطلاق. وقد أعلن البنك المركزي الإندونيسي عن نيته التدخل في السوق لوقف المزيد من الانهيارات، لينضم بذلك إلى جهود العديد من البنوك المركزية حول العالم التي تسعى جاهدة لاحتواء الأضرار الناجمة عن التوترات التجارية.
رئيس بورصة يورونكست يصف سلوك الولايات المتحدة بـ”الأسواق الناشئة”:
في أوروبا، عبر رئيس مشغل البورصة الأوروبية “يورونكست” عن قلقه العميق بشأن التحولات الاقتصادية في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن سلوكها بدأ يشبه سلوك الأسواق الناشئة من حيث عدم القدرة على التنبؤ والاستقرار.
ترامب يدافع عن سياسة الرسوم بهدف “إعادة ضبط الطاولة” واستعادة الصناعة الأمريكية:
دافع الرئيس ترامب بشدة عن سياسة فرض الرسوم الجمركية، التي تبدأ بنسبة 10% على جميع الواردات وقد تصل إلى 50% على بعض المنتجات، مؤكدًا أن الهدف الرئيسي منها هو استعادة القاعدة الصناعية الأمريكية التي يرى أنها تراجعت بشكل كبير على مدى عقود بسبب اتفاقيات التجارة الحرة. وأضاف في تصريحات للصحفيين: “إنها الفرصة الوحيدة لإعادة ضبط الطاولة. لن يكون هناك رئيس آخر مستعد لفعل ما أفعله”.
الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض رسوم انتقامية على سلع أمريكية محددة:
في هذا السياق، اقترحت المفوضية الأوروبية رسميًا فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على مجموعة منتقاة من السلع الأمريكية، تشمل فول الصويا والمكسرات والنقانق، مع استثناء بعض المنتجات الأخرى مثل الويسكي البوربون. وأوضح مسؤولون في بروكسل أن الاتحاد الأوروبي لا يزال مستعدًا للتفاوض على اتفاق “صفر مقابل صفر” مع إدارة ترامب.
تحديات تواجه أوروبا وفيتنام تطلب تأجيل الرسوم وتعرض شراء سلع أمريكية:
يواجه الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة عضوًا، صعوبات متزايدة في التعامل مع الرسوم المفروضة بالفعل على وارداته من السيارات والمعادن، بينما تلوح في الأفق تهديدات بفرض رسوم جديدة بنسبة 20% على مجموعة إضافية من المنتجات الأوروبية، بالإضافة إلى تهديدات ترامب بفرض رسوم على المشروبات الكحولية الأوروبية.
من جهة أخرى، طلبت فيتنام، التي تعتبر مركزًا صناعيًا منخفض التكلفة وجزءًا هامًا من سلاسل الإمداد العالمية، تأجيلًا لمدة 45 يومًا لتطبيق الرسوم عليها، وأعلنت عن استعدادها لشراء المزيد من السلع الأمريكية، بما في ذلك المنتجات الدفاعية والأمنية، في محاولة منها لإعادة التوازن إلى علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة.
تساؤلات حول استراتيجية ترامب وأهدافها النهائية:
يواصل المستثمرون والقادة السياسيون حول العالم جهودهم لتقييم ما إذا كانت الرسوم الجمركية الأمريكية تمثل إجراءً دائماً يهدف إلى تغيير قواعد التجارة العالمية بشكل جذري، أم أنها مجرد أداة ضغط تكتيكية تهدف إلى تحقيق تنازلات محددة من الشركاء التجاريين لواشنطن.
ضغوط داخل الإدارة الأمريكية وتحذيرات من كبار المستثمرين في وول ستريت:
التقى وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مع الرئيس ترامب في محاولة لحثه على التركيز على إبرام اتفاقيات تجارية ملموسة لطمأنة الأسواق وتهدئة المخاوف بشأن مستقبل العلاقات التجارية. وفي وول ستريت، عبر عدد من كبار المديرين التنفيذيين عن قلقهم العميق بشأن التداعيات المحتملة للرسوم، حيث وصف الرئيس التنفيذي لبنك “جي بي مورجان” الرسوم بأن لها عواقب سلبية دائمة، بينما شبه مدير صندوق تحوط بارز ما يحدث بأنه قد يقود إلى “شتاء نووي اقتصادي”. كما ناشد إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا وأغنى شخص في العالم، الرئيس ترامب بشكل مباشر للتراجع عن قراره.
مستشار ترامب التجاري يقلل من أهمية المخاوف ويدافع عن الرسوم:
في المقابل، رفض المستشار التجاري للرئيس ترامب، بيتر نافارو، دعوة إيلون ماسك وقلل من شأن المخاوف المتزايدة في الأسواق، واصفًا ماسك بأنه مجرد “مجمع سيارات” وغير مؤهل لإبداء الرأي في القضايا التجارية.