مأمون الشناوي يكتب: لعنة الجلابيّة !!

صليت العيد أمس بالجلابيّة ، وهذا لم يحدث منذ زمن بعيد ، حيث كنت أتعمد ارتداء البدلة الكاملة حتى في عزّ الحر والقيّظ ، إعتقاداً مني أن هذا تعظيم لشعائر الله ، كما أحرص علي أن أصلي كل عيد في ( مسجد النصر ) ، وهو أكبر وأهم مساجد مدينة ( المنصورة ) الذي يرتاده عِليّة القوم وأبسطهم أيضاً !!.
والجلابيّة – والله ياجماعة الخير – فخمة وفاخرة وفخيمة ووارد بلاد بره ، ولكنني ما أن دخلت إلى المسجد العامر بآلاف المصلين المنهمكين في تكبيرات العيد الشجيّة الرائعة ، ووقفت لأداء ركعتين تحية المسجد ، إلا وشخص أربعيني ضخم الجثة حليق الرأس يرتدي بدلة سوداء ورابطة عنق أشد سواداً ، يُذكرني بفيلم الأب الروحي وعصابات المافيا وآل كابوني ، إذا به يندفع نحوي في همجية ويقول لي : ( صلى بعيد ، هذا طريق ) ، استفزني جداً بغبائه وقلة ذوقه ، فقلت له على الفور ، وبصوت عال جعل الناس تكف عن التكبير وتلتفت إلينا في دهشة : ( طريق مين ، هذا مسجد ) ، قال بجلافة : ( طريق الباشا ) ، قلت له محتداً : ( باشا مين ، المحافظ مسيحي ) ، قال وقد بدا صبره ينفد ، فلم يتعود أن يجادله أحد : ( دا الباشا المحافظ الجديد ، مسلم ) !!.
طبعاً رفضت أن أتزحزح من مكاني ، وواصلت الصلاة ، بينما هرع إلي المكان مجموعة من زملاء صاحبنا الشماشرجي ، ولخوفهم من تطور الموقف ، سحبوه بعيداً !!.
أكثر مالفت نظري كان خوف الناس ، وتوقعهم أنني على خطر عظيم ، ورايح في داهية لامحالة ، فكانوا يُشيرون لي بالسكوت والانصياع ، بينما القِلة التي تعرفني كانوا يبتسمون في خُبث ومكر ، مُعلنين تبرؤهم مني عند احتدام المعركة !! .
وعندما عدت إلى البيت ، وأعدت المشهد السخيف في نفسي ، أدركت أن السبب يكمن في الجلابيّة ، فلو أنني أرتدي البدلة ماتجرأ هذا الشماشرجي على الاقتراب مني ، فهو من الصنف الذي يخاف ولا يختشي ، وترعبه المظاهر والشكليات ، كما أنه – وأمثاله – ملكي أكثر من الملك ، حيث يبالغون في أداء مهماهم بما لايلزم ، ولا يُطلب منهم ، ومما ينفر الناس من الجميع ، هم والمسؤول معاً ، ويبنون حاجزاً نفسياً بينهم وبين الناس ، يرتفع كل يوم !!.
وقررت ألا أصلي بعد ذلك إلا بالجلابيّة ، بالعند في الشماشرجية !!.