ما حرّمه الله على الإنسان ولماذا؟

بقلم: د. ناصر السلاموني
خلق الله الإنسان وكرّمه، وأخبره بأن المال والبنين زينة الحياة الدنيا، وأن الباقيات الصالحات خير وأبقى، لأنها أساس حياة الخلود في الآخرة. ومن رحمته تعالى بعباده أنه وضع لهم منهجًا واضحًا، يضمن سعادتهم في الدنيا، ويحقق لهم الأمن والاستقرار في الآخرة. ولهذا حرّم الله بعض الأفعال والأقوال التي تضر بالفرد والمجتمع، لحكمة عظيمة، حيث إن هذه المحرمات تهدم القيم، وتفسد الأخلاق، وتؤدي إلى الظلم والفساد. فقال الله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (الأنعام: 151).
كما قال سبحانه :
﴿إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف: 33).
وقد جاءت السنة النبوية مكملة لهذا المنهج الإلهي، حيث قال النبي ﷺ:”الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه” (متفق عليه).
ومن أنواع المحرمات نذكر الآتى:
أولًا: المحرمات في الطعام والشراب ومنها:
1. الميتة والدم ولحم الخنزير: لما فيها من ضرر صحي وخبث.قال تعالى:﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ (البقرة: 173).
2. الخمر والمسكرات: لأنها تفسد العقل، وتسبب الفتن والجرائم.قال النبي ﷺ:”كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام” (رواه مسلم).
3. المخدرات والتدخين: لأنها تؤدي إلى التهلكة وتضر بالصحة.قال الله تعالى:﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (البقرة: 195).
ثانيًا: الجرائم الأخلاقية والاجتماعية ومنها:
1. الزنا والفواحش: لأنها تهدم الأسرة، وتؤدي إلى الأمراض وضياع الأنساب.قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ (الإسراء: 32).
2. الشذوذ الجنسي وتغيير خلق الله: لأنه مخالف للفطرة الإنسانية.قال تعالى:﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ (الأعراف: 80).
ثالثًا: الاعتداء على النفس بالقتل أو الانتحار:
1. القتل بغير حق: لأنه يؤدي إلى الفوضى وضياع الأمن.
قال تعالى:﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ (الإسراء: 33).
2. الانتحار: لأنه يأس من رحمة الله.
قال النبي ﷺ:”من قتل نفسه بشيء عُذِّب به يوم القيامة” (متفق عليه).
رابعًا: الاعتداء على الأموال وهو متعدد منه:
1. السرقة وأكل أموال الناس بالباطل: لأنها ظلم وعدوان.
قال تعالى﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ (البقرة: 188).
2. الغش: لأنه خداع وإضرار بالآخرين.
قال النبي ﷺ:”من غش فليس منا” (رواه مسلم).
3. الرشوة: لأنها تضيّع الحقوق وتفسد العدل.
قال النبي ﷺ:”لعن الله الراشي والمرتشي” (رواه الترمذي).
4. القمار والميسر: لأنه كسب غير مشروع يؤدي إلى العداوة والبغضاء .قال تعالى:﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ (المائدة: 90).
خامسًا: الاعتداء على القيم والأخلاق وهى أساس بناء المجتمع السوى فحرم الأمور الآتية:
1. الغيبة والنميمة: لأنها تفسد العلاقات الاجتماعية.
قال تعالى:﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ (الحجرات: 12).
2. الكذب وشهادة الزور: لأنها تهدر العدل وتظلم الأبرياء.
قال النبي ﷺ:”ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور” (متفق عليه).
3. العقوق وقطيعة الرحم: لأنها تهدد التماسك الأسري.
قال النبي ﷺ:”لا يدخل الجنة قاطع رحم” (رواه مسلم).
من خلال ماحرمه الله تعالى نجد أنه لم يحرم شيئًا إلا لحكمة بالغة، ورحمة بعباده، ولحماية الإنسان من الفساد والضرر. فكل ما نهى الله عنه إنما هو لحفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض، وهي الضرورات الخمس التي يقوم عليها صلاح المجتمع. فلنتق الله، ونجتنب المحرمات، ونسعى للعيش وفق منهجه، حتى نحيا حياة كريمة في الدنيا، ونفوز برضوان الله في الآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى