أول ضريبة عالمية على قطاع الشحن.. أمل جديد لتمويل المناخ

 

يمثل اقتراح فرض ضريبة الكربون على قطاع الشحن فرصة تحويلية، تحظى بدعم واسع من دول متأثرة بالتغير المناخي، مثل كينيا.

ويهدف الاقتراح لتوفير تمويل المناخ في المناطق الأكثر احتياجًا، مع المساهمة في إزالة الكربون من أحد القطاعات الحيوية عالميًا.

وتعد كينيا من أبرز ضحايا أزمة المناخ، فارتفاع درجات الحرارة، وهطول الأمطار غير المتوقع، والجفاف المطول، كلها عوامل تقلص إنتاج الغذاء، وتستنزف موارد المياه، وتزعزع استقرار الاقتصاد الكيني.

ويقول موقع “كلايمت هوم نيوز”، إن هذه ليست تهديدات مجردة، بل تدمر سبل عيش ملايين الكينيين الذين يعتمدون على الزراعة والموارد البحرية.

بصمة بيتكوين الكربونية.. تحييد الانبعاثات يحتاج إلى زراعة مساحة تعادل سويسرا

ومع ذلك، فإن محنة كينيا ليست من صنع أيديها، فالدول الصناعية، بانبعاثاتها التاريخية الضخمة، تتحمل المسؤولية الرئيسية عن هذه الأزمة.

وبموجب مبدأ المسؤوليات المشتركة والمتباينة، يجب على من ساهموا في تفاقم تغير المناخ أن يتولوا زمام المبادرة في تمويل الحلول.

ويعتبر قطاع النقل البحري، ركيزة التجارة العالمية، وهو على أهبة الاستعداد لريادة عصر جديد من تمويل المناخ.

وفي المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة (IMO)، تقترب الحكومات من الاتفاق على فرض ضريبة كربون على انبعاثات النقل البحري، ومن المقرر اتخاذ قرار بشأنها في أبريل/نيسان 2025 خلال قمة لجنة حماية البيئة البحرية (MEPC) الثالثة والثمانين في لندن.

في حال إقرارها، ستكون هذه أول ضريبة شاملة تُفرض على قطاع دولي ملوث، وهي خطوة تشكل سابقة في هذا القطاع.

ويقدر البنك الدولي أن هذه الضريبة يمكن أن تجمع 60 مليار دولار سنويًا، مما يُوجه أموالًا حيوية إلى التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره في الدول المعرضة للخطر مثل كينيا.

وبحسب تصريحات السفير علي محمد، المبعوث الخاص لكينيا لشؤون تغير المناخ، تؤيد كينيا هذه المبادرة بشكل قاطع، فهي تتماشى مع التزامها الوطني بخفض الانبعاثات وتعزيز التنمية المستدامة، كما أنها تُعزز دور كينيا كرئيس مشارك لفريق عمل ضرائب التضامن العالمي، الذي يُدافع عن فرض ضرائب على القطاعات ذات الانبعاثات العالية والتي تُعاني من انخفاض الضرائب.

وقارة أفريقيا بشكل عام، ليست مجرد متفرج في هذا الجهد، من توسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة إلى تحديث البنية التحتية للموانئ، ويقول السفير الكيني في هذا الشأن “مهندسون فاعلون لمستقبل بحري خالٍ من الكربون، مع العلم أن هذه الضريبة لا تقدم وعودا بتحقيق إيرادات فحسب، بل تُرسي أيضًا إطارًا للتقدم العادل، إذا ما صُممت بدقة”.

3 % من الانبعاثات العالمية
وبحسب “كلايمت هوم نيوز”، يقول السفير علي محمد عن أسباب استهداف الشحن البحري، إنه يمثل ٣٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، أي ما يعادل انبعاثات اليابان أو ألمانيا.

وإذا لم يُكبح جماح هذا الرقم، فسيرتفع، مما يفاقم الضغوط المناخية على الدول الساحلية.

وإزالة الكربون من الشحن البحري ليست خيارًا، بل هي ضرورة استراتيجية لنظام تجاري عالمي مستدام.

ومع ذلك، يجب ألا يعمق هذا التحول أوجه عدم المساواة القائمة، فالاقتصادات الأفريقية، التي تعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، لا تستطيع تحمل رسوم تضخم تكاليف التصدير وتُوسع فجوات السوق العالمية.

لذا، فإن الضمانات، مثل إعادة استثمار عائدات الرسوم في تقنيات خضراء ميسورة التكلفة، ضرورية لتحقيق تكافؤ الفرص.

كما يمكن للاستثمارات في السفن عديمة الانبعاثات، والوقود المتجدد، والبنية التحتية المرنة للموانئ أن تضمن ازدهار الدول النامية في اقتصاد منخفض الكربون.

ومن شأن فرض رسوم محكمة أن يسرع هذا التحول، مع توجيه الإيرادات إلى المجتمعات الأكثر تضررًا من تغير المناخ.

التمويل المباشر لدول الجنوب العالمي
وتدعم أكثر من 60 دولة، تسيطر على ثلثي الأسطول العالمي للشحن، الاقتراح، في إشارة مشجعة قبل انعقاد الدورة 83 للجنة حماية البيئة البحرية.

وقد اتفقت الدول الأعضاء في المنظمة البحرية الدولية، والبالغ عددها 176 دولة، على أن تحديد سعر الكربون أمر بالغ الأهمية لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050.

ويقدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن فرض ضريبة تتراوح بين 150 و300 دولار أمريكي لكل طن من الانبعاثات من شأنه أن يُسرع عملية التحول في مجال الطاقة في قطاع النقل البحري، ويولد تمويلا كبيرًا لتغير المناخ، وأي إجراء أقل من ذلك يُهدد بعرقلة التقدم.

ويجب أن تتدفق الأموال مباشرة إلى الدول النامية، متجاوزة البيروقراطية التي لطالما عرقلت وصول دول الجنوب العالمي إلى تمويل المناخ.

وينبغي أن تعطي الإيرادات الأولوية للتكيف والقدرة على الصمود، لا سيما في أفريقيا، حيث يلحق ارتفاع مستوى سطح البحر والطقس المتطرف أضرارًا بالغة بالفعل.

وتستحق الدول غير الساحلية أيضًا الدعم لمشاريع مناخية أوسع نطاقًا، مما يضمن أن تتجاوز فوائد الضريبة القطاع البحري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى