حوار مفتوح مع فتيحة سداس: رؤية حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لمستقبل المغرب

مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، يزداد النقاش حول مستقبل المشهد السياسي بالمغرب، والتحديات التي تواجه الناخبين والمرشحين على حد سواء.
في هذا السياق، جريدة “كابريس” تطل على قراءها بنافدة جديدة سياسية تحت إسم “ركن 2026” ليكون مساحة حوارية مفتوحة عبر الواتساب، حيث نناقش القضايا الراهنة، نحلل البرامج الانتخابية، ونستضيف فاعلين سياسيين وخبراء ومواطنين للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم…
عبر هذا الفضاء الرقمي التفاعلي، نهدف إلى تعزيز الوعي السياسي، وتشجيع النقاش البنّاء، وإتاحة الفرصة للمغاربة للمشاركة في صنع القرار عبر مناقشات حية ومباشرة.
سيكون “ركن 2026” أكثر من مجرد برنامج، بل منصة تفاعلية تواكب تطورات المشهد السياسي وتمنح الكلمة للناس، أينما كانوا؛ فضاء مفتوح للأسئلة والتفاعل بين الجمهور وضيوف البرنامج، نرصد ردود الفعل وآراء الشارع المغربي حول الانتخابات المقبلة.
“ركن 2026” فكرة وإعداد الزميل الصحفي المصطفى العياش ومواكبة الزميل خالد بدري.
اليوم يسعدنا في جريدة “كابريس” استضافة الأستاذة فتيحة سداس، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، للحديث عن رؤيتها حول مستقبل الحزب واستراتيجيته الانتخابية، إضافة إلى قضايا الشباب، النساء، الحرية الفردية، والعلاقات الدولية.
فتيحة سداس هي جمعوية من الطراز الرفيع، مناضلة في مجال حقوق المرأة المغربية، لها دور هام في الحياة السياسية المغربية، خبرت مؤسسة البرلمان كنائبة برلمانية بمجلس النواب، وهي نموذج للنساء المغربيات المثقفات.
سؤال : كيف ترين أستاذة فتيحة سداس، مستقبل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المشهد السياسي المغربي؟
جواب: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كحزب وطني كان دائمًا ولا زال يعطي إجابات خلال كل المراحل المفصلية لبلادنا وأيضا بشكل يومي في كل القضايا المطروحة في بلادنا، فنحن نقود معارضة بناءة قوامها الرقابة العقلانية وتجويد الترسانة القانونية من خلال مختلف قطاعاته، سواء داخل البرلمان بغرفتيه، أو من خلال قطاعاته الموازية، عبر التفاعل الإيجابي مع انشغالات المواطنين والمواطنات، و النأي من المغامرة بالوطن عبر عدم الانخراط في موجة الشعبوية التي تتناول القضايا الهامة بأسلوب شعبوي، يُميّع الفعل السياسي ويهدد مختلف مؤسسات البلاد، فأكثر ما يهدد السياسة الآن هي الشعبوية المقيتة، التي تنتهج المزايدة منهاجًا سياسيًا عوض تقديم البدائل الضرورية. فالاتحاد الاشتراكي، برؤيته الواعية والمسؤولة، يعكف باستمرار على تحيين مشروعه اليساري على ضوء التحديات الداخلية والخارجية، غايته تقديم عرض يساري جذاب في استقطاب الناخبين والناخبات الجدد، خاصة الشباب، وتجديد خطابه السياسي وبرامجه بما يتلاءم مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المغرب.
سؤال: ما هي الاستراتيجية الانتخابية للحزب في الاستحقاقات المقبلة؟
جواب: يقوم فريقينا بالبرلمان بدور جبار على مستوى مراقبة العمل الحكومي وتقديم مقترحات القوانين، وأيضًا في التعديلات المهمة لتجويد النصوص القانونية المقدمة من طرف الحكومة، وذلك من خلال تقديم تعديلات جوهرية، وكذلك من خلال محاولاته الكثيرة لتجويد مشاريع القوانين المحالة على البرلمان بغرفتيه، والمساهمة الكبيرة لأعضاء الفريقين في أشغال اللجان.
كما ساهم الفريقان بدور أساسي في الوساطة بين الحكومة وهيئات المحامين في حل مشكلة إضراب المحامين الذي شل المحاكم المغربية ولفترة ليست بالهينة.
لقد ساهمت كل من الفيدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية للتعليم في الحوار الاجتماعي في مختلف القضايا الاجتماعية المطروحة وعلى رأسها مشروع قانون الإضراب وإضرابات الأساتذة المتعاقدين وقدما مقترحات كفيلة بتجويد مختلف مشاريع الحكومة.
لقد لعب مناضلونا من خلال النقابة الوطنية للتعليم العالي دورا مهما في إخراج القانون الأساسي للأساتذة الباحثين وتحسين وضعية الأساتذة من مختلف الأسلاك، للرفع من مكانة الجامعة المغربية.
وهنا يجب التذكير أننا أول من دعونا إلى ضرورة تحيين المنظومة الانتخابية على ضوء الأعطاب التي كشفتها المنظومة الحالية في ظل تغول سياسي حجّم دور المبادرة التشريعية وأعاق فعلًا مؤسساتيًا فاعلًا، يروم إلى تفعيل أفضل لمفهوم الدولة الاجتماعية التي يجب تركز على القضايا الاجتماعية وعلى رأسها العدالة الاجتماعية والمجالية.
فنحن نعول على قاعدتنا الشعبية مع محاولة توسيعها عبر التركيز على المناطق التي يتمتع فيها الحزب بتأثير تاريخي، وتقديم مرشحين ومرشحات بحسهم السياسي قادرين على تنزيل برنامجنا الانتخابي على أرض الواقع، ذوي كفاءة ومصداقية.
فأكبر أعطاب الممارسة السياسية تتمثل في توظيف المال في العملية الانتخابية مما يهدد المسار الديموقراطي في بلادنا، والركوب الشعبوي على مطالب فئات عريضة من المواطنين والمواطنات.
سؤال: هل يعتزم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تشكيل تحالف انتخابي مع الأحزاب اليسارية الأخرى في الاستحقاقات المقبلة؟
وهل يرى الحزب أن هذا التحالف يمكن أن يساهم في تحقيق الأغلبية وتشكيل حكومة؟
جواب: نحن حزب يشتغل في إطار المؤسسات وفق ممارسة واقعية وفي إطار المسؤولية. نؤمن أن تحقيق الدولة الاجتماعية يمر لزومًا من خلال تحالفات مع القوى الفاعلة في الحقل السياسي المغربي والتي يمكن أن نتقاسم معها برنامجا واضحا قابلا للتفعيل خصوصا في ظل النمط الانتخابي المعتمد الذي تظل تحقيق الأغلبية تحديًا يعتمد على عدة عوامل، منها تماسك التحالف وقدرته على تقديم برنامج انتخابي موحد يلقى قبولًا شعبيًا، وتتوفر لديه الإمكانيات المالية الضرورية.
سؤال: كيف يعتزم الحزب إعطاء التزكيات للشباب والشابات والمرأة في الاستحقاقات المقبلة؟
وهل هناك أي خطط جديدة لتعزيز مشاركة هذه الفئات في الحياة السياسية؟
جواب: لا يختلف اثنان كون الاتحاد الاشتراكي يتوفر على طاقات وكفاءات وعلى تنظيم وطني شبابي متحرك، يزخر بالطاقات الشابة من مختلف الأعمار وأيضًا من مختلف القطاعات. تجد الأساتذة الجامعيين، المحامين، أطباء وغيرهم من مختلف المهن. ساهم الحزب في تأطيرهم سياسيًا عبر مختلف التكوينات واللقاءات والدليل على ذلك مختلف الأنشطة التي يقومون بها خلال السنة وليس بشكل مناسباتيا ، كما أن حضورهم في المؤتمرات الاشتراكية الدولية للشباب ومختلف التجمعات التي عمل الحزب عبر شبابه في تأسيسها كـ mena latina ومنتدى البرلمانيين الاشتراكيين الشباب، له تأثير إيجابي على قضيانا الوطنية وعلى رأسها القضية الوطنية.
كما أن الحزب بصدد بلورة مقترح متكامل لإصلاح المنظومة الانتخابية يرمي إلى تعزيز مشاركة الشباب والنساء في العمل السياسي، ولا نكتفي بما حققناه من تراكم، بل نحن بصدد تقديم مقترحات شاملة ومستدامة تضمن ترشيحات للشباب والنساء، كما تضمن تمثيلًا عادلًا في المناصب القيادية والانتخابية فالحزب يضع في صلب اهتماماته مسألة التكوين، وهو يقوم بالفعل بتنظيم دورات تكوينية للمساهمة في صقل مهارات هذه الفئات وتأهيلها للعمل السياسي الفعال. عبر إشراكهم بشكل فاعل في هيئات صنع القرار الحزبي، بما يعزز من ثقتهم بالعمل السياسي وبأنفسهم ويمنحهم فرصة اكتساب الخبرة العملية، فضلًا عن إثراء النقاشات الحزبية بوجهات نظر متنوعة. وتكتمل هذه الجهود بدعم المنظمات الجمعوية المهتمة بقضايا الشباب والنساء، مما يوسع دائرة التأثير خارج إطار الحزب ويسهم في بناء مجتمع أكثر ديمقراطية.
فالحزب أيضا عبر منظمة النساء الاتحاديات، التي قدمت مقترحات جديرة بالاهتمام فيما يتعلق بتغيير بمدونة الأسرة، بعد الخطاب الملكي الذي دعا فيه إلى مراجعة شاملة لمدونة الأسرة. وقد كانت المنظمة في الموعد، كما كان دائما التنظيم النسائي الاتحادي، بتقديم مقترحات معللة للجنة التي تم إنشاؤها لهذا الغرض، تتماشى مع متطلبات المجتمع المغربي الجديدة وتضمن مدونة للأسرة منصفة للنساء المغربيات، هدفها استقرار الأسرة المغربية بكل مكوناتها.
سؤال: كيف يعمل الحزب على تعزيز الديمقراطية الداخلية وتعزيز دور الأعضاء في صنع القرار؟
جواب: الحزب يدرك أن قوته في تعزيز ديمقراطيته الداخلية، والذي يمر عبر تنظيم المؤتمرات في وقتها، وانتخابات شفافة لقيادة متماسكة قادرة على تسيير الحزب والتفاعل الذكي والمتبصر مع كل ما يقع داخليًا وخارجيًا، وتفعيل دور المؤتمرات الجهوية والفروع الحزبية عبر تطوير آليات التواصل بين القيادة والقواعد الحزبية، وكذلك في قدرة هذه المؤتمرات الجهوية والإقليمية والفرعية في إفراز قيادات قادرة على التجاوب والتفاعل اليومي مع ما يقع في مناطقها. مع التواصل الدائم عبر اجتماعات مؤسسة كتاب الأقاليم والجهات.
ولكم في المؤتمر 11 للاتحاد الاشتراكي الأخير الذي نُظمت فعالياته في سنة 2022 وفي ظروف كورونا وعبر تقنيات التواصل عن بعد، وبحضور الصحافة الوطنية من مختلف المنابر، والتي تابعت مجريات المؤتمر، ومناقشة مشاريع الأرضيات المطروحة وتصويتًا عليها، كما تابعت الترشيحات للكتابة الأولى قبل انعقاد المؤتمر وما رافقها من نقاش، كما تابعت عمليات الانتخاب من الترشيح مرورًا بالفرز إلى الإعلان عن النتائج.
وهذا بالتأكيد يسهم بشكل عملي في تعزيز الديمقراطية الداخلية.
سؤال: كيف يرى الحزب أن الحرية الفردية يمكن أن تتحقق في المغرب؟
وهل يعتقد الحزب أن هناك تحديات معينة تعوق تحقيق هذه الحرية؟
جواب: يمكن للحزب أن يرى تحقيق الحرية الفردية من خلال مشاركته الفاعلة ومقترحاته على مشروع القانون الجنائي بحرصه على تعزيز منظومة حقوق الإنسان وتكريسها دستوريًا وقانونيًا، وضمان الحريات العامة كحرية التعبير والصحافة المسؤولة، وإصلاح المنظومة القانونية بما يضمن احترام الحريات الفردية، والتصدي للتحديات المرتبطة بموروت قد يقيد الحريات الفردية.
فرئاسة الفريقين الاشتراكي-المعارضة الاتحادية للجنتي العدل والتشريع في الغرفتين خلق دينامية وسرعة في مناقشة مشاريع القوانين المعروضة على البرلمان. كما ساهم الفريقين البرلمانيين عبر تقديم مرافعات وتعديلات كثيرة لتجويد المنظومة الجنائية.
سؤال: كيف يتعامل الحزب مع القضايا الدولية، مثل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتحديات الهجرة؟
جواب: انطلاقا من دور الحزب الاتحاد الاشتراكي العضو الفاعل على المستوى الدولي والإقليمي، احتضن في شهر دجنبر 2024 مجلس الأممية الاشتراكية الذي حضرته وفودا من القارات الخمس مثلتها شخصيات وازنة، على رأسها بيدرو سانشيز رئيس الأممية الاشتراكية ورئيس الحكومة الإسبانية، كما انعقدت قبله لجنة إفريقيا بحضور وازن من مختلف دول إفريقيا. كما انعقدت الأممية الاشتراكية للنساء ومجلس قيادة الأممية الاشتراكية، مع العلم أنه ولأول مرة في تاريخ الأممية الاشتراكية تعقد اجتماعات هذه الهياكل خلال 6 أيام في بلد واحد.
لقد حرص الحزب على تقديم الإضافات على المستوى الدولي انطلاقًا من دوره الأساسي في الأممية الاشتراكية التي يحتل فيها منصب نائب رئيس الأممية الاشتراكية. كما له موقع مهم في التحالف التقدمي، حيث الحزب ممثل في أعلى هيئة تقريرية لهذه الهيئة الدولية التي تضم أحزابًا اشتراكية واشتراكية ديمقراطية.
فالحزب من خلال تواجده في هذه المنظمات الدولية يساهم وبشكل فعال في الدفاع عن المصالح العليا للوطن كما نحرص، من خلال تواجدنا، على تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي من خلال البرلمانيين المتواجدين داخل هذه التنظيمات الدولية، ضمن إطار شراكة استراتيجية متوازنة تحترم المصالح المتبادلة، مع معالجة قضايا الهجرة من منظور إنساني وتنموي يتجاوز المقاربات الأمنية المحدودة. وتؤكد هذه السياسة على التضامن الثابت مع القضايا العادلة على المستوى الدولي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بالتوازي مع تعميق التعاون جنوب-جنوب وتطوير علاقات استراتيجية مع الدول الإفريقية كخيار أساسي يدعم التنمية المشتركة والاستقرار الإقليمي. هذا النهج المتكامل يهدف إلى بناء علاقات دولية متوازنة تعزز المصالح الوطنية وتسهم في نظام عالمي أكثر عدالة واستقرارًا.
سؤال: ما هي الأولويات الحزبية في مجالات التعليم والصحة والشغل والشؤون الاقتصادية؟
جواب: في مجال التعليم: نحن نؤمن انه لا يمكن الوصول إلى مصاف القوى الصاعدة بدون تعليم، لهذا الرهان اليوم هو تجويد التعليم العمومي وضمان تكافؤ الفرص، لأنه يمثل ركيزة أساسية للتنمية البشرية والاقتصادية المستدامة. فإصلاح منظومة التعليم بما يتلاءم مع متطلبات سوق الشغل المتجددة أضحى ضرورة ملحة في عصر يشهد تحولات متسارعة في المهارات المطلوبة. يتطلب هذا الإصلاح تطوير المناهج الدراسية لتشمل المهارات التقنية والرقمية إلى جانب المهارات الحياتية والإبداعية، وتعزيز التعليم المهني والتقني، وتقوية الروابط بين المؤسسات التعليمية وقطاع الأعمال. كما يستوجب توفير بنية تحتية تعليمية متطورة وتأهيل الكوادر التعليمية، مع ضمان وصول جميع الفئات الاجتماعية إلى تعليم جيد بغض النظر عن خلفياتهم الاقتصادية أو الجغرافية. بهذه الطريقة، يمكن للتعليم العمومي أن يكون محركًا حقيقيًا للحركية الاجتماعية ورافعة للتنمية الشاملة، ممهدًا الطريق لجيل قادر على المنافسة في سوق العمل العالمي والمساهمة في بناء اقتصاد المعرفة.
وفي مجال الصحة: الدولة الاجتماعية تنطلق من ضمان مرافق صحية تحفظ كرامة المواطن المغربي ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية في المملكة. فالولوج العادل للخدمات الصحية حق أساسي من حقوق الإنسان، يجب أن يتمتع به جميع المغاربة بغض النظر عن وضعهم الاقتصادي أو موقعهم الجغرافي. ولتحقيق ذلك، يتطلب الأمر تعزيز التغطية الصحية الشاملة من خلال توسيع نطاق التأمين الصحي الإجباري ليشمل الفئات الهشة والعاملين في القطاع غير المهيكل، مع تطوير البنية التحتية الصحية خاصة في المناطق النائية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة عبر تأهيل الموارد البشرية وتوفير التجهيزات والأدوية الضرورية. فالارتقاء بالمنظومة الصحية يستلزم مقاربة شمولية تجمع بين الاستثمار المادي وتبني حكامة جيدة ترتكز على الشفافية والمساءلة، مما سيسهم في تعزيز ثقة المواطنين في النظام الصحي ويضمن حقهم في الصحة بكرامة.
وكذلك في مجال الشغل: ندرك أن خلق فرص العمل اللائقة والمستدامة يُعد تحديًا محوريًا في عالمنا المتغير، ويتطلب منا تجاوز الرؤية التقليدية والتفكير بشكل إبداعي. فبدلًا من الاكتفاء بنماذج التوظيف التقليدية، أصبح من الضروري تبني رؤية متجددة تستجيب لتطلعات الشباب وتوفر أشكالًا متنوعة من العمل تناسب مهاراتهم وطموحاتهم. هذا النهج المبتكر يجب أن يترافق مع حماية حقوق العمال وتحسين ظروف عملهم، بما يضمن بيئة عمل صحية وآمنة، وأجورًا عادلة، وتوازنًا بين الحياة المهنية والشخصية. إن التحول نحو اقتصاد أخضر ورقمي يفتح آفاقًا جديدة لفرص العمل التي تجمع بين الاستدامة والابتكار، ويمكّن الشباب من تحقيق ذواتهم مهنيًا مع المساهمة في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة للمجتمع.
أما في المجال الاقتصادي فالحزب، في إطار قناعته الدائمة بالتحيين الموضوعي، فهو بصدد تطوير نموذج يرمي لتحقيق العدالة الاجتماعية الهدف منه القضاء على اقتصاد الريع و بلورة استراتيجية متكاملة تجمع بين دعم القطاعات الإنتاجية وتشجيع الاستثمار من جهة، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية من جهة أخرى. فتحفيز النمو الاقتصادي عبر توفير بيئة أعمال محفزة للمستثمرين وتطوير البنية التحتية وتنويع مصادر الدخل القومي يشكل أساسًا صلبًا لتوفير فرص العمل وزيادة الدخل. مدركين أن النمو يجب أن يترافق مع سياسات إعادة توزيع عادلة للثروة، تضمن وصول الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والسكن اللائق إلى جميع المناطق والفئات، مع التركيز على المناطق النائية والفئات الهشة. لكون تحقيق التوازن بين هذين المسارين يمثل التحدي الأكبر، لأنه السبيل الوحيد لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة تعود بالنفع على الجميع.
سؤال: كلمة أخيرة للجمهور المغربي؟
جواب:
أود أن أوجه رسالة لكل المغاربة، خاصة الشباب، بأن العمل السياسي ليس شيئًا سلبيًا، بل هو وسيلة للتغيير وتحقيق التنمية. نحن في الاتحاد الاشتراكي ندعو الجميع إلى الانخراط في العمل السياسي، والمشاركة الفعالة في الانتخابات المقبلة، لأن التغيير يبدأ من صناديق الاقتراع.
كما أدعو إلى التحلي بروح المسؤولية، وعدم الانسياق وراء الشعبوية التي تضر بالممارسة الديمقراطية في بلادنا، باعتبار أنه لا توجد ديموقراطية في العالم بدون أحزاب سياسية فاعلة في أوطانها. المغرب بحاجة إلى وعي سياسي ناضج، وإلى أحزاب قوية تقدم برامج حقيقية، وليس مجرد شعارات فضفاضة.
سؤال: وأخيرًا، بعيدًا عن السياسة، تخيلي الأخت فتيحة سداس، أننا لجأنا إلى قارئة فنجان وطلبنا منها قراءة مستقبلك، فقالت: “هذه المرأة زعيمة سياسية بالفطرة، ربما وزيرة في الأفق، لكنها أيضًا بارعة في إدارة الملفات السياسية”…
هل تجدين نفسك في هذه التوقعات؟ وما هي طموحاتك الحقيقية؟
جواب فتيحة سداس: أنا أؤمن بأن العمل السياسي ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لخدمة المواطنين والمواطنات وتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع. طموحي الحقيقي هو الاستمرار في النضال من أجل قضايا الوطن، والمساهمة في بناء مغرب حداثي ديمقراطي يسوده العدل والمساواة. أما المناصب، فهي مسؤوليات تتطلب التفاني والإخلاص، وإذا كان لي شرف تقلدها، فسأعمل بما يمليه علي ضميري لخدمة بلدي بكل صدق وإخلاص.
نشكرك الأستاذة فتيحة سداس على تفاعلك مع أسئلتنا وتقديم إجابات واضحة وصريحة حول توجهات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. حوار اليوم كشف رؤية حزب القوات الشعبية لمستقبل العمل السياسي بالمغرب، خاصة فيما يتعلق بقضايا الشباب، النساء، والديمقراطية الداخلية، في ظل التحديات الراهنة التي تواجه المشهد السياسي الوطني والدولي.
حاور الأستاذة فتيحة سداس: الإعلامي المصطفى العياشي – جريدة “كابريس”