ريتا بدر الدين تكتب: صورة مصرية مشرفة

قبل موعد الافطار ،بدقائق اعتدت الوقوف في شرفة منزلي لاشاهد حركة المارة والسيارات التي تتسابق مع الوقت لتصل في الوقت المحدد للافطار .وكأن الشارع اصبح كالوعاء الفارغ ولايبقى فيه الا النذر القليل وهذا المشهد نراه في كل الشوارع العربية والاسلامية اذ تتوحد الاوقات والارادات رغم الاختلافات والذي لفت نظري وتابعته هو مشهد اثنين من عمال النظافة بزيهما المميز يكنسان الشارع حول الكنيسة دون استعجال و” كروتة ” حسب التعبير المصري ،ويضعان المخلفات وان كانت قليلة في العربة الخضراء التي ترافقهما.لقد ظننت انهما مسيحيان فلا مبرر للاستعجال لتناول الافطار .لكن ظني خاب فحين سمعت الاذان رايتهما يتجهان نحومنتصف الطريق الذي خلى من المارة والسيارات تقريبا.يفترشان الارض تحت الشجرة المزهرة بالورود الصفراء وعامود الكهرباء اي مكان سكة الترامواي الذي اقتلع وحل مكانه صف من الاشجار .
لم ار وجههمالكني رايت القناعة والرضى وهدوء النفس تنبعث من ذاتهما .سمعت صوت ابني يقول ياماما نحن بانتظارك ،ومع اني جلس الى مائدة الافطارمع العائلة الا ان هذا المشهد الذي رايته لم يفارق اهتمامي فواصلت الحديث عنهما وقلت ما رايته هو من الافطارات الجميلة ،التي تعبر عن العامل النشيط صاحب الضمير الحي الذي يقوم بواجبه باخلاص دون كسل وملل.ولقمة افطاره شهية وهنية وحلوة فهو يشعر بالرصى اكثر ممن يتناول الافطار في المطاعم والاماكن الفاخرة من يجلس تحت الشجرة مع الطبيعة فهو يكسب المتعة والرضى وحقا القناعة كنز لايفنى .كما تجلى من هذا المشهد روح المواطنة الجميلة في هذا الشهر الفضيل ،ما اروع ان ترى المسلم والمسيحي يخدمان تراب هذا الوطن ويعيشان بمحبة وسلام تجمعهما القيم الانسانية الموحدة .وماشاهدته جميل جدا عامل مسلم يواصل اداء عمله امام الكنيسة ويفطر قربها ملتزما بالتقيد بالموعد المحدد الافطار دون خلل بالنظام والواجب ،فتحية واحترام لهولاء العمال الذين يقدموا لنا صورة مشرفة مصرية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى