د. داليا المتبولي تكتب: هوية الدراما والفن المصري …حرب الوعي والفكر

حينما تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الدراما والإعلام، لم يكن يتحدث باعتباره مسؤولًا فقط، بل باعتباره مواطنًا مصريًا يدرك جيدًا أن الشاشة ليست مجرد أداة للترفيه، بل هي مصنع العقول والمفاهيم، ولهذا كان التدخل ضروريًا، لأن الأزمة ليست أزمة فن فقط، بل أزمة وعي.
الدولة تدرك أن المعركة ليست بين مبدع وجمهور، بل هي معركة هوية، معركة وعي، معركة مستقبل، فإذا سمحنا لهذا التشويه أن يستمر، فقد نجد أنفسنا أمام أجيال لا تعرف مصر، ولا تفهم مجتمعها، ولا ترى فيه سوى ما يُعرض على الشاشات.
ولذلك جاء التحرك من خلال لجنة تضم كبار المفكرين والمثقفين، تعمل على إعادة صياغة المشهد الدرامي، ليس بوضع قيود على الإبداع، بل بوضع معايير تحمي الذوق العام، وتحفظ القيم، وتضمن أن ما يُعرض على الشاشات لا يكون معولًا لهدم المجتمع، بل جسرًا يوصل الناس إلى فهم أعمق لحياتهم وتحدياتهم.
الكاتب الذي يمسك بالقلم، والمخرج الذي يختار زوايا الكاميرا، والمنتج الذي يقرر أي قصة ستُروى، كلهم مسؤولون أمام المجتمع، وأمام الأجيال القادمة، وأمام التاريخ.
، إذا كانت الدراما مرآة الواقع، فقد آن الأوان أن نستعيد هويتنا الحقيقية على الشاشة، أن نرى المصري كما هو، لا كما يريد البعض أن يكون، أن نعيد للمرأة دورها الحقيقي، أن نُبرز الصراع الإنساني في أبعاده الحقيقية، لا أن نحصره في معارك الدم والصفقات القذرة
في النهاية، نحن لا نطلب دراما مثالية، ولا نريد أن نحولها إلى درس تعليمي جاف، بل نريد دراما تحترم عقول المشاهدين، تناقش قضاياهم بصدق، تقدم لهم شخصيات تشبههم، لا تشوههم
إما أن نصنع دراما تنير الطريق، وإما أن نترك الساحة لمن يعبث بالعقول، ويفرغ المجتمع من مضمونه، ويحوّل الفن إلى سلعة تُباع في سوق الإثارة الرخيصة.
الاختيار لنا، والمسؤولية في أعناق الجميع.