خطبة الجمعة الثالثة من رمضان.. “الأم باب رحمة الله”

حددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة الثالثة من شهر رمضان الكريم، اليوم الموافق 21 مارس 2025، وذلك في جميع مساجد الجمهورية، تحت عنوان “الأم باب رحمة الله”، بالتزامن مع الاحتفال بعيد الأم اليوم.

وقالت وزارة الأوقاف، إن الهدف من موضوع خطبة الجمعة اليوم، هو التوعية بفضل ومكانة الأم، ووجوب طلب برها ورضاها.
فيما أكدت “الأوقاف”، أن الخطبة الثانية ستتناول التحذير البالغ من التحرش الإلكتروني.

نص خطبة الجمعة

وجاء نص خطبة الجمعة اليوم، كما أعلنته وزارة الأوقاف، كما يلي:

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، نحمدك اللهم حمد الشاكرين، ونسألك اللهم الهدى والرضا والعفاف والغنى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه وخليله، صاحب الخلق العظيم، النبي المصطفى الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن شهر رمضان موسم البر والمحبة والصلة والقرب، وإذا سألت عن إنسان يستحق أسمى معاني البر وأنقى آيات المحبة، وأعمق مظاهر القرب، فاعلم أنه الأم.

أيها الكرام، إن الأم أساس البيوت وروحها، ومصدر أمانها وأنسها، وموطن سكنها وطمأنينتها، تطيب الحياة بوجودها، ويسعد القلب بحنانها، نبعها فياض لا ينضب، وودها زلال لا يجف، الأم وطن لا يفي بحقه جميل الكلمات ولا يؤدي شكرها عظيم التضحيات، وإنما محلها سويداء القلب وكفى به مستقرا وموطنا، ويكفي أن الجناب المعظم صلوات ربي وسلامه عليه جعل برها ولزوم خدمتها ونيل رضاها سبيل الخلود في دار السعادة والنعيم والخلود، حين قال صلى الله عليه وسلم: «الزمها، فإن الجنة عند رجلها».

أيها النبيل، اقدر لأمك الغالية قدرها؛ إنها الدرة السامية واللؤلؤة المصونة، كم من ليال لأجلك سهرت، وكم من هموم عنك أزالت، وكم من دعوات في جوف الليل جعلتها لك، وقد عبر الوحي الشريف عن بعض مكارمها وتضحياتها، فترى القرآن الكريم يوصي ببر الوالدين ويخص حال الأم بمزيد من الإيصاء الذي يدعو إلى زيادة التكريم والإجلال والتبجيل، فقال سبحانه: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}، وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن}، وها هو الجناب الأنور صلوات ربي وسلامه عليه يوصي ببرها وصية بالغة، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك».

أيها المكرم، إن الأم خلقت لتعامل بأسمى معاني الاعتزاز والإكبار، وأغلى مشاعر التقدير والاحترام؛ لمنزلتها العليا ومقامها السامي في مدارج البطولة والتضحية، والصبر وإنكار الذات، والاعتلاء على مشاعر الحزن والألم، ليكن حالك مع أمك ابتسامة حانية، وكلمة راقية، وأيادي ساخية، وخدمة بالغة، تودد وتحنن، وتلطف وتكرم، واعلم أن ذلك كله بعض حقها؛ فإن جميلها أعظم من أن يوفى، فعن أبي بردة قال: إن رجلا من أهل اليمن حمل أمه على عنقه، فجعل يطوف بها حول البيت، ثم قال: أتراني جزيتها؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لا، ولا بزفرة واحدة من زفرات الولادة.

ويا أيتها الأمة المرحومة، بالغوا في إكرام الآباء والأمهات في أيام الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وأنتم على أعتاب ليلة القدر ليلة الأسرار والأنوار والتجليات والرحمات، ليلة العفو والسماح، والكرم والشهود، ليلة يتجلى فيها دعاء المضطرين وتسبيح المنيبين، وانكسار التائبين، ليلة تنزل أعظم كتاب على أعظم إنسان {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر}، والزم أيها المكرم الدعاء النبوي الشريف «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وما أجمل أن يكون لوالديك الكريمين من دعائك في هذه الليلة أوفى الحظ وأعظم النصيب {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.

نص الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن التحرش الإلكتروني كلمات جارحة، ومنشورات منكرة، وتعليقات خبيثة، تترك آثارا نفسية مدمرة في النفوس، وتسبب الاكتئاب والعزلة، فرفقا أيها الكرام بالقوارير.

أيها الناس، إن المرأة كيان محترم، وإنسان موقر، حرمته موفورة، وكرامته محفوظة، فلا يليق أبدا أن تعامل امرأة بعنف، أو يوجه إليها تنمر، أو يعتدى عليها بتحرش، فيا أيها المعتدي أفق وتب إلى الله جل جلاله، وليكن حاديك هذا التحذير البالغ والنهي الشديد، يقول سبحانه: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين }، وهذا الوعيد الإلهي الأكيد {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، أخاطبك -هداك الله- بلسان البيان النبوي الشريف «أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟ أترضاه لعمتك؟ أترضاه لخالتك؟»، فكما تدين تدان، فرحماك بأهلك وعرضك، ورفقا ببنات الناس.

ويا أيها السادة، اعلموا أن مكافحة التحرش الإلكتروني ليست مجرد واجب ديني أو التزام أخلاقي، بل هي واجب وطني وإنساني، وإن مجتمعنا لن ينهض إلا إذا تخلص من هذه الآفات، وإن مستقبلنا لن يكون مشرقا إلا إذا حمينا أبناءنا وبناتنا من هذه المخاطر، وزرعنا داخلهم عفة يوسف، وطهارة مريم، وحياء سيد الكونين والثقلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

أيها الكرام، اجعلوا رمضان شهر أدب ورقي وإكرام وإحسان، أحسنوا إلى المرأة وأكرموها؛ فإنه ما أكرمها إلا كريم، وما أهانها إلا لئيم.

اللهم اجعلنا من أهل البر والعفة والصلة

وتقبل صيامنا وقيامنا

وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى