موقف وكالة الأمن القومى الأمريكية من التأييد الصينى لخطة الرئيس السيسى لإستعادة السلام وإعمار غزة

تحليل الدكتورة/ نادية حلمى
الخبيرة المصرية فى الشئون السياسية الصينية والآسيوية – أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف
أثار تحليلى الدولى السابق الهام على موقع المودرن دبلوماسى للتحليلات السياسية، بشأن مقترحاتى للسلام الإقليمى والدولى والطائفى الشامل، والتى تحظى برعاية ودعم وإهتمام صينى وروسى كبير، العديد من ردود الأفعال الدولية، ولا سيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. الأمر الذى دفع العديدين من الأوساط السياسية الرسمية الدولية للتواصل معى لإبداء إعجابهم ورأيهم فى مقترحاتى وإستضافتى رسمياً فى التلفزيون الرسمى الصينى للحديث عن التوافق بين الخطة الصينية والمصرية والأردنية والعربية لإعادة إعمار غزة، وكان لقاء شيق وممتع لى مع الصحفية والإعلامية الصينية البارزة “شو تشى لين” من مجموعة وسائل الإعلام التلفزيونية “شنتشن”
“Shuqi Lin” from ShenZhen TV media group
وربما لأول مرة أستشعر بحرج بالغ وشديد لتقييم كافة الأحداث والمستجدات التى حدثت لى بعدها مباشرةً. بدءاً من وجود تصميم أمريكى رسمى على إرسال دعوات رسمية لى للذهاب إلى واشنطن، ودعوات مماثلة وصلتنى من (وكالة الأمن القومى الأمريكية) للقائى، فضلاً بالطبع عن دور السفارة الأمريكية فى القاهرة فى محاولة حثى على عمل لقاءات رسمية فى واشنطن. وذلك على الرغم من تصميمى البالغ بتجنب أى مواجهة مباشرة لى مع الجانب الأمريكى الرسمى، نظراً للعديد من المضايقات الحقيقية المثبتة بأدلة قاطعة وملموسة نشرتها على مدار عدة سنوات سابقة تمس تعرض حياتى وسلامتى الشخصية للخطر الداهم بسبب تدخلات خارجية أمريكية لمضايقتى وتحويل حياتى كلها لكتلة من الجحيم، فضلاً عن تجنيد العديدين حولى، بالنظر لقربى الشديد منذ سنواتى الجامعية الأولى وحتى مرحلة مراهقتى المبكرة من السياسات الصينية ودفاعى عن قرارات المكتب السياسى للحزب الشيوعى الحاكم فى الصين، وهى أعلى سياسية تدير شئون الحزب الشيوعى فى بكين. بالإضافة كما ذكرت لدراستى المستفيضة لتجنيد الصينيين من إقليم الكايفنغ الصينى وتجنيدهم فى الجيش الإسرائيلى، وتأليفى لأهم كتاب دولى فى هذا الإطار لدرجة شراء كبرى الجامعات الأمريكية والعالمية المصنفة الأولى أمريكياً وعالمياً لنسخ منه، وعلى رأسها جامعة هارفارد الأمريكية المصنفة الأولى أمريكياً وعالمياً، فضلاً عن جامعات (ستانفورد- أوهايو- ميتشغان- بنسلفانيا- كولومبيا- نيويورك)، فضلاً عن حرص مكتبة الكونغرس الأمريكى على إقتناء نسخ منه. كما هو موضح دولياً لخريطة شراء والإستعانة بكتابى المشار إليه عن ملف تهويد الصينيين.
وفى خضم تلك الأحداث السابقة، تم توجيه دعوة دبلوماسية أمريكية لى بعيداً عن أى مقار دبلوماسية بالنظر لرفضى التام والقاطع حدوث إحتكاك مباشر بينى وبين الجانب الأمريكى الرسمى لوجود تتبعات ومضايقات مستمرة لى من طرفهم. وفوجئت بوجود مسئولين أمريكيين بارزين تحديداً من قبل (لجنة الأمن القومى الأمريكى) للقائى والإستماع لى فى قلب القاهرة ومجيئهم خصيصاً فقط لسماعى وسماع مقترحاتى ورأيى وليس أى شئ آخر مادامت لدى تحفظات على السفر واللقاء بهم فى قلب العاصمة الأمريكية واشنطن. وهو ما نقلته بشكل دقيق إلى الصينيين والمجتمع الدولى، بشأن وجود أصوات رسمية أمريكية تهتم بسماعى بشكل شخصى بشأن مقترحاتى للسلام المشار إليها. وبناءً عليه، وكما ذكرت فى السابق، سأحاول أن أعفى الجميع من أى حرج بالغ، مع ترحيبى التام بالتعاون مع جميع الأطراف كأكاديمية وباحثة ومحللة وأستاذة جامعية مصرية معروفة دولياً بتخصصها الدقيق فى الشأن السياسى الصينى وسياسات الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين، وهى نفسها عنوان أطروحة الدكتوراه الخاصة بى، ومقربة فى الوقت ذاته من الدوائر الصينية الرسمية فى بكين وعلى تواصل دائم معها.
كما سأنقل للجانب المصرى الرسمى كافة تساؤلات الجانب الأمريكى لى، ومحاولة إيجاد فرص للتقارب وتقريب وجهات نظر كافة الأطراف ببعضها البعض بعيداً عن أى ضغوط أمريكية تمارس علينا فى القاهرة بشأن قضية التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، وهو ما يرفضه الصينيين معنا بشكل تام وجذرى.
أما ما أراده الجانب الأمريكى منى بشكل دقيق، فلقد طلب منى الأمريكان تأكيداً من الصينيين بشأن مدى وجود رغبة جادة من بكين بشأن إبرام (إتفاقية سلام إسرائيلى – إيرانى برعاية صينية) – كما نوهت عن ذلك ونشرت ذلك من قبل – بشرط إيجاد حل فورى وعاجل من واشنطن يبقى سكان قطاع غزة على أرضهم ورفض تهجيرهم قسرياً، وهو ما أؤكده لهم وللجميع. بأن بكين تلوح لواشنطن وتل أبيب بورقة السلام الإسرائيلى الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط مقابل إعادة السلام ونشره فى المنطقة وإيجاد حل عاجل للقضية الفلسطينية، يقضى بعدم ممارسة ضغوط أمريكية على كلاً من مصر والأردن بخصوص ملف التهجير القسرى لسكان غزة.
كما أننى أبديت إنزعاجى فى الوقت ذاته من تصدير مشهد الرئيس الأمريكى “ترامب” لنا فى المنطقة وتصرفاته وسلوكياته غير المسئولة مع رؤساء وقادة دول وسياسيين، وكأنه فى مشهد إبرام إتفاقيات وصفقات تجارية لا سياسية. وطالبت مسئولى الأمن القومى الأمريكى بتصدير لجنة للمناقشة ولإيجاد حل بعيداً عن شخص الرئيس “ترامب”، والذى بات الشعور أو المزاج العام فى المنطقة وبين شعوبها برفض مقابلته أو مصافحته لما بدر منه من تقليل من شأن الطرف الآخر، وهذا ما لا يليق بلغة أهل السياسة والدبلوماسية المحنكين ولاسيما فى واشنطن. وأرجو أن تتفهم إدارة الرئيس الأمريكى “ترامب” مغزى مطلبى، لأن شعوبنا تقدر رؤساها وملوكها وقادتها وتحترمهم وترفض التقليل من شأنهم فى أى مقابلة سياسية أو دبلوماسية.
كما أننى – وعلى المستوى الشخصى – فوجئت بتتبع وفهم الجانب الأمريكى بشكل تام لعلاقاتى بالصينيين منذ أن كنت مجرد طالبة صغيرة فى جامعة بكين بالصين، مع تذكيرى بأسماء جميع أساتذتى الصينيين وزملائى فى الصين. وهو ما أثار إندهاشى بشكل تام، بالنظر إلى وضعى تحت مراقبة شديدة ومستمرة من طرفهم. وهو ما دفعنى لتذكر واقعة مميزة وجديرة بالطرح بيننا، بشأن دعوتى رسمياً مع عدد محدود جداً من قبل مركز دراسات الشرق الأوسط فى جامعة بكين لحضور جلسة نقاش مع (مسئول الملف النووى الإيرانى فى السفارة الإيرانية فى بكين)، وفوجئت خلال النقاش بتصميم مسئول الملف النووى الإيرانى فى بكين على التحدث باللغة الفارسية طوال اللقاء وليس باللغة الصينية أو الإنجليزية رغم إجادته التامة لها، مع وجود مترجم إيرانى يترجم من الفارسية إلى الصينية أو الإنجليزية. وهو ما فسرته من جانبى حينئذ بأنها خطة إيرانية متعمدة لجعل مسئول الملف النووى الإيرانى يتحدث فقط بالفارسية، حتى لا يتم تأويل وسوء فهم تصريحاته.
وذكرت الجانب الأمريكى بشئ غاية فى الخطورة والأهمية وقتها، ألا وهو بحرص الجانب الصينى خلال لقاء مسئول الملف النووى الإيرانى فى بكين، على دعوة دارس واحد أمريكى يهودى، ولم يتم دعوة طرف آخر سواه لحضور اللقاء. مع حرص الدارس الأمريكى على تسجيل اللقاء كاملاً مع مسئول الملف النووى الإيرانى فى بكين. مع العلم، بأن زميلنا الأمريكى اليهودى الذى حضر اللقاء وتمت دعوته من قبل الصينيين، فوجئت قبلها بعدة أشهر يستوقفنى خلال دراستى فى جامعة بكين بالصين، ليقول لى بأنه زميلنا الأمريكى اليهودى فى الجامعة وبأنه من أشهر العائلات اليهودية الأمريكية وأكثرها تأثيراً، ولم أكن أفهم لماذا قدم لى زميلنا الأمريكى نفسه بهذا الشكل فى الحرم الجامعى لجامعة بكين الصينية، لأنه كان فقط بإمكانه تقديم نفسه لى بأنه زميل أمريكى ويكفى، وكان الزميل المشار إليه يعرفنى على هويته ويؤكد لى بأنهم مهتمون بى. ولم أكن وقتها أفهم جلياً ما يدور، إلا بعد وصولى وإستقرارى بمصر، فوجئت بأننى موضوعة تحت رقابة صارمة ومشددة من الأمريكان، لتفهمهم التام بأننى الأكاديمية والباحثة الحقيقية التى تفهم الصين وحزبها الشيوعى الحاكم فى الصين من وجهة نظر أيديولوجية صارمة، لذا كان التخوف الأمريكى منى بشكل تام من محاولة السيطرة على كما فهمت ذلك بعد ذلك، لكيلا أنشر الأفكار الشيوعية الأيديولوجية فى مصر والمنطقة، وأجذب الجميع نحو أفكار الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين، خاصةً وأن أطروحة الدكتوراه الخاصة بى فى الشأن السياسى الصينى وسياسات الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين.
كما أننى رددت كذلك على الجانب الأمريكى فى حينه، بأنه لو تم وضعى من طرفكم تحت رقابة صارمة ومشددة منذ سنوات دراستى الأولى فى العاصمة الصينية بكين، فأنا كنت أخطر وأهم باحثة مصرية وعربية وأجنبية درست ملف تهويد الصينيين كاملاً داخل العاصمة الصينية بكين، وكنت أعلم أسماء جميع زملائى الطلبة الأجانب اليهود فى قلب الحرم الجامعى حتى المتخفيين منهم، كما أننى درست كذلك ملف التبشير المسيحى كاملاً للصينيين فى قلب العاصمة الصينية بكين ذاتها، وقابلت جميع القساوسة الأمريكان والبريطانيين الذين يسعون للتبشير ولنشر المسيحية بين أوساط الصينيين، وذلك من خلال ترددى على الكنائس المسيحية فى الصين، وبالأخص الكنيسة الكورية والكنيسة البروتستانتية البريطانية فى العاصمة الصينية بكين. بل جمعتنى وقتها علاقة صداقة وطيدة مع القسيس البريطانى “مارك” وزوجته السيدة “ديانا” المسئولين عن الشئون الكنسية البريطانية البروتستانتية فى قلب العاصمة الصينية بكين، رغم علم الجميع وعدم إخفائى لهويتى وديانتى بشكل تام، بأننى مواطنة مصرية مسلمة.
كما إننى أفتخر بكونى الأكاديمية والباحثة المصرية والعربية الوحيدة التى سمح لها بدراسة ملف التهويد والتبشير داخل الصين، وفهمى التام والحقيقى، لوجود مخالفات من قبل بيوت الشاباد المخصصة للصلوات اليهودية والمعابد اليهودية فى الصين، والتى تسمح بدخول ودعوة الصينيين داخلها لتهويدهم ونشر الديانة اليهودية رغم أنها ليست ديانة تبشيرية بل من ناحية الدم للأم فقط، وصولاً لإلتقاطى صور للصينيين من داخل بيوت الشاباد والمعابد اليهودية فى الصين ونشرها تفيد مخالفة بيوت الشاباد والمعابد اليهودية فى الصين للقانون والدستور الصينى، الذى يحظر دعوة الصينيين إلى دور العبادة الخاصة بالأجانب، والعكس. وفقاً لما أقرته دستور (لجنة شئون الأقليات الدينية) التابعة للحزب الشيوعى الحاكم فى الصين. وهو ما فتح على أبواب الجحيم على مصراعيها مع التوعد بالإنتقام الفورى منى من قبل اللوبى اليهودى فى واشنطن، بسبب نشرى وإلتقاطى لتلك الصور التى تثبت مخالفة بيوت الشاباد والمعابد اليهودية فى الصين للقوانين واللوائح والقرارات الصينية المنظمة لعمل دور العبادة الخاصة بالأجانب فى الصين التى تحظر دخول الصينيين داخلها، وهو الأمر الذى يستلزم إغلاقها فوراً من قبل السلطات الصينية. وهو ما أدى لشن حرب شعواء على فى القاهرة، بإستخدام (الإرهابيين من قبل جماعة الإخوان الممولين والمدفوعين أمريكياً) وجعلها حرب شوارع معى فى قلب مصر. مما أدى لأخذى موقف صارم وحذر فى نهاية المطاف إزاء كل ما هو أمريكى، نظراً لخوفى البالغ منهم ومن ردة فعلهم إزاء كتاباتى وتحليلاتى الدولية المتعلقة بالصين وبحزبها الشيوعى الحاكم وبملف تهويد الصينيين وكشفى وإطلاعى على أدق أدق التفاصيل والأسرار والخبايا المتعلقة بهذا الملف، بل وتحليله للصينيين أنفسهم وللمجتمع الدولى بأسره كما أطلعت عليه بشكل تام ودقيق فى قلب الصين.
مع الوضع فى الإعتبار، بأن كافة الكنائس المسيحية وحتى المساجد نفسها فى الصين، كمسجد السفارة السودانية فى قلب العاصمة الصينية بكين كأكبر مسجد يجمع الجالية العربية والمسلمة فى بكين، تلتزم جميعها بالقوانين والأنظمة واللوائح والقرارات الصينية المنظمة لعمل دور العبادة الخاصة بالأجانب فى الصين، والرافضة لدعوة أو إستضافة صينيين بداخلها وإلا يتوجب إغلاقها فوراً، بالنظر لوجود دور عبادة خاصة بالصينيين أنفسهم، وهو ما لمسته بنفسى من حرص صديقى القسيس البريطانى “مارك” وزوجته السيدة “ديانا” من التحرى بعناية فائقة وبدقة من شخصية كافة المترددين على الكنيسة البروتستانتية البريطانية فى العاصمة الصينية بكين، ومواعيد صلواتهم وترددهم على الكنيسة البروتستانتية البريطانية فى بكين كل يوم أحد فى ميعادى الثامنة صباحاً ثم الحادية عشرة صباحاً، منعاً لعدم دخول صينيين إليها، وبالتالى التهديد بإغلاقها من قبل السلطات الصينية، خاصةً من قبل بعض الأقليات الصينية، خاصةً من إقليم شينغيانغ الصينى ذات الأغلبية المسلمة، والتى لا تتبع ملامحهم نفس ملامح أغلبية الهان الصينية.
كما أن نفس تلك الظروف قد قادتنى بتقديم الصينيين لى للأسرة المصرية البهائية الوحيدة التى تعيش منذ فترة الثمانينيات فى العاصمة الصينية بكين، وليست على إختلاط تام ونهائى بباقى الجالية المصرية والعربية فى الصين، بل لا يكاد أحد يعلم عنها شيئاً، والتى ذهبت للصين وأقامت بها هروباً من مضايقات حقبة الرئيس “السادات” لهم بسبب إعتناقهم للبهائية ونشرها. وذهابى لمقابلتهم والسلام عليهم. وإبنهم المصرى مهندس الكومبيوتر الذى درس هندسة الكومبيوتر والبرمجيات فى جامعة شينخوا العريقة فى الصين، وعمله حتى هذه اللحظة فى مقر شركة جوجل ومايكروسوفت فى الصين. وإحتفاظه وأسرته بالطابع المصرى رغم إقامتهم ودراستهم وعملهم جميعاً فى بكين منذ فترة الثمانينيات أيام حقبة الرئيس “السادات” رحمه الله كما حكوا لى.
بإختصار شديد، كان ردى صارم على الجانب الأمريكى الذى جاء خصيصاً لمقابلتى فى القاهرة. بأننى أكاديمية مصرية رفيعة المستوى، درست كافة الملفات والقضايا الشائكة، ولدى علم ومعرفة واسعة وإطلاع بكافة الأطراف والظروف والتشابكات. مع حرص جميع الأطراف الدولية والدبلوماسية على الإستماع لى وفهم وجهة نظرى كاملة فى مصر بشأن علاقات الصين بالولايات المتحدة الأمريكية وكافة مناطق الصراع والنفوذ بينهما. وبالتالى، فأنا لست فى حاجة للحصول على دعم أمريكى وخلافه، بالنظر لكونى أتفوق على عدد كبير من الدارسين الأمريكان والغرب أنفسهم فى فهم الصين تحدياتها وقضاياها وكافة تشابكاتها الدولية من وجهة نظر صينية بحتة.
وبناءً عليه، كان ذلك هو المدخل الرئيسى والجوهرى لفتح الحوار بينى وبين الولايات المتحدة الأمريكية ومسئوليها، والذين كان فقط يعنيهم فقط الإستماع لى وفهم وجهة نظرى كاملة كأكاديمية مصرية مقربة من الدوائر الصينية فى القاهرة.
وما ذكرته عن نفسى لكم وللأمريكان، ربما كان هو ذاته محور كلامنا بشأن أننى أكاديمية مصرية تم إعدادها بعناية للنقاش والحوار وتحظى كتاباتها وتحليلاتها عن الصين وسياسات حزبها الشيوعى وكافة قضاياها بموضع تقدير دولى بالغ، مع حرص العديد من وسائل الإعلام والجامعات الدولية بل والصحافة العالمية على ترجمة العديد من تحليلاتى إلى لغتهم لتسهيل التعرف على تحليلاتى لأبناء شعبهم وأكاديميهم والمعنيين.
وبناءً عليه، وضعت أسس الحوار بينى وبين الجانب الأمريكى الرسمى، حتى يتفهموا وهم بالقطع يتفهمون ذلك، مدى أهميتى البالغة وأطالبهم بضرورة الإستماع والإنصات لى بعناية بالغة. وتأتى أبرز النقاط التى دارت بيننا، كالآتى:
١- نقلى لمسئولى الأمن القومى الأمريكى بفشل أى إتفاقيات وصفقات سلام قادمة فى المنطقة بين الدولة العبرية وغيرها، بالنظر لحالة الإستياء الشعبى والسياسى من سياسات واشنطن وتل أبيب فى المنطقة خاصةً بعد حرب غزة، ومطالبتهم بضرورة تحسين صورتهم لدى الرأى العام العربى والشعوب العربية. وبرفضنا التام والمطلق لملف التهجير القسرى لسكان قطاع غزة من أرضهم. مع نقلى الإتفاق الصينى مع الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة ومنع تهجير مواطنيها. وهو ذاته ما أكده وزير الخارجية الصينى “وانغ يى” خلال كلمته فى الدورة السنوية للهيئة التشريعية الوطنية الجارية فى مارس ٢٠٢٥، وتأكيده على أن “غزة أرض تنتمى إلى الشعب الفلسطينى، وهى جزء لا يتجزأ من الأراضى الفلسطينية”. مع تأكيد “وانغ يى”، بأن “تغيير وضع غزة بالقوة لن يجلب السلام، بل سيسبب فوضى جديدة أخرى عارمة فى المنطقة”.
٢- نقلى لمسئولى الأمن القومى الأمريكى، حرص بكين على عدم إستبعاد أى طرف من الحوار الفلسطينى، مع حث بكين لجميع الفصائل الفلسطينية إلى الإلتزام بإعلان بكين لتحقيق الوحدة الفلسطينية وتعزيز قوتها الذاتية داخلياً، مع ضرورة تجاوز جميع الخلافات فى منطقة الشرق الأوسط لدعم إقامة الدولة الفلسطينية، ويجب على المجتمع الدولى فى الوقت ذاته بناء توافق وتعزيز السلام بين فلسطين وإسرائيل.
٣- قدمت إقتراحات حقيقية وفورية للجانب الأمريكى الرسمى بشأن كيفية تحسين صورتهم لدى شعوبنا، مع حثى لهم بضرورة أن تتصرف الولايات المتحدة الأمريكية كقوى عظمى مسئولة دولياً، وعليها التكفل بمسئولياتها الدولية كاملة تجاهنا، مع عدم إيقاف برامج هيئة المعونة الأمريكية، والتى سببت العديد من اللغط بين فئات المحرومين منها فى المجتمع المصرى، كطلبة الجامعة الأمريكية فى القاهرة، وغيرها.
٤- طالبت الأمريكان بعمل مشروعات تنموية فى القاهرة لمساعدة أبنائنا، خاصةً مع تدهور تلك الصورة الأمريكية كقوى عظمى رائدة ديمقراطياً بيننا، ويمكننى هنا إيصال صوتى للسيد/ جون راتكليف، بصفته مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية الجديد فى عهد الرئيس الأمريكى “ترامب”، بأن صورة الولايات المتحدة الأمريكية قد إهتزت بشكل تام لدى شعوبنا، وأبدى إستعدادى لمعاونتهم على فهم طبيعة الشعب المصرى والعربى القادر والمؤثر على صناع قراره فى تجنب الولايات المتحدة الأمريكية إعلامياً وشعبياً. وبناءً عليه، فأنا أقترح على الجانب الأمريكى – وكأستاذة جامعية مصرية فى قسم العلوم السياسية فى جامعة بنى سويف فى جنوب مصر – بتحديث قسم الجراحة العامة فى جامعة بنى سويف وتحديث المستشفى الجامعى له وتدريب كوادره وأساتذته بأحدث الأجهزة والتقنيات وتدريبهم عليها، فضلاً عن تشجيعى الجانب الأمريكى على إيجاد منفذ للتواصل معى، لفهم كافة إحتياجات المستشفى الجامعى فى جامعة بنى سويف، من وحدة الغسيل الكلوى وخلافه، لتقديم خدمات ومنح وإهداءات أمريكية للمستشفى الجامعى فى قلب جامعتى الذى أعتز بشدة للإنتماء لها فى بنى سويف. فضلاً عن تشجيعى الجانب الأمريكى بتعميم تجربته تلك على جميع المستشفيات الجامعية المصرية، لمساعدة وتقديم يد العون والمساعدة لمرضانا، أملاً فى تحسين تلك الصورة القاتمة والسلبية فى أذهان الرأى العام المصرى، ولاسيما فى أوساط الفقراء منهم
٥- كما أنتهز الفرصة كذلك، لدعوة الجانب الصينى لفعل المثل، مع ترحيبى بتواصل الصينيين معى للمنافسة على فعل الخير مع الجانب الأمريكى، لتحديث المستشفى الجامعى الخاصة بجامعتى فى بنى سويف بعد تواجدى بها، وإكتشافى لإحتياجها الكثير من التقنيات والأجهزة الحديثة والمتقدمة، خاصةً تلك العاملة بمجال الذكاء الإصطناعى، كنوع جديد فى حاجة للتدريب عليه تقنياً فى مستشفياتنا الجامعية المصرية. وأنا يعنينى هنا فى المقام الأول صحة المصريين والفقراء منهم. مع تشجعى للجانبين الأمريكى والصينى بعمل برامج مشتركة لتعليم أبنائنا العديد من الحرف اليدوية وكيفية تصريفها وبيعها وتسويقها دولياً. فأعتقد لو تم ذلك، ستتحسن صورة الولايات المتحدة الأمريكية القاتمة والسلبية كما أشرت بشكل كبير بين شعوبنا الرافضة فى الوقت الحالى لسماع أى صوت رسمى أمريكى.
وكلى يقين فى أن يتفهم الأمريكان ومعهم الصينيين كذلك لوجهة نظرى كاملة، وأنا أدعوهم للعمل معنا ومساعدتنا فى برامج تنموية وصحية، بعيداً عن أى أجندة أمريكية ضيقة لحقوق الإنسان والديمقراطية التى جميعنا على خلاف الآن معها، بعد فشل نشر الديمقراطية الأمريكية فى العراق وأفغانستان وحول العالم كله بشكل ذريع.
٦- تأكيدى للأمريكان رفض الجانب الصينى لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مع تكفل الصين مع كافة الدول العربية بإعادة إعمار غزة بشكل فورى وعاجل، مع إتفاق الصين مع الرئيس “عبد الفتاح السيسى” بشأن مقترحه حول الإتفاق على تشكيل “لجنة تكنوقراط غير فصائلية” لإدارة قطاع غزة لمدة ستة أشهر على الأقل تحت مظلة السلطة الفلسطينية، مع إعطاء مهلة محددة للصين وغيرها من كافة الأطراف الفاعلة لإعادة إعمار القطاع.
٧- تأكيدى على تمسك الصين ومعها مصر والأردن وكافة دول المنطقة، بمبدأ “الفلسطينيون يحكمون فلسطين” فى إدارة غزة بعد الحرب بما يتماشى مع حل الدولتين والهدف النهائى المتمثل فى تحقيق التعايش السلمى بين فلسطين وإسرائيل، فضلاً عن تحقيق السلام والإستقرار على المدى الطويل فى منطقة الشرق الأوسط. وقد عبر الرئيس الصينى “شي جين بينغ”، عن ذلك الموقف خلال القمة العربية الصينية الأولى التى إنعقدت بالمملكة العربية السعودية فى ٩ ديسمبر ٢٠٢٢، بتأكيده على أنه “لا يمكن أن يستمر الظلم التاريخى الذى يعانى منه الشعب الفلسطينى إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطينى، كما أن التطلعات لإقامة دولة مستقلة لا تقبل الرفض”، وأن بلاده “تدعم بكل ثبات إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعم نيل فلسطين العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، وستواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الجانب الفلسطينى”.
٨- تقديمى للرؤية الصينية كاملة بشأن كيفية وآلية تنفيذ خطة إعمار غزة بشكل سريع وعاجل، من خلال الإستفادة من الخبرة الصينية فى إنشاء وبناء ناطحات سحاب عملاقة، وهو نفسه ما بنيت عليه الخطة الصينية لإعادة إعمار القطاع على طريقة البناء الصينية، حيث تقام عمارات شاهقة من قبل الصين فى قطاع غزة بإرتفاع نحو ٥٠ طابقاً، على أن تعطى شقة سكنية ملائمة لكل عائلة فلسطينية من سكان قطاع غزة تقبل السكن فيها بشكل دائم، كحل سريع لإعادة إعمار القطاع المنكوب.
وأخيراً، فإن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تحظى بإعتراف الأمم المتحدة والشرعية الدولية هو الضمانة الأساسية لإحلال السلام فى المنطقة، ولعل هذا هو الموقف الذى يتماشى مع موقف العديد من دول العالم، وإتجاه عدد كبير من الدول الغربية للإعتراف بالدولة الفلسطينية وأحدثها إعتراف كل من (إسبانيا وأيرلندا والنرويج) بالدولة الفلسطينية، مبررين ذلك الموقف بأنه يساعد الفلسطينيين والإسرائيليين على تحقيق السلام ويشكل إتجاهاً عالمياً يساند ويدعم قيام الدولة الفلسطينية والتي يحب أن يسبقها الإعتراف بالعضوية الدائمة لها فى الأمم المتحدة، وهى نفسها المسؤولية الملقاة على عاتق الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن والحيلولة دون إستخدام حق النقض “الفيتو” لمنع الفلسطينيين من تحقيق أحلامهم المشروعة.