مستقبل غزة: بين الدمار والفساد – هل هناك أمل حتى 2026؟

علاء حمدي
تعيش غزة واحدة من أصعب الفترات في تاريخها، حيث تتفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية يومًا بعد يوم، في ظل استمرار الحصار والتدهور المعيشي، بينما تتزايد الشكاوى من الفساد الداخلي وسوء إدارة الموارد. في الوقت الذي يكافح فيه السكان لتأمين قوت يومهم، يعيش قادة حماس في رفاهية، مستفيدين من الأموال التي تتدفق على القطاع، دون أن يشعر المواطن بأي تحسن في حياته. الأزمة لا تتوقف عند حدود الفقر والجوع فقط، بل تمتد إلى حالة من القمع الداخلي والخوف المستمر من التصعيد العسكري، ما يجعل المستقبل أكثر غموضًا بالنسبة للملايين الذين يعيشون داخل القطاع.
في الأشهر الأخيرة، عبر العديد من سكان غزة عن إحباطهم ويأسهم من الوضع الحالي. حملة “بدنا نعيش” التي انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعكس حالة الغضب الشعبي، حيث كتب أحد الشباب العاطلين عن العمل: “نريد أن نعيش مثل أي إنسان طبيعي. نريد كهرباء، وظائف، حياة طبيعية. لا نريد أن نفكر بالموت عشرات المرات في اليوم”. في الوقت الذي يعاني فيه الناس من نقص الموارد الأساسية، لا تزال البطالة تتجاوز 50٪، ويعتمد 80٪ من السكان على المساعدات الخارجية للبقاء على قيد الحياة. الكهرباء لا تصل إلا لساعات محدودة يوميًا، والمياه النظيفة أصبحت ترفًا لا يتوفر للجميع، والأسعار في ارتفاع مستمر بسبب الضرائب التي تفرضها سلطات حماس.
الضغوط التي يعيشها سكان غزة لا تقتصر على المصاعب الاقتصادية فقط، بل تشمل أيضًا الخوف الدائم من التصعيد العسكري. كثيرون يتساءلون عن جدوى الصواريخ التي تُطلق من القطاع في كل جولة تصعيد، إذ يقول أحد السكان في حديث مع وسائل إعلامية: “نحن لا نريد صواريخ تُطلق من غزة، ولا نريد حربًا جديدة”. لكن هذه المخاوف لا تجد آذانًا صاغية، فالقرار ليس بيد المواطن العادي، بل بيد القيادات التي تواصل إدارة القطاع وفق حساباتها الخاصة.
الفساد الذي يتغلغل في أروقة الحكم داخل غزة يزيد الطين بلة، حيث تشير تقارير إلى أن ميزانية حكومة حماس السنوية تصل إلى ما بين 2 إلى 2.5 مليار دولار، معظمها من المساعدات الخارجية والضرائب التي تُفرض على السكان. لكن رغم هذا الرقم الضخم، لا يرى المواطن أي تحسن في ظروفه المعيشية، بل العكس تمامًا. الأموال التي تصل من دول داعمة مثل قطر وإيران لا تُستخدم في مشاريع تنموية أو تحسين البنية التحتية، وإنما يتم تخصيص جزء كبير منها للأنشطة العسكرية، بينما يستفيد منها كبار المسؤولين في الحركة الذين يعيشون في ظروف بعيدة تمامًا عن معاناة الناس.
تقديرات عديدة تشير إلى أن قادة حماس جمعوا ثروات هائلة على حساب الشعب. موسى أبو مرزوق، أحد كبار قادة الحركة، يعيش في قطر وتُقدر ثروته بأكثر من 2 مليار دولار، بينما يقيم إسماعيل هنية خارج القطاع في رفاهية، في الوقت الذي حصل فيه أفراد عائلته على تصاريح للخروج إلى تركيا في فترات الأزمات الكبرى داخل غزة. العديد من التقارير الصحفية أكدت أن عشرات المسؤولين في الحركة يملكون استثمارات وعقارات خارج القطاع، بينما يعيش سكان غزة على المساعدات ويتحملون تبعات القرارات السياسية التي تُتخذ دون النظر إلى مصالحهم.
في السنوات الأخيرة، حاول بعض المواطنين الاحتجاج على الأوضاع، لكن الرد كان قمعيًا من قبل أجهزة أمن حماس. عندما خرجت مظاهرات “بدنا نعيش” عام 2019 احتجاجًا على الضرائب المرتفعة وسوء الأوضاع المعيشية، تعرض المتظاهرون للقمع والاعتقالات. أي شخص ينتقد الوضع علنًا يجد نفسه عرضة للاعتقال أو التهديد، وهو ما أدى إلى انتشار حالة من الخوف بين السكان.
في ظل كل هذه الأزمات، السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ لا تبدو هناك بوادر لحلول قريبة، فالأزمات تتعمق، والفجوة بين القيادة والشعب تتسع يومًا بعد يوم. ورغم أن بعض المواطنين ما زالوا يتمسكون بالأمل، إلا أن التغيير لن يحدث إلا إذا قرر الناس أن يطالبوا بحقوقهم الحقيقية، بدلاً من الاستسلام لواقع يفرضه عليهم من يتحكمون بمصيرهم.