القاهرة الجديدة تتدهور.. فأين وزير الإسكان؟.. بقلم: د. صلاح الغزالي حرب

من غير المعقول ولا المقبول أن يحرص السيد رئيس الوزراء مؤخرا على عقد مؤتمر صحفى يتناول فيه بعض ما يهم المواطن المصرى فى حين أن معظم الوزراء يكتفون بجلوسهم فى مكاتبهم وحضور الاجتماعات، والمواطن المصرى فى حاجة إلى التعبير عما يعانى منه من مشاكل وأزمات لا تحصى. وفى رأيى أن هذا يرجع غالبا إلى طريقة الاختيار للمسؤولين فى كل الجهات وهو ما يسبب القلق والغضب ويشجع على نشر الإشاعات بين المواطنين. ولن أمل من ضرورة إنشاء ما يسمى بنك الكفاءات فى كل التخصصات والتى اقترحها منذ سنوات طويلة د. محمود عمارة رجل الأعمال الناجح والمصرى حتى النخاع وكذا عرض الأسماء ومناقشتها فى مجلسى النواب والشيوخ مع ضرورة التأكد من وجود الخبرة السياسية والتعامل مع المواطنين. واليوم أنا مضطر لإعادة الحديث عما يحدث فى مدينة القاهرة الجديدة– وأعلم يقينا أن هذا يحدث فى الكثير من المدن الحديثة التى تكلفت المليارات– وللأسف فلم يصلنى أى رد فعل أو تعليق من وزير الإسكان ومسؤولى المجتمعات العمرانية الجديدة وهو ما أعتبره إهانة لكل مواطن وهو صاحب الحق فى الحصول على أفضل الخدمات باعتباره دافع الضرائب لكل المسؤولين، كما أنى فشلت فى التواصل مع المسؤول الحالى عن القاهرة الجديدة الذى فيما يبدو ليس له رغبة فى التواصل مع الناس!.
وسوف أتناول اليوم بعض المنغصات التى تواجه أبناء القاهرة الجديدة، الذين دفع معظمهم كل ما يملكونه من أموال للعيش فى راحة من الضوضاء التى تعم المدن القديمة.
أولا.. أحوال المرور والميكروباص
١- يبدو أنه لا توجد أى رقابة حقيقية على الإطلاق على فوضى المرور فى القاهرة الجديدة فالسرعات لا حدود لها وخاصة بعد أن وسعت وزارة النقل الكثير من الشوارع فأصبحت مرتعا لكل متهور يسوق بغير حصوله على رخصة، وأصبح مستحيلا أن يحاول المواطن أن يعبر الطريق فى أمان وكثرت بالقطع الحوادث والسبب ببساطة يكمن فى عدم تحديد هندسى لأماكن مخصصة لعبور المشاة مع توفير العدد اللازم من كاميرات المراقبة وسحب رخصة السواقة والسيارة وإحالة المخطئ إلى مراكز التأهيل لسواقة السيارات. كما أناشد وزارة الداخلية أن تتوقف عن ما يسمى باللجنة والتى تعطل السير إلا فى أسباب أمنية طارئة وهو ما لا يحدث فى كل الدول المتحضرة من حولنا وتستبدل ذلك بوضع بعض سيارات الشرطة فى بعض الأماكن بغير شارة الشرطة ومهمتها سرعة ضبط السائقين المتهورين وإحالتهم فورا إلى نيابة المرور.
٢- الميكروباصات أصبحت تؤرق بشدة سكان المدينة حيث احتلت شوارع بعينها بأعداد كبيرة مما أثار الغضب والقلق بما ينتج عنه من أصوات عالية ومشاجرات وتلويث للبيئة وللشوارع، كما أنها تتحرك فى أى اتجاه وكل اتجاه بلا رادع من قانون وهو أمر خطير يجب مواجهته بإنشاء هيئة خاصة بهذه المركبات تشمل مهندسى الطرق ورجال المرور تضع خطة السير لكل سيارة وأماكن الوقوف والعودة مع توضيح للتسعيرة المتفق عليها ومراجعة الكشف على كل السائقين دوريا صحيا والكشف عن أى تاريخ للمخدرات ووضع جزاءات كبيرة وقاسية لكل المخالفين.. وينطبق الأمر على سيارات التوك توك التى بدأت فى الظهور ويجب أن تمنع تماما من السير.
ثانيا.. النظافة والقمامة
هناك إهمال شديد فى نظافة الشوارع والعناية بالكثير من الحدائق والقطع الخضراء، كما بدأ بعض السكان يضعون عوائق أمام منازلهم بغير استئذان بل وأيضا مطبات غير مدروسة أمام منازلهم نتيجة لعدم وجود مهندس مخصص لكل منطقة سكانية كما كان يحدث فى الماضى ونتج عن ذلك التواصل مع القاطنين لحل كل المشكلات.
ثالثا.. المولات الضخمة ونقص أماكن السيارات
أطالب المسؤول عن المجتمعات العمرانية بأن يوضح لنا ما يحدث فى القاهرة الجديدة من إنشاء عدد كبير من المولات الضخمة فى أماكن متقاربة وأماكن لا تصلح للمناطق السكنية وبعضها فى شوارع ضيقة وهل المكاسب المادية للهيئة تكون على حساب سكان المدينة؟. وبكل أسف لا نجد فى غالبيتها محلات بأسماء عربية فهل أصبحنا غرباء عن أصولنا العربية أم هو التباهى باللغات الأجنبية؟!، مع وجود قانون يحتم أن تكون اللافتات جميعها بالعربية ويمكن إضافة الاسم الأجنبى بجواره إذا لزم الأمر. وقد أدى ذلك إلى تفشى ظاهرة عصابات ما يسمى بالسياس والذين يفرضون الأموال بغير سند من قانون وأناشد المسؤولين أن يذهبوا إلى منطقة البنوك ورؤية مئات السيارات فى نهر الشارع تحت رحمة هؤلاء السياس ونتج عن ذلك استحالة دخول السيارات بيسر فى الأعياد والمواسم ومن حقنا أن نعرف من المسؤول ولمصلحة من؟، ولماذا لا تخطط الهيئة لإنشاء العدد الكافى من الجراجات قبل الشروع فى تلك البنايات الضخمة؟.
رابعا.. اختفاء الرصيف واحتلاله
فى عدة أماكن فى القاهرة الجديدة تجد الكثير من المحلات التى احتلت الرصيف وما نتج عنه من وجود مخلفات فى غيبة القانون وسيطرة عصابات السياس ولا أدرى لماذا لم يتم إنشاء أماكن تجمعات نظيفة ومرتبة تسهل على المواطن أن يشترى احتياجاته اليومية بديلا عن هذا التشوه غير اللائق للقاهرة الجديدة والذى لا يخضع لأى مساءلة؟!.
خامسا.. الكهرباء والمياه
تنقطع المياه فى أماكن متفرقة من المدينة بغير سبب واضح، وعن منطقة شمال الشويفات فإن المياه تنقطع تقريبا يوميا فى الصباح وقد تواصلت مع بعض العاملين فى هذا المرفق فقيل لى إن ضخ المياه صباحا يقل بسبب ارتفاع الأرض!!، وهو ما جعل الكثيرين يعتمدون على خزان للمياه فى المنازل فمن يتحمل مسؤولية هذا الفساد والإهمال؟. ومن ناحية أخرى تتكرر أوقات انقطاع الكهرباء بغير إنذار من الهيئة وتفسير ما يحدث للسكان.. وللأسف فإن انقطاع الكهرباء يكون غالبا نتيجة اصطدام البلدوزرات بأسلاك الكهرباء تحت الأرض على الرغم من وجود خرائط لكل السائقين فمن المسؤول عن هذا الإهمال؟.
سادسا.. الأمن والأمان
تكررت مؤخرا حوادث السرقة فى القاهرة الجديدة وكان آخرها فى منطقة الشويفات حيث تسلل اثنان ملثمان إلى منزل سيدة تعيش وحدها فى العمارة السكنية وقد حاولا خنقها مع صرخاتها ومقاومتها حتى سرقا خزينة مالية تخصها وهربا.. وقد لجأ فريق من سكان القاهرة الجديدة إلى وضع حواجز لمناطق سكنهم فى حراسة من بعض رجال الأمن الخاص وهو ما يشبه إلى حد ما ما يحدث فى الكومباوندات وأعلم أن هذا غير مسموح به كما أنى من الذين لا يشجعون العيش فى الكومباوندات ولكن فهمت أن هناك الكثيرين الذين يبحثون عن الأمن الذى يبدو أنه لا يكفى مع زيادة عدد السكان وأطالب بتشديد الرقابة الأمنية وخاصة فى هذه الظروف الصعبة.
خلاصة الأمر.. لقد جئنا إلى المدن الجديدة من أجل الراحة النفسية والبعد عن الفوضى والضوضاء ولكننا ندق الآن ناقوس الخطر بعد أن شعرنا بقرب ظهور العشوائيات وهو أمر خطير يتطلب الاختيار السليم لكل من يتولى مسؤولية هذه المدن، كما طالبت قبل ذلك بضرورة إعطاء مسؤوليات كاملة لمن يتولى ذلك المنصب، وكما طلب منى بعض رؤساء المدينة السابقين، بحيث لا يقل عن مسؤوليات المحافظ.
الاختيار السليم والمتابعة المستمرة والتواصل مع صاحب الشأن وهو المواطن وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب- هى الحل.