سجناء القدس الشرقية: شهادات قاسية من الأسر والحرية المؤجلة
يارا المصري
في إطار المرحلة الأولى من صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، شهدت القدس الشرقية الإفراج عن عدد من السجناء الشباب الذين عادوا إلى منازلهم بعد معاناة طويلة خلف القضبان. تجربة الأسر كانت محملة بالآلام والتحديات، لم تنتهِ تمامًا بالإفراج عنهم، حيث يروي أهالي الأسرى والسجناء أنفسهم عن الظروف الصعبة التي ما زالت تلاحقهم حتى بعد خروجهم.
والد أحد الشبان المفرج عنهم تحدث عن الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها ابنه بعد الإفراج عنه. رغم عودته بصحة جيدة، إلا أن الخوف يبدو واضحًا عليه، مما يُتوقع أن يؤثر على استعادته لحياته الطبيعية. الصعوبات لم تقتصر على الجانب النفسي فقط؛ إذ أشار الأب إلى الأعباء المالية الكبيرة التي تحملتها العائلة خلال فترة اعتقال ابنهم، بين تكاليف المحامين والإجراءات القانونية، ما أضاف عبئًا اقتصاديًا أثقل كاهل الأسرة.
شهادات الأسرى تضمنت تفاصيل مؤلمة عن المعاملة القمعية التي تعرضوا لها حتى اللحظة الأخيرة. ساعات طويلة في حافلات مغلقة ذات مقاعد حديدية ضيقة، وظروف قاسية في سجن عوفر العسكري، كانت جزءًا من محاولات الاحتلال لفرض مزيد من الضغط النفسي عليهم. عملية الإفراج نفسها لم تخلُ من التعقيد، حيث تأخرت الإجراءات لما يقارب 10 ساعات، تخللتها اعتداءات على عائلات الأسرى الذين تجمعوا لاستقبال أحبائهم.
الأسيرة المحررة حليمة أبو عمارة، التي عادت إلى منزلها في نابلس ضمن صفقة “طوفان الأقصى”، هي مثال آخر على المعاناة المستمرة. تعرضت خلال عملية الإفراج لسلسلة من الإجراءات القمعية التي تهدف إلى كسر فرحة الحرية. كما تلقى الأسرى تحذيرات مباشرة من ضباط الاحتلال بعدم الاحتفال بخروجهم، في محاولة لحرمانهم من لحظات الفرح التي كانت تستحقها سنوات معاناتهم.
إلى جانب المعاناة الفردية، تعيش عائلات الأسرى قلقًا دائمًا من عواقب خرق شروط الإفراج، مما يدفعهم لتجنب أي تجمعات قد تُفسَّر كخرق للقوانين الإسرائيلية الصارمة. هذا الخوف يضاعف من الضغط النفسي والاجتماعي على الأسرى وعائلاتهم، مما يجعل رحلة التحرر ناقصة وغير مكتملة.
رغم أن الإفراج عن الأسرى يشكل لحظة أمل وانتصار، إلا أن الروايات التي يرويها أسرى القدس الشرقية وعائلاتهم تكشف عن استمرار المعاناة بأشكال مختلفة. هذه الشهادات تسلط الضوء على أن الحرية، وإن تحققت، تبقى مؤجلة في ظل السياسات القمعية التي يسعى الاحتلال من خلالها إلى السيطرة على تفاصيل حياة الأسرى وأسرهم.