الدكتورة منال إبراهيم : الأمير طلال يرحمه الله مسيرة عطاء في خدمة التنمية
علاء حمدي
قالت الدكتورة منال إبراهيم المدير التنفيذي لمعارض الأمير طلال أنَّ في مسيرة المملكة العربية السعودية الحافلة بالإنجازات، برزت شخصيات قيادية تركت بصمات واضحة في مسيرة التنمية والتطور، ومن أبرز هذه الشخصيات الأمير طلال بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، الذي عُرف بلقب “أمير الإنسانية” نظراً لتوجهاته الإصلاحية وحسه التنموي المتقدم.
منذ بواكير حياته، أدرك الأمير طلال أن مستقبل المملكة والعالم العربي يكمن في التنمية الشاملة والمستدامة. لم يكن هذا الإدراك مجرد رؤية نظرية، بل ترجمه إلى واقع ملموس عبر مبادرات ومشاريع بدأت بسيطة وتحولت لرائدة، كان من أبرزها تأسيس برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) في عام 1980، الذي شكل نقلة نوعية في مفهوم العمل التنموي الإقليمي والعالمي.
وأضافت أن اهتمام الأمير طلال لم يقتصر على مجال تنموي واحد، بل امتد ليشمل مختلف جوانب الحياة. في مجال التعليم، آمن بأنه المفتاح الأساسي للتنمية البشرية، فأسهم في إنشاء المدارس ومنها أول مدرسة أهلية لتعليم البنات بالرياض محققاً هدف المساواة بين الجنسين في وقت كان تحقيق مثل هذا الهدف ما بين الصعب إلى المستحيل؛ فكان له دور بارز في تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، مؤمناً بأن التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا بمشاركة جميع فئات المجتمع.
وأوضحت: أن من أبرز إنجازات الأمير طلال تأسيس بنوك الشمول المالي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي أصبح صرحاً اقتصادياً مهماً في العالم العربي وخارجه. من خلال هذه المؤسسات البنكية، استطاع أن يدعم الكثير من المشاريع التنموية التي غيرت حياة أكثر من سبعة ملايين من المقترضين في تسع دول حول العالم. لم يكن البنك مجرد مؤسسة تمويلية، بل كان منارة للتنمية المستدامة وأداة فعالة لتحقيق التكامل الاقتصادي.
وأفادت: أنَّه كان للأمير طلال بصمات واضحة في المجال الصحي، في دعم برامج الرعاية الصحية الأولية وحملات التطعيم ومكافحة الأمراض. أدرك مبكراً أن الصحة ركيزة أساسية للتنمية البشرية، فعمل على إيصال الخدمات الصحية إلى المناطق النائية وتحسين جودة الحياة للفئات المحتاجة وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فقد أسس يرحمه الله أول مستشفى أهلي في الرياض عام 1957م، والذي عُرف باسم “مستشفى الأمير طلال” قبل أن يهبه للدولة ليصبح مستشفى الملك عبد العزيز الجامعي، محققاً بذلك الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة بأكثر من نصف قرن. واستمرت عجلة الإنجازات في هذا المجال فأسس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع (1991م) و كان الرئيس الفخري لها، و كان أيضاً عضوا مؤسساً و رئيساً شرفياً لجمعية إبصار للتأهيل وخدمة الإعاقة البصرية بجدة التي تمكنت من علاج و محو أمية عشرات الألوف من هذه الفئة .
واختتمت: تميزت رؤية الأمير طلال التنموية بنظرتها الشمولية والمستقبلية. لم يكتف بمعالجة التحديات الآنية، بل عمل على وضع أسس متينة للتنمية المستدامة. آمن بأن تمكين الشباب والمرأة وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي والاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا هي مفاتيح النجاح في عالم متغير.
إن إرث الأمير طلال التنموي يتجاوز المشاريع والمبادرات الملموسة إلى تأسيس نهج تنموي متكامل يجمع بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتطور الثقافي. كان يؤمن بأن التنمية الحقيقية هي التي تمس حياة الناس وتحسن معيشتهم وتفتح لهم آفاقاً جديدة للتقدم والازدهار برؤية ثاقبة وإرادة صادقة.