حسن البندارى الظل والليل

 

بقلم د : شيرين العدوي

 

أشكر القراء الذين تابعوا مقالى السابق «ألف» فقد ظللت الأسبوعين الماضيين أتلقى منهم التهنئة والإشادة.وقد تناولت فيه رواية باولو كويلو التى كانت تحمل نفس الاسم والتى ترمز إلى لفظ الجلالة الله «فألف» هو البداية وهو المنتهى وتساءلت فى نهاية المقال، هل نستطيع أن نحيا بدون أدب؟! أعلم اتجاه الدولة لتقليص المواد الأدبية والاتجاه إلى العلوم العملية، لكن علينا أن نوازن بين العلوم النظرية والأدبية فى مصر. فيصبح الأدباء والشعراء هم الصفوة والقادة الفكريين ممن يمتلكون الموهبة والشغف حتى لا يصبح الأدب مهنة من لا مهنة له. وبالتأكيد يحتاج العلميون إلى الأدب، فلا تفكير علميا بلا خيال ولا خيال بلا فلسفة ولكن علينا أن نوجّه هذا الأدب لتطوير الدولة وبنائها مثلا بأن ندمج بعض العلوم الأدبية مع العلوم العلمية حتى نرتقى بالمشاعر والوجدان وإلا أصبحنا آلات تتحرك.

أحدثكم اليوم عن واحد من الأدباء والأكاديميين الذين عملوا فى صمت سنوات طويلة، وقف كقاطرة تجر وراءها آلاف الأدباء والمبدعين، يشجع ويفرد المجالات من أدب وبحث علمى بروح الأب والإنسان، والأديب العارف الناسك ببواطن الروح ومقاليد النفس، إنه الكاتب المصرى الكبير ا/ د. حسن البندارى، رئيس قسم اللغة العربية الأسبق بكلية البنات جامعة عين شمس، برع فى كتابة الرواية، وامتاز أسلوبه الأدبى باكتشاف دقائق النفس البشرية وتعقيداتها، علاوة على تركيزه المستمر برؤية فلسفية على فكرة الحياة والموت، مما يجعل القارئ يدخل فى حالة من التأمل والبحث عن المعانى الخفية. وتتنوع أعماله بين الرواية الفلسفية والاجتماعية، حيث يمزج بين الأسلوب الواقعى والرمزى، مما يمنح رواياته بعدًا جماليًا وفكريًا فى آنٍ واحد. يُلاحظ فى أعماله استثمارٌ دقيق فى بناء الشخصيات، حيث يغوص فى دواخل النفس البشرية، مسلطًا الضوء على هواجسها، ومخاوفها، وتطلعاتها.

غالباً ما تكون شخصياته معقدة ومتناقضة، فهى تجسد صراعات داخلية تتعلق بالهوية والمصير.وتظهر فى كتاباته ملامح من أدب الوجودية، حيث يطرح أسئلة حول معنى الحياة، وقيمة الإنسان فى مواجهة العدم. يشير النقاد إلى قدرته الفائقة على خلق حوارات ذهنية عميقة بين شخصياته، تدفع القارئ إلى التفكر فى القضايا الوجودية والأخلاقية.فى روايته الشهيرة «الظلال والليل» يطرح رؤية مغايرة حول العزلة والبحث عن الذات فى ظل مجتمع مضطرب. يناقش فيها قضية الانفصال بين الذات والمجتمع، وكيف تؤثر هذه العلاقة المتوترة على الوجود الإنسانى وتدور أحداث الرواية حول رحلة البطل الذى يواجه انقسامات داخلية متعلقة بالهوية والانتماء والمعنى، تجد الشخصية الرئيسية نفسها بين قوتين متضادتين: الأولى تمثل الضوء والأمل فى مستقبل أفضل، بينما الأخرى تجسد الظلال التى تعكس الخوف والضياع. ويتنقل البطل، بين هذه القوى، باحثًا عن الحقيقة ومعنى الحياة. أما الليل فهو الخوف والغموض الذى يتخبط فيه البطل لكنه يتطلع للنور للألف كبولو كويلو. فأرجو أن يتمسك الروائى كبطله بشعاع النور ويتجاوز محنة فقده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى