غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة
يارا المصري
تدرك حركة حماس أن لديها بضعة أيام فقط في بذل جهودها لإنجاح مفاوضات تبادل الأسرى مع اسرائيل، وذلك من أجل الحفاظ على بقاء الحركة ككل داخل الحياة السياسية في قطاع غزة، حيث بات القطاع لا يتحمل أن تخلق الحركة انطباعات أخرى وهمية، وخاصة لسكانه الذين هم الحاضنة الشعبية، ورغم ذلك ما زالت حماس تكذب وتجر سكان قطاع غزة إلى الجوع والفقر. بعد مرور حوالي إحدى عشر شهرًا على الحرب في غزة، تشير غالبية التقديرات إلى فشل حركة حماس في تحقيق أي أهداف لها، بينما يئن قطاع غزة تحت وطأة كارثة إنسانية يعاني الغالبية العظمى من سكانه مخاطر الجوع والدمار والمرض، بينما يقف قيادات الحركة عاجزين عن تقديم أي حلول.
ويرى مراقبون أن الحركة تتحمل المسؤولية عن انهيار الأوضاع داخل القطاع، وتعجز في الوقت الراهن عن تقديم أي حلول للأزمة الكارثية. وتقول حماس إنها نفذت هجومها في السابع من أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة، استباقا لخطة إسرائيلية لاجتياح القطاع وتصفية القضية الفلسطينية، ثم قالت إنها أرادت “تحريك القضية الفلسطينية” التي سقطت من الحسابات الدولية. وفي اكثر من مناسبة، أوضح مسؤولون في الحركة أنهم تفاجئوا بنتائج هذا الهجوم والرد الإسرائيلي عليه، وبينما تصل إسرائيل للسيطرة على ما يتجاوز 70 في المئة من القطاع، يرجح مراقبون نهاية حكم الحركة داخل القطاع، مع بلوغ الأزمة الإنسانية مرحلة كارثية.
تشير تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن أكثر من 18 كتيبة من أصل 24 كتيبة تابعة لحماس قد تم تفكيكها كقوات منظمة وتحولت إلى خلايا حرب عصابات أصغر، ويُعتقد أن ما يقرب من نصف مقاتلي الحركة البالغ عددهم 40 ألفا قد قتلوا أو أصيبوا. وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن الجزء الأكبر من كتائب حماس المتبقية انسحبت إلى مدينة رفح الجنوبية ومخيمي اللاجئين النصيرات ودير البلح في وسط غزة. وفي الوقت نفسه، يعاني المدنيون في غزة من كارثة إنسانية متفاقمة، ويرى مراقبون أن حماس كان لديها “افتراض خاطئ” بأن رد إسرائيل على 7 أكتوبر سيؤدي إلى انتفاضات شعبية ضد الدولة اليهودية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، الأمر الذي لم يتحقق.
وفيما يبدو أن حماس قد ورطت شعب غزة في كارثة إنسانية، ولا تملك تقديم حلول بعد أن فقدت سيطرتها على قطاع غزة بشكل شبه كامل، كما أن حماس تحاول في الوقت الراهن تعزيز بقاءها السياسي داخل القطاع، أو ما تبقى منه في ضوء سيطرة الجيش الاسرائيلي عسكريا عليه، وتفشل حتى اللحظة في دفع المفاوضات الراهنة لتحقيق هدف البقاء، في ضوء إصرار حكومة نتنياهو على القضاء على حكم الحركة بشكل كامل.