الانتخابات الرئاسية بين دكتاتورية المعارضة ومرارة الواقع
بعض المحللين للأسف يفتقدون الى الحد الادنى من المهنية والاحترافية. ثمة منهم من نصّب نفسه محكمةً عليا تتحكم في الراي العام، وتحدد الترشح الجادّ والترشح غير الجادّ وتعتبر بعض الترشحات كتدخل في اطار مناورات يصفونها بالتافهة والتي لا وزن لها حسب الفاظهم…
مؤسفٌ ان اجد بعض الاشخاص لكي لا اقول شخصيات متورطة في عملية محاولة ممارسة الوصاية على الراي العام ومحاولة اختزال المعنى السياسي في بعض الشخصيات التي تمثلهم دون غيرهم وفي بعض الوجوه التي يعبدونها.
اذا كان هؤلاء يعارضون السلطة القائمة فعلا وبشدة كما يقولون، اي سلطة 25 جويلية لكونها تحتكر صلاحيات وتسعى الى وضع اليد على الحياة السياسية، فهم في تصريحاتهم الضيقة لا يختلفون في شيء عن 25 جويلية وهم لا يختلفون عن اي تيار رجعي يسعى الى منع الحرية ويسعى الى منع التعدد السياسي ويسعى الى فرض نمط من الاقطاع السياسي الذي بموجبه تحتكر بعض الوجوه وبعض الشخصيات مجال العلم والمعرفه والسياسه كما مُورِسَ هذا خلال عقود من حكم البيات وصولا الى الجمهورية العرجاء.
اريد ان ا اصوب الرؤية لكي تكون النظرة سليمة :
تعدد الترشحات ينبع من امرين :
– المساواة في المواطنة ثم المواطنة كمجموعة من الحقوق والواجبات المحمولة على الفرد تحت الدولة،
– وبناء عليه فان الترشح يترجم المواطنه في اكتمالها.
من يحتج على كثرة الترشحات يضع نفسه في دائرة الفكر الاستبدادي والديكاتوري بمعنى انه يعتبر ضمنيا ان الترشح مختصرا على فئة معينة، والحال ان عملية الفرز مستمرة في الترشح الديمقراطي وفق مقاييس موضوعية تفرض على الجميع الى حد ما…
ما يزعجني في منطق البعض هو التناقض وعدم الانسجام مع الذات والكيل بمكيالين والتاسيس لخطاب وراء الخطاب؛ خطاب ظاهره ديمقراطي لكن خلفيته استبداد اقطاعي متخلف ورجعي..
الكل يتحدث عن الارادة الشعبية. الكل يزايد بشعار الديمقراطية والكل يخشى القرار الشعبي والكل يخشى التطور الطبيعي الحر للراي العام والجسد الانتخابي.
الكل يزايد بمطلب الحرية والكل يخشى الحرية لكونه لا يثق بالقرار، ولا يقبل بقرار الشعب الحر من خلال الاقتراع العام الحر والمباشر.
بكل تاكيد لدينا ماخذنا واحترازاتنا واعتراضاتنا على السياق العام للعملية السياسية في تونس ، والامر لا يتعلق بفترة دون اخرى. لكني قلت بان الترشح مسؤولية وقلت في السابق واكدت على ان عملية الترشح هي التاسيس للحالة الديمقراطية والتاسيس للثقافة الديمقراطية والتعددية. هذا ما اردته وهذا ما أصرّ عليه.
أصرّ على ان الرؤى والبرامج والطروحات والخطط التي من شانها ان ترتقي بتونس الى مستوى مدار البلدان المتقدمة، هو معيار الحكم، هو مرجع تصنيف الترشحات والشخصيات والحكم عليها.
ما زاد على ذلك مزايدات لا تليق الا بسوق يتحكّم فيها السماسرة.
د/ ليلى الهمامي