لطفي منيب نائب رئيس شعبة الذهب : المضاربة تؤدي لخسائر كبيرة
شهد سوق الذهب في الآونة الأخيرة تحولات ملحوظة وتقلبات متنوعة متأثرًا بعدة عوامل، أبرزها السياسات النقدية للبنوك المركزية العالمية.
كما تؤثر عوامل أخرى لا تقل أهمية مثل التغيرات الجيوسياسية، والتقلبات في أسواق الأسهم العالمية، بالإضافة إلى التغيرات في الطلب والعرض العالمي، خاصة الطلب على المعدن الأصفر من قبل الصناعات الرئيسية.
وكشف المهندس لطفي منيب، نائب رئيس الشعبة العامة لـ”الذهب والمصوغات” بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، في حوار صحفي التطورات الأخيرة في سوق الذهب المصري، بالإضافة إلى العوامل التي تؤثر على أسعار الذهب في السوق المصري والعالمي.
وتحدث أيضًا عن تأثير السياسات الحكومية الحالية على سوق الذهب في مصر.
وإلى نص الحوار:
ما هي التطورات الأخيرة في سوق الذهب المصري؟ وكيف تقيم الأداء العام للقطاع خلال الفترة الحالية؟
هناك 3 أوعية رئيسية أو توجهات يمكن للأفراد استخدامها لحفظ مدخراتهم، كل منها يأتي مع مميزاته وعيوبه، وهي:
– الوعاء الأول، يتمثل في وضع الأموال في البنوك لتحقيق عوائد مالية على شكل فوائد.
– الوعاء الثاني هو شراء الذهب، والذي يعتبر مأمونًا ومستقرًا على المدى الطويل كملاذ آمن ضد التضخم.
– الوعاء الثالث هو الاستثمار العقاري، والذي يمكن أن يوفر عوائد كبيرة على المدى الطويل من خلال زيادة قيمة العقارات.
ففي العام الماضي، شهدت مصر تحولات اقتصادية أثرت على استراتيجيات الاستثمار لدى الأفراد.
ومن أبرز هذه التحولات هو تزايد الاتجاه نحو سحب الأموال من البنوك، وذلك نتيجة لأن أسعار الفائدة المعروضة في البنوك كانت أقل من معدلات التضخم والزيادة في سعر الدولار، مما دفع العديد من الأفراد إلى تخزين الذهب خلال هذه الفترة، بصورتيه السبائك والجنيهات التي تعد أكثر سهولة للاقتناء والحفاظ على القيمة.
ومن جهة أخرى، شهد قطاع الاستثمار العقاري اهتماماً، حيث اعتبر الكثيرون العقارات خياراً مربحاً، لكن، كما هو الحال مع أي استثمار، يواجه العقار تحديات مثل صعوبة إعادة البيع والحصول على سيولة بسعر يتساوى مع سعر القيمة السوقية عند وقت البيع، وهذا ما دفع بعض الأفراد للتفكير في خيارات استثمارية أخرى.
ومع إعلان صفقة “رأس الحكمة” والتغيرات الاقتصادية التي تلت التعويم في 20 مارس/أذار 2024، شهد سعر الذهب تقلبات كبيرة.
وبعد أن وصل إلى أرقام قياسية تجاوزت 4200 جنيه للغرام عيار 21، هبطت أسعار الذهب بشكل حاد إلى حوالي 3200 جنيه، مما دفع الكثير من الأفراد إلى التخلي عن فكرة الاحتفاظ بالذهب كوعاء ادخاري وبدأوا في التحول لخيارات استثمارية أو ادخارية أخرى.
ما هي العوامل التي تؤثر على أسعار الذهب في السوق المصري والعالمي؟
هناك 3 عوامل رئيسية تؤثر بشكل كبير على السوق المصري تتمثل في:
السعر العالمي للذهب، وسعر صرف الدولار أمام الجنيه، بالإضافة إلى العرض والطلب، فهذه العوامل الأساسية تحدد الأسعار وتوازن السوق المصري للذهب.
أما على الصعيد العالمي، هناك عوامل أخرى تؤثر بشكل كبير على أسعار الذهب، وتتضمن: قوة الدولار في العالم بالإضافة إلى التغيرات الجيوسياسية والأحداث السياسية العالمية، مثل النزاعات الدولية والتوترات الجيوسياسية، حيث يعتبر الذهب ملاذًا آمنًا في فترات عدم الاستقرار السياسي.
وبهذه العوامل الرئيسية، يتم تحديد أسعار الذهب على الصعيدين المحلي والعالمي، مما يجعل تحليل هذه العوامل أساسيًا لفهم حركة السوق.
هل هناك فروقات بين جودة الذهب العالمي والذهب المصري؟
لا، ليس هناك فروقات فالذهب المصري لا يقل أبداً عن أي ذهب عالمي.
كما أن في الفترة الأخيرة، شهدت صناعة الذهب المصرية تقدماً كبيرًا، من خلال مشاركة العديد من الشركات والمؤسسات في معرض “نبيو”، الذي أقيم في ديسمبر/كانون الأول 2023، ومن المقرر أن تعقد نسخته الرابعة في ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث تم تسليط الضوء على جودة وتنوع المنتجات المصرية في مجال صناعة الذهب.
هل أثرت السياسات الحكومية الحالية على سوق الذهب في مصر؟
في عالم الصناعات، تحقيق النجاح في أي صناعة لا يتطلب فقط الابتكار والجودة في المنتجات، بل يتطلب أيضًا وجود منظومة إجرائية وقانونية تدعم النمو وتسهل الوصول إلى الأسواق الدولية، مما يعزز فرص النجاح والاستمرارية للشركات والمشاريع التجارية.
وفي سياقنا المحلي، تم تطوير منظومة الإجراءات والقوانين في مصر خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى تحسين بيئة الاستثمار وتشجيع المشاريع على النمو.
وتم إتاحة تسهيلات كثيرة للمستثمرين، مما سهل على الشركات الوصول إلى الأسواق الدولية والمشاركة في المعارض العالمية.
وعلى سبيل المثال، تنظم مصر الآن معارض دولية كبيرة تشترك فيها دول عديدة من حول العالم، ويتم عرض المنتجات المصرية والترويج لها، مما يتيح للشركات الفرصة للتفاعل مع الأسواق العالمية وزيادة فرص البيع والتصدير.
ما النصيحة الأساسية التي تقدمها للمضاربين الجدد الذين يرغبون في الاستثمار في سوق الذهب للأجل القريب والبعيد؟
لا أنصح بالمضاربة في الذهب، حيث إن التحركات السريعة في أسعاره يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة.
مثلاً، عندما تشتري غرامًا من الذهب اليوم بسعر معين، وتبيعه في اليوم التالي بسعر أعلى، قد تبدو الصفقة مربحة في الوهلة الأولى، ولكن الطبيعة التذبذبية لسوق الذهب تجعل من الممكن أن يصل سعر الذهب إلى مستويات أعلى في الأيام التالية، مما يعني أنه إذا قررت شراء الذهب مرة أخرى، فقد تدفع سعرًا أعلى، لذلك، من الأفضل استخدام الذهب كوسيلة للادخار وليس للمضاربة.
هل تتغير استراتيجيات شراء الذهب بتغير المواسم؟
يعتبر الذهب ليس فقط معدنًا بل رمزًا للزينة والخزينة أيضًا، حيث يتم استخدامه لإضافة لمسة من الجمال في المجوهرات والزينة الشخصية.
ففي فصل الصيف خاصة، تشهد أسواق الذهب نشاطًا إضافيًا ملحوظًا، وذلك بفضل تدفق السياح من دول الخليج وأوروبا إلى مصر، وهذا الزخم التجاري يسهم في زيادة الطلب والحركة خلال هذا الفصل بشكل استثنائي.
أما بالنسبة لجانب الخزينة، فإن استخدام الذهب كأداة للاحتفاظ بالقيمة يكتسب أهمية كبيرة بين المواطن المصري.
ويلجأ الكثيرون إلى شراء الذهب كوسيلة لحماية قيمتهم من التقلبات الاقتصادية والتضخم، خاصة في ظل وجود سيولة مالية.
كم تمثل مبيعات الذهب هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة؟
في السنة الحالية، شهد سوق الذهب تراجعاً واضحاً في أرقام المبيعات مقارنة بالأعوام السابقة، فعند التحدث عن دور الذهب كسلعة كمالية، يظهر تراجع الطلب على الزينة بشكل واضح، حيث إن ظروف الاقتصاد الراهنة لدى الناس تجعل اهتمامهم الأول توفير الاحتياجات الاساسية، والذهب كماليات، وبالتالي فإن الذهب لم يعد أحد أولوياتهم الرئيسية لهذا العام.
وبالنسبة للجانب الادخاري والاستثماري، فقد شهدنا أن انخفاض سعر الذهب من 4200 جنيه للغرام إلى حوالي 3200 جنيه للغرام. أدي إلى تراجع العديد من الأفراد إلى التفكير في خيارات استثمارية بديلة، مثل شراء شهادات الاستثمار التي تعود بعوائد مالية أكثر جاذبية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
ويظهر هذا التحول في الاستراتيجيات الاستثمارية للكثيرين خلال هذا العام، حيث يفضلون البحث عن فرص توفر عوائد أكثر استقراراً وضماناً.
وبشكل عام، يمكن القول إن السنة الحالية ليست الأفضل بالنسبة لسوق الذهب، وذلك نتيجة لتغيرات في تفضيلات المستهلكين واستراتيجيات الاستثمار.