صراع الإنسانية أمام الرقمنة …من يفوز ؟
بقلم د حنان يوسف
الحلقة النقاشية ؛
الذكاء الاصطناعي : الفرص و
التحديات فى عصر التكنولوجيا الرقمية ” الأربعاء ١٧ يوليو٢٠٢٤
المؤتمر العلمي الثالث – كلية الاعلام واللغات التطبيقية- جامعة النهضة
تشهد الايام الحالية صراعا في مجال الدراما والذكاء الاصطناعي وذلك لصعوبة الاشكالية التي تطرحها
فالدراما والسينما تعتمد بشكل اساسي علي محاكاة المشاعر لتوصيل الرسالة ومدي نجاحها هو الصدق في نقل المشاعر الانسانية والتعبير عنها
وهو ما يتنافي ويتعارض مع الذكاء الاصطناعي لانه صناعي
في السينما انت بتقول علي ممثل ناجح او فيلم ناجح بتقول ” ده طبيعي جدا ” فازاي هيتحقق ده مع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي رغم التحديث المستمر في برامج السوفت وير لتطويرها واخضاع ذلك لبرامج خاصة في نقل المشاعر والاحاسيس ولكن تبقي المسألة ” صناعي” ..
وسوف تبقي هذه المساحة التي قد لا تعطي استخدام كامل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الدراما الابداعية وهي عجزه عن تجسيد حقيقي وطبيعي للمشاعر الانسانية وهنا تغلب من جديد الاصوات الداعمة ان الانسانية تنتصر علي التكنولوجيا في النهاية لان الاصل هو الانسان .
ولكن هذا لا يمنع ان عالم السينما والدراما والابداع يستطيع ان يحقق استفادة كبيرة في عدد من المجالات وبالرصد لعدد من الدراسات والابحاث نتبين ذلك بوضوح سواء علي المستوي المصري او العربي او الدولي .
ومن أهم الاستفادات لاستخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي في الدراما هي :
تقليل النفقات والتكاليف الضخمة من خلال القدرة علي الاستفادة منها في عمل مشاهد مماثلة للصخور والبحار وخاصة في الافلام التاريخية والعلمية والوثائقية وافلام الاكشن والمعارك .
واستفاد الاعلام المصري في دراما رمضان في ذلك في مسلسل الحشاشين التاريخي .وايضا يمكن الاستفادة في الاعمال الدرامية التي تتطلب وجود تطور عمري للشخصيات في العمل فممكن من خلال الذكاء الاصطناعي عمل تغييرات في الشكل العام للشخصية لتبدو اكبر سنا اوأصغر .
ضوابط أخلاقية
أن الأخلاقيات في هذه المجال أمر سهل ممتنع، فلا بد من الإشارة في الدرجة الأولى إلى الشفافية وذلك يعني أن يكون صانع العمل صريحا مع جمهوره وأن يذكر كيف وظف التقنيات في العمل، كما ينبغي أخذ الإذن والقبول من ذوي الممثل المتوفي عند الرغبة في استخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بدوره أو حتى صوته.
إنه لا يمكننا إنكار أن الإفراط في استخدام التقنيات سيدخلنا في إشكاليات التمويه والإخفاء، وفي متاهات الكم والإنتاجات الكثيرة،
قبل سنوات قليلة كانت تشكل وفاة ممثل قبل أن يؤدي كامل مشاهده التمثيلية في مسلسل رمضاني مسألة كارثية تضع صانع العمل أمام مأزق كبير، فإما أن يجد مخرجا يضعف السيناريو وإما إلغاء كامل المشاهد للممثل المتوفي وإعادة تصوير الأدوار مع ممثل آخر، أما اليوم فالحل موجود ومتوفر وهو ما حدث في مسلسل “بقينا اثنين” المصري إذ تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستكمال دور الفنان طارق عبدالعزيز، الذي وافته المنية في نوفمبر/كانون الثاني الماضي أثناء تصوير مشاهده في العمل، قبل اكتمالها.
واستخدمت تقنية الذكاء الاصطناعي هذا العام في تصوير مشاهد وملاحم وحروب في أماكن يصعب الوصول إليها في مسلسل “الحشاشين”، واستعان صناع مسلسل “حق عرب” بتقنية التزييف العميق (Deepface) لإظهار أبطال العمل في صورة أعمار شباب بعكس أعمارهم الحقيقية، وهي تقنية تستخدم للمرة الأولى في الدراما الرمضانية ا إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدم لإنتاج فيديو أو تعديل محتواه بشكل كامل ليستعرض شيئًا لم يكن موجودًا فيه بالأصل.
مستقبل المهن الابداعية :
إن صناعة الدراما تقوم على الإبداع البشري وهذا الابداع من الصعب أن تقتحمه تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، كما يمكن الاستعانة بهذه التطبيقات في مراحل محددة من الصناعة ولكن هذه المراحل لا يمكن أن تتم بدون العنصر البشري ، فهناك مراحل لا يمكن أن تحل الآلة فيها محل الإنسان مثل كتابة السيناريو والإخراج والتمثيل، وعلى الرغم من وجود محاولات في صناعة الدراما الغربية للاستعانة بGPT Chat في كتابة السيناريو إلا أنها حتى الآن مقيدة وينقصها الكثير ولن تضاهي الإبداع البشري.
إن صناعة الدراما تقوم على الإبداع البشري وهذا الابداع من الصعب أن تقتحمه تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، كما يمكن الاستعانة بهذه التطبيقات في مراحل محددة من الصناعة ولكن هذه المراحل لا يمكن أن تتم بدون العنصر البشري ، فهناك مراحل لا يمكن أن تحل الآلة فيها محل الإنسان مثل كتابة السيناريو والإخراج والتمثيل، وعلى الرغم من وجود محاولات في صناعة الدراما الغربية للاستعانة بGPT Chat في كتابة السيناريو إلا أنها حتى الآن مقيدة وينقصها الكثير ولن تضاهي الإبداع البشري.
ولكن ماذا عن التخوف من فكرة وجود ممثل افتراضى روبوت كما هو الحال مع المذيع والصحفى الافتراضى الروبوت هل هذا التخوف فى محله، أم لا، وكيف ستكون صناعة الدراما وقتها، فهذه الصناعة قائمة على المشاعر والأحاسيس ومخاطبة القلب قبل العقل، وهل سيؤثر ذلك على وجود الممثل البشري؟ وهل ستصبح الدراما فى أزمة بسبب تنافسية تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتدخل فى الإبداع البشري؟وهل العاملون فى صناعة الدراما سيواكبون هذا التطور ويستوعبون هذه المستجدات؟ وهل سيحدث توازن فى الاستعانة بتطبيقات الذكاء الاصطناعى دون الاستغناء عن العنصر البشري؟.
وهنا تأتي اهمية كليات وبحوث الاعلام في تبني تطبيق الدراسات التجريبية بصفة اوسع لضمان تاثير هذا التقنيات علي المتلقي اضافة الي اهمية تعزيز الوعي لدي المتلقي من خلال مناهج التربية الاعلامية والرقمية ليتعرف علي ما يتضمنه العمل من صدق او تكييف ويتعامل مع هذه المعلومات بالطريقة الانسب التي تحقق هدف ومضمون ورسالة العمل المقدم والذي نفترض انه يسعي لتعزيز منطق ان التكنولوجيا ولدت لخدمة الانسانية واصلاح العالم وليس لمزيد من الصراعات النفسية والسياسية والانسانية .