يأس وإحباط في شمال غزة: صرخة سكان محاصرين
يارا المصري
يعيش سكان شمال قطاع غزة في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع حالة من اليأس والإحباط الشديدين. فبعد أشهر من الحصار والقصف المتواصل، أصبح الوضع الإنساني كارثياً، مع نفاد الغذاء والماء والوقود، وانهيار الخدمات الصحية والبنية التحتية.
في ظل المعاناة اليومية التي لا تنتهي ، نجد أمامنا أبو محمد (55 عاماً) من مدينة بيت لاهيا يخبرنا : “الوضع لا يُحتمل. نعيش كل يوم على أمل أن يكون الأخير من هذه المعاناة، لكن لا يبدو أن هناك نهاية قريبة. لقد فقدنا كل شيء – بيوتنا، أعمالنا، وحتى الأمل في مستقبل أفضل”.
و أم خالد (40 عاماً) من جباليا: “أطفالي يبكون من الجوع، ولا أجد ما أطعمهم إياه. اضطررنا لأكل علف الحيوانات لنبقى على قيد الحياة. هل هذه حياة تليق بالبشر؟”
تشير التقارير إلى أن حصار خانق والنقص الحاد في الاحتياجات الأساسية سيجعل أكثر من 300 ألف شخص في شمال غزة محرومون إلى حد كبير من الحصول على المساعدات الإنسانية، ويواجهون خطر المجاعة. فقد منعت السلطات الإسرائيلية وصول أكثر من نصف شاحنات المساعدات إلى المنطقة الشمالية خلال الشهر الماضي.
يوضح الدكتور أحمد، أحد العاملين في القطاع الصحي: “الوضع الصحي مأساوي. المستشفيات تعمل بأقل من طاقتها بسبب نقص الوقود والأدوية. نشهد انتشاراً للأمراض التي تنقلها المياه الملوثة، وقد يفوق عدد ضحايا هذه الأمراض قريباً عدد ضحايا القصف المباشر”
مع استمرارالتهجير القسري وفقدان الأمل ، يجد السكان أنفسهم مجبرين على النزوح المتكرر. يقول محمود (35 عاماً): “لقد انتقلنا من الشمال إلى الوسط، ثم إلى الجنوب. والآن نسمع أنهم يريدون إخلاء رفح أيضاً. إلى أين نذهب؟ البحر من ورائنا والموت من أمامنا”
وتضيف فاطمة (28 عاماً): “لم يعد لدينا أي أمل في المستقبل. نشعر أن الموت أصبح حتمياً. كل يوم نستيقظ على أصوات القصف ونتساءل: هل سنعيش حتى المساء؟
رغم الجهود الدبلوماسية المتواصلة، لا تلوح في الأفق بوادر لحل سياسي قريب. فالمفاوضات لوقف إطلاق النار تتعثر، بينما يصر الجانب الإسرائيلي على تحقيق أهدافه العسكرية قبل أي وقف للعمليات.
كما يرى الدكتور عزمي بشارة، محلل سياسي: “طالما أن هناك إجماعاً إسرائيلياً على استعادة الهيبة بواسطة الحرب، وطالما أن الاتفاق الأمريكي-الإسرائيلي متواصل على هدف الحرب، فإن المعاناة في غزة ستستمر”.
إن الوضع المأساوي في شمال غزة يمثل فشلاً ذريعاً للمجتمع الدولي في حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية. فبينما تستمر المعاناة، تبقى أصوات سكان غزة المحاصرين صرخة في واد، تنتظر من يسمعها ويتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الكرامة الإنسانية والحياة.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، لا بد من توجيه انتقاد شديد لحكومة المقاومة وقيادتها لعجزها عن حماية شعبها أو التوصل إلى حل سياسي ينهي معاناتهم. فقد أخفقت القيادة في توحيد الصف الفلسطيني وبناء إستراتيجية وطنية فعالة للتعامل مع الأزمة، تاركة الشعب وحيداً في مواجهة مصير مجهول.