الفن الحركى فى العالى لفنون الطفل بأكاديمية الفنون
علاء حمدي
استقبلت قاعة المؤتمرات والمناقشات العلمية بالمعهد العالى لفنون الطفل بأكاديمية الفنون، مناقشة أول رسالة دكتوراه علمية فى المعهد العالى لفنون الطفل بأكاديمية الفنون، وهى الرسالة المقدمة من الباحثة ندى طارق عبد الحميد، وعنوانها توظيف الفن الحركى فى عروض مسرح الطفل المعاصرة فى القرن الحادى والعشرين، قسم الإنتاج الإبداعى تخصص تصميم مناظر وأزياء .
ترى الباحثة أن مسرح الطفل في الأونة الأخيرة بدرجة كبيرة على التطور والتقدم التكنولوجي والتقني في عملية التجسيد الفني، فالأطفال بطبيعتهم يتعاملون مع الأشياء حسياً، شرط أن يكون ذلك مدعاة للإبهار والإثارة والتشويق، سواءً أكانت هذه العناصر بصرية أم حركية أم سمعية، وهذه الوسائل تسهم بدورها بإيصال الأفكار والمعاني والأهداف عن طريق التوظيف التكنولوجي للمكونات البصرية على وجه الخصوص، كونها مداخل لإثارة انتباه وأذهان الأطفال وخلق استمرارية التواصل مع مجريات العرض المسرحى، إذ أن استخدام الفن الحركى يعمل على الإرتقاء الجمالي بالعرض المسرحي الذي يستهدف جمهور الأطفال، بوصفه أحد أهم ما يُمكن الطفل من التفاعل مع مجريات العرض، بفضل ما يقدمه له الفن الحركى من خلال خلق فضاء مسرحي يأخذ الطفل إلى عوالم ساحرة مليئة بالكتل والتكوينات والألوان الزاهية والبراقة .
كما ترى الباحثة أن الفن الحركى أحد أهم الأدوات فى عروض مسرح الطفل المعاصر، بوصفه لغة تعبير وإيحاء وتحفيز وجداني، فكل الأبعاد المتولدة عن تفاعلات العناصر المسرحية، تتفاعل بدورها مع جميع الأبعاد المتشكلة عن تفاعلات الفن الحركى، لإحداث تكوينات الصورة المسرحية الغنية بما تمتلكه من إبهار، وكل هذا لا يُنظر إليه إلا بعين واحدة، عين المتعة المسرحية المتكاملة المقدمة للطفل، حيث ترى الباحثة أن العلاقة بين مسرح الطفل والفن الحركى علاقة تفاعلية تشبه العلاقة التفاعلية الحياتية، بين ما نُفصح عنه وما لا نُفصح عنه، وفي الحالتين تحمل مضمون وفكر وحركة وصورة غنية تحرك الوجود والوجدان.
وعليه فإن مشكلة الرسالة تكمن فى الكشف عن توظيف الفن الحركى فى عروض مسرح الطفل المعاصرة فى القرن الحادى والعشرين، كدراسة تحليلية تطبيقية على عينة من عروض مسرح الأطفال فى مصر فى الفترة من 2010م، وحتى 2020م، لذا فإن تساؤلات الرسالة تحمورت حول كيفية تحقيق الحلول الفنية والتشكيلية والتنفيذية المتعلقة بجماليات الصورة المرئية، فى عروض مسرح الطفل، أيضاً كيف تم استخدام التكنولوجيا والفن الحركى فى عروض الطفل، بالإضافة إلى كيفية تحقق الصورة المرئية الحركية، من إبهار لجذب الطفل وكيف خاطبته، وعليه تكمن أهم أهداف الرسالة فى البحث إلى كيفية تقديم تصميمات مبتكرة وفعالة داخل العمل المسرحى، تقليل الفجوة ما بين المسرح التقليدى للطفل، والمسرح الحركى من خلال تقنياته، علاوة على تسليط الضوء على الفضائات المسرحية المختلفة، ودورها فى تحقيق الحركه الفعلية داخل المنظر، تبعاً لإمكانيات كل شكل معمارى مسرحى، بالإضافة إلى التعرض لتأثير الحركة الفعلية على سينوغرافيا عروض مسرح الطفل، وعلى الحركة داخل مكونات المنظر لمسرح الطفل، مع التطرق إلى كيفية توظيف الحركة الفعلية عبر التقنيات، داخل المنظر المسرحى فى عروض مسرح الطفل، وعليه جاءت أهمية الرسالة فى كونها تحاول البحث عن أساليب التصميم للمنظر المسرحى لعروض مسرح الطفل، بما يناسب ويواكب معطيات سيكولوجية الطفل، الذى يتعامل مع أحدث وسائل التواصل الإجتماعى العالمى، من صورة وصوت، وخدع، ومهمات، وتقنيات إفتراضية، وعوالم جديدة مبتكرة، تُشكل وجدان الطفل ومدركاته، وحسه، بالإضافة إلى البحث فى علوم البيئة الحديثة لتجسيد المنظر الطبيعى، وتفاعل الطفل مع هذا المنظر داخل العمل المسرحى، ولتحقيق ذلك ترى الباحثة تقديم أفكار ووظائف جديدة فى التصميمات المقترحة للتطبيق على ما هو جديد وفعال وله جدوى فى مسرح الطفل، كما هو فى العالم .
قسمت الباحثة الرسالة إلى ثلاث أبواب، كل باب قسم إلى فصلين، حيث تناولت فى الباب الأول سمات ومفاهيم الفن الحركي وعلاقته بمسرح الطفل، من خلال تسليط الضوء على مسرح الطفل وتاريخه وأهم سماته وخصائصه، وعناصر عرضه، والمراحل العمرية للطفل، بالإضافة إلى التعرض لأهمية وأهداف مسرح الطفل، وأيضاً علاقته بالفن الحركى، كما تناولت الباحثة فى هذا الباب الفن الحركى والمدارس التشكيلية، حيث تناولت مفهوم الحركة وأنواعها وأهم خصائص كلا منها، مع التطرق إلى المدارس التشكيلية وعرض نبذة عنها كإرهاصات أولى لنشأة الفن الحركى، أيضاً سلطت الباحثة الضوء على فن الباو هاوس والبوب آرت والأوب آرت، مع التعرض لأهم رموز وأعلام تلك الفنون، كما اختتمت الباب بتناول سمات ومفاهيم الفن الحركى وأهم أعلامه ألسكندر كالدر .
تناولت الباحثة فى الباب الثانى وعنوانه الحركية ومسرح الطفل، تاريخ التطور التكنولوجي للسينوغرافيا، من خلال التعرض لماهيه السينوغرافيا، وتطورها التاريخى منذ نشأتها، مع التعرض لأهم رواد التكنولوجيا في المسرح المعاصر، وأيضاً العلاقة بين السينوغرافيا والتكنولوجيا، كما تعرضت الباحثة أيضاً للإضاءة المسرحية، وتقنية الهولوجرام، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض نماذج لعروض استخدم فيها الهولوجرام والإسقاط الضوئى، كما تناولت الباحثة أيضاً فى هذا الباب توظيف الفن الحركي في الصورة المرئية لعروض مسرح الطفل، من خلال التطرق إلى نظرية الجشطالت ومبادئها، علاوة على تسليط الضوء على ماهيه الإدراك البصرى وأيضاً التذكر البصرى، ثم تعرضت لأسس وعناصر التصميم المسرحى، واختتمت الباب بعرض لمجموعة من عروض الطفل تم توظيف الفن الحركى بين ثناياها، وذكرت منها أليس فى بلاد العجائب، وسندريلا .
تعرضت الباحثة فى الفصل الثالث وعنوانه عروض تطبيقية على الحركية في مسرح الطفل، إلى أساليب توظيف الفن الحركي في عروض مسرح الطفل، دراسة على مسرحيتي علاء الدين، و ربانزل، من خلال تصميمات من عمل الباحثة، مع تقديم المعادل التشكيلي المرئى للتصميمات المسرحية التطبيقية، كما تناولت الباحثة أيضاً بالتطبيق مسرحية سنووايت (نص بياض الثلج)، مع تقديم التنظير التشكيلي للتصميمات المقترحة من أعمال الباحثة، وأيضاً تم التطبيق على مسرحية طرزان، مع تقديم المعادل التشكيلي المرئي للتصميمات المسرحية التطبيقية، علاوة على التنظير والرؤية التشكيلية للتصميمات المقترحه من أعمال الباحثة .
اختتمت الباحثة الرسالة بمجموعة من النتائج جاء من أهمها، أن الفن الحركي يلعب دوراً هاماً في عروض مسرح الطفل، حيث يساعد على جذب انتباه الأطفال، وإشراكهم بشكل أكبر فى التفاعل مع أحداث العرض، من خلال الحركات والأداء البصري، مما يجعل العروض أكثر تفاعلية وممتعة للصغار، أيضاً الحركة في الفن التشكيلي تشتمل على تصميمات مبتكرة حركية، تظهر أنواعاً مختلفة من الحركة، ويمكن أن تشتمل على حركات جسم الممثل أو الراقص، أو الكائنات داخل العرض المسرحي، كما تعتمد على ملابس مبتكرة، وأقنعة مشوقة لإثارة خيال الأطفال وإبهارهم، كما توصلت الباحثة أيضاً إلى اعتبار الحركة والفراغ أحد عناصر التشكيل، وهو ما يساهم في الإحساس بالكتلة والحركة داخل العمل المسرحى، كما أشارت النتائج أيضاً إلى أن الإستخدام المناسب للفن الحركي يسهم في تعزيز تفاعل الأطفال مع العروض المسرحية، وتعزيز فهمهم وتخيلهم، كما يعزز التواصل والتعبير لدى الأطفال، ويساهم في تعزيز مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، حيث يلعب الفن الحركى دوراً حيوياً في تصميم وتشكيل عروض مسرح الطفل، من خلال إضافة عناصر بصرية مبتكرة ومثيرة، تجعل العروض أكثر جاذبية وتفاعلية للصغار، بالإضافة إلى مساهمة الفن الحركى في خلق مشاهد مبهرة وممتعة تعزز تجربة الطفل في المسرح وتعزز تفاعله مع الأداء .
الجدير بالذكر أن لجنة الحكم والمناقشة تكونت من كلا من الأستاذ الدكتور عبد الناصر الجميل مشرفاً ومناقشاً ومقرراً، والأستاذ الدكتور أحمد عبد العزيز مناقشاً من الداخل، والأستاذ الدكتور عايدة علام مناقشاً من الخارج، وقد أشادت لجنة الحكم والمناقشة بالجهد المبذول من الباحثة فى الرسالة، وتناولها أحد أهم الموضوعات البحثية المثارة فى الأونة الأخيرة، والمتعلقة بمسرح الطفل المعاصر، كما حضر المناقشة لفيف من أساتذة أكاديمية الفنون والمعاهد المختلفة، بالإضافة إلى عدداً من الباحثين والمهتمين بفنون الطفل، وقد وجهت الباحثة الشكر للدكتورة غاده جباره رئيس الأكاديمية والدكتور هشام جمال نائب رئيس الأكاديمية والدكتور طارق مهران وكيل المعهد العالى لفنون الطفل، والدكتور أيمن الشيوى عميد المعهد العالى للفنون المسرحية، والدكتور صبحى السيد، والدكتور أحمد عفيفى، والدكتور جمال ياقوت، كما خصت بالشكر الدكتور عبد الناصر الجميل والذى تتلمذت على يديه، والذى لم يبخل عليها بعلم أو نصيحة او غير ذلك حسبما ذكرت الباحثة فى يوماً من الأيام، أيضاً خصت الباحثة بالشكر دكتورة ياسمين فراج رئيس قسم الإنتاج الإبداعى بالمعهد العالى لفنون الطفل والتى بذلت الكثير والكثير من الباحثة من أجل أن تخرج تلك الرسالة إلى النور، كما خصت بالشكر أيضاً الدكتور حسام محسب عميد المعهد العالى لفنون الطفل والذى لم يدخر جهداً من أجل مساعدة الباحثة فى تقديم رسالتها، وفى النهاية قدمت الباحثة الشكر إلى الدكتور أحمد عبد العزيز، والدكتورة عايدة علام، لتفضلهم بمناقشتها ومنحها الدرجة العلمية .