د شيرين العدوي تكتب : حروب الجيل الرابع والوعي

 

 

 

تُعَدُّ حروب الجيل الرابع (4GW) تطورا مهما فى فهم الصراعات الحديثة، حيث تتسم هذه الحروب بأنها لا تقتصر على المواجهات التقليدية بين الدول، بل تشمل أيضا الفاعلين غير الدوليين مثل الجماعات الإرهابية والمنظمات شبه العسكرية. تتميز هذه الحروب بتكتيكات غير تقليدية تستخدم التكنولوجيا الحديثة، والشبكات الاجتماعية لتحقيق أهدافها. يشمل مفهومها الصراعات التى تعتمد على تقنيات متقدمة وأدوات غير تقليدية لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية. يتضمن ذلك استخدام الإرهاب، والحرب النفسية، والتلاعب بالإعلام، والشبكات الاجتماعية. وتتميز بعدم وضوح الخطوط الفاصلة بين المقاتلين والمدنيين، وبين الحرب والسياسة؛ بل إن كل المدنيين سيشتركون في هذه الحروب دون أن يشعروا بالرأي والرأي الآخر وعدم القدرة على الفعل مما قد يصيبهم بالقهر والاكتئاب .

وتعتمد تكتيكات حروب الجيل الرابع على مواجهة البلاد المستقرة واقتحامها بمجموعة من الأكاذيب كادعاء دول كبرى امتلاك دول أخرى مثل العراق أسلحة نووية وهى منها براء؛ بل الانتصار نفسه على أرض العراق تم بتقنية الجيل الرابع وهو إطلاق كذبة الانتصار عبر وسائل الإعلام وتصديقها، ثم تحويل الحرب إلى حرب شوارع وعصابات ، وذلك للسيطرة على مقدرات العراق الحيوية والسيطرة على مفاتيح الشرق الأوسط وقد نجحت الكذبة نجاحا باهرا وكان اختبارا حقيقيا، ونقطة فاصلة لانتصار حروب الجيل الرابع.

كما نجحت الهجمات الإعلامية كاستخدام أحداث 11 سبتمبر وتفجير برجى مركز التجارة العالمى بنيويورك والتى تمت باستخدام تقنيات الهيلوجرام لإيهام العالم بفكرة الإرهاب والهجوم على أفغانستان، ونجحت الفكرة نجاحا باهرا أيضا، بينما الحقيقة أن هذه المنظومة كانت واحدة من حروب الجيل الرابع، وجزءًا من إستراتيجيات هذه الجماعات الإرهابية التى صنعتها الدول الكبري.

تُعتبر المواجهات الدائرة بين إسرائيل وحماس مثالا واضحا على حروب الجيل الرابع، حيث تستخدم إسرائيل ورقة حماس للضغط على الدول العربية ومشاعر الناس لمزيد من المكاسب فى هز وزعزعة نفوس الشعوب تجاه دولهم بالضغط من أجل القضية الفلسطينية بينما هي تحقق المزيد من المخطط المرسوم بعناية فائقة.

كما تُعَدُّ الهجمات السيبرانية جزءا لا يتجزأ من حروب هذا الجيل ، حيث تستخدم الدول والجماعات المسلحة الإنترنت لتعطيل البنى التحتية الحيوية، وسرقة المعلومات الحساسة، والتأثير على الرأى العام. وتدخل فيها الهجمات السيبرانية للدول الكبرى بعضها على بعض كما حدث أثناء الانتخابات الرئاسية الأمريكية وغيرها. في حروب هذا الجيل لن نعاني من قلة المعلومات، بل سيعاني الأفراد في المجتمعات من كثرتها وتضاربها، ودس الحقيقة في الخيال حتى لا نتبين أين الحقيقة التي يمكن أن نسير على هديها

أدت هذه الحروب إلى تغيير مفهوم الأمن القومى والدولي، حيث أصبحت التهديدات غير التقليدية جزءا أساسيا من إستراتيجيات الدفاع والأمن. وتتطلب مواجهة هذه الحروب تبنى تقنيات جديدة وتطوير إستراتيجيات مرنة، تتعامل مع التهديدات المتغيرة بسرعة كبيرة. تتضمن هذه الإستراتيجيات تحسين القدرات الاستخباراتية، وتعزيز التعاون الدولي، وتطوير تقنيات دفاع سيبرانية وتثقيف الشعوب وتوعيتها.

وتعد حروب الجيل الرابع تحولا جذريا فى طبيعة الصراعات الحديثة، حيث لم تعد الحروب تقتصر على المواجهات التقليدية بين الجيوش. ويتطلب التعامل مع هذه الحروب فهما عميقا للتكنولوجيا الحديثة والتكتيكات غير التقليدية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولى لمواجهة التحديات الجديدة فى مجال الأمن العالمي. كما تحتاج إلى تقسيم فئات الشعب إلى طبقات، وخلق جيل مدرب من الشباب لتوعية هذه الفئات كل على قدر تعليمه وثقافته، وليكن هذا مشروعا قوميا وهدفا إستراتيجيا لبناء الوعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى