لماذا أحجمت مصر عن شراء القمح الروسي في مناقصتين متتاليتين؟
تغيبت روسيا عن قائمة الدول التي تتعاقد معها مصر لشراء القمح في مناقصات دولية، وذلك للمرة الثانية على التوالي، خلال شهر يونيو الجاري، بسبب ارتفاع أسعار القمح الروسي عن باقي الأسواق الأخرى، بحسب 5 مصادر مطلعين على المناقصات تحدثوا مع “الشرق”.
من بين المصادر مسؤول حكومي، قال لـ”الشرق” إن غياب القمح الروسي عن مشتريات مصر لمرتين متتاليتين يعود إلى أن “التجار الروس قدموا سعراً بلغ 265 دولاراً للطن في مناقصة الليلة الماضية، وخفضوها إلى 260 دولاراً للطن واستقروا عند هذا السعر، فيما جاءت عروض الدول الأخرى بأسعار منخفضة بنحو 27 دولاراً في الطن، لذا تم رفض جميع عروض القمح الروسي”.
وأضاف المسؤول أن “كافة عروض أسعار التجار الروس كانت “موحدة” في مناقصة أمس وأخرى أُجريت 4 يونيو الحالي.
قبضة روسيا على سوق الحبوب
انسحبت كبريات شركات تجارة الحبوب الغربية، بما في ذلك “كارغيل” (Cargill Inc) و”فيتيرا” (Viterra)، من روسيا العام الماضي بعد ضغوط حكومية لإفساح المجال أمام الشركات المحلية.
والآن، حتى أكبر شركة تجارية خاصة في البلاد تواجه صعوبة في ممارسة نشاطها وسط خلاف مع الدولة، وفق ما ذكرته بلومبرغ في وقت سابق، مشيرة إلى أن هذا ترك أربع شركات فقط تتحكم في ثلاثة أرباع صادرات الحبوب التي تنطلق من محطات البحر الأسود الروسية.
للمرة الثانية على التوالي تخلو روسيا من قائمة الدول التي تتعاقد معها مصر على شراء القمح في مناقصة دولية انتهت مساء أمس الثلاثاء، حيث اشترت 400 ألف طن من رومانيا وأوكرانيا وبلغاريا. وفي مناقصة أُجريت 4 يونيو، قامت بشراء 470 ألف طن قمح من نفس الدول ورفضت جميع العروض الروسية بسبب الأسعار أيضاً.
تراوحت أسعار المناقصة الأخيرة بين 233.45 دولار للطن للشحنات الأوكرانية و251.85 دولار للطن لباقي الشحنات، في حين قدمت روسيا سعراً عند 265 دولارا للطن، بحسب تجار لـ”الشرق”.
زادت القاهرة واردات القمح خلال أول 5 أشهر من 2024 إلى نحو 5.9 مليون طن بحسب وثيقة حصلت عليها “الشرق”، تصدرت خلالها روسيا قائمة أكبر دول تصدير القمح لمصر بحجم 4.5 مليون طن بنسبة 75%.
وارتفعت واردات مصر من القمح الروسي بنسبة 39% على أساس سنوي خلال 2023، لتبلغ 7.5 مليون طن مقابل 5.4 مليون طن قبل عام، بحسب الوثيقة.
“كافة الأسواق المشاركة في المناقصة جودة أقماحها جيدة، لذا فإن السعر هو العامل الرئيسي في إتمام المناقصة”، بحسب المسؤول الحكومي.
المسؤول قال في حديثه مع “الشرق” إنه بعد التعاقد على تلك المناقصة ارتفع الاحتياطي الاستراتيجي من القمح إلى 6 أشهر، وأن معدلات توريد القمح المحلى لا تزال مستمرة حتى تحقيق المستهدف استلامه والبالغ 3.7 ملايين طن قمح محلي.
يُشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي الحكومة المصرية لتنويع مصادر استيراد القمح وتخفيف الاعتماد على مصدر واحد، خاصة في ظل الأزمة العالمية الحالية في أسعار الحبوب.
خفضت الحكومة المصرية مستهدفها لاستيراد القمح من الخارج خلال العام الجاري، بنحو 17% على أساس سنوي إلى 5 ملايين طن بدلاً من مستهدفها السابق عند 6 ملايين طن، بدعم التوقعات المتفائلة بزيادة كميات التوريد المحلية، بحسب ما ذكره وزير التموين المصري علي المصيلحي لـ”الشرق” في وقت سابق من هذا الشهر .
تُعد مصر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، كما أن مشترياتها تُتابع عن كثب كمرجع عالمي، وهي تشتري عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص.
كان وزير التموين أكد لـ”الشرق”، على أن الشركة القابضة للصوامع التابعة لوزارة التموين خاطبت الحكومة الروسية لبناء مركز حبوب بمصر في منطقة شرق التفريعة ببورسعيد ما قد يجعل مصر مركزاً لتصدير الحبوب من خلال الشراكة مع روسيا، وتوريده لمصر أيضاً.