هل يجوز التضحية بسائر أنواع الحيوان ؟ وهل يجوز شراء لحم بنية الأضحية؟.. الافتاء ترد

أجاب الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف: هل تجوز التضحية بديك أو عصفور؟ وهل يجوز شراء لحم بنية الأضحية؟.

التضحية بديك أو عصفور
ورد على السؤال قائلا: لا تجوز التضحية بغير بهيمة الأنعام من سائر أنواع الحيوان كالغزال والظبي، أو الطيور كالديك والعصفور، وإن ضحى منها لم تجزئه، ولم تكن أضحية، مضيفا: كما لا يجوز شراء لحم وتوزيعه على الفقراء بنية الأضحية؛ لأن شرط الأضحية إراقة الدم، وإنما يقع اللحم المشترَى صدقة، وربما كان أعظم ثوابا من الأضحية، لتفريجه على الفقراء قبل العيد!

وتابع: وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم، بدليل القرآن والسنة والإجماع، أما القرآن فقوله تعالى: “ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فكلوا منها، وأطعموا البائس الفقير”، وأما السنة فلم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم؛ أنهم ضحوا بغير بهيمة الأنعام، وكل الأحاديث القولية لم تذكر في الأضاحي سواها، وأما الإجماع فقد نقله غير واحد من العلماء، كابن عبد البر وابن رشد.

وواصل؛ وأما ما رُوي عن بلال من أنه قال: ما أبالي إن ضحيت بديك! وما روي عن ابن عباس من أنه أمر أن يُشترى لحمٌ بدرهمين، وأن يقال: هذه أضحية ابن عباس، وما روي عن إبراهيم التيمي: تستحب العقيقة ولو بعصفور.

وأوضح: فَيُجَاب عن ذلك بأن هذه الآثار فيها ضعف، وعلى فرض صحتها فهي مؤولة عند العلماء بأن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم أرادوا بذلك أن يثبتوا عدم وجوب الأضحية، وبأنها سنة، فصدر ذلك عنهم على سبيل المبالغة في تأكيد السُّنِّيَّة وعدم الوجوب، وكان سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر لا يضحيان خشية أن يراها الناس واجبة، بهذا أوَّلها الحافظ ابن عبد البر.

واستكمل: وعلى فرض أن قصد هؤلاء الصحابة جواز التضحية وإجزاؤها بالفعل؛ فهو اجتهاد منهم، وقول الصحابي وفعله ليس بحجة وحده، فكيف وقد خالف السنة المرفوعة؟!

وأفاد بأنه لم يقل أحد بجواز التضحية بالديك والعصفور ونحوهما قبل ابن حزم في القرن الخامس الهجري، وتبعه ابن المِبْرَد في القرن العاشر، في رسالته المسماة: (الرد على من شدَّد وعسَّر، في جواز الأضحية بما تيسَّر) وقد فهما هذه النصوص على ظواهرها، بينما أوَّلها الجمهور بصرفها عن ظواهرها، والحق مع الجمهور!

وأشار إلى أن ابن حزم خالف مذهبه في ترك الاحتجاج بالقياس؛ حين قاس التضحية بالديك والعصفور على جواز إهداء البيضة إلى البيت الحرام، ونسي أن الحديث ورد لبيان ثواب التبكير إلى صلاة الجمعة؛ ليكون ثواب المبكر إليها كثواب من أهدى بدنة ثم بقرة ثم بيضة، مع أنه لا يجوز الهدي ببيضة إجماعا، ولكن هذه آفة الظاهرية، التي توقعهم في التناقض والاضطراب.

واختتم: وقد قال برأي ابن حزم وابن المِبْرَد من المعاصرين الدكتور زكريا بياز، عميد كلية الفقه في اسطنبول، والدكتور علي جمعة، والدكتور سعد الهلالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى