” الفاتنة ” بين الرومانسية والضجيج
كتب : احمد الناصر الأحمد
.
هناك من يجزم أن لكتابة القصيدة طقوساً معينة وأجواء خاصة.. تستحثها للشاعر وتقربها منه.. والبعض يظن – وهو ظن يقترب من اليقين – أن الإضاءة الهادئة والألوان الجميلة والورد والعطر وديكور المكان محفزات هامة وضرورية لاستدعاء الحالة الشعرية وكتابة القصيدة.. بل إن هناك من ذهب لأبعد مما سبق، واعتقد أن القصيدة لا تأتي إلا ليلاً، وفي ساعة متأخرة ووفق الطقوس الأنفة الذكر كلها أو بعضها!.
كثيرون يعتقدون أن الأجواء الهادئة والرومانسية تستدرج القصيدة وتساهم كثيراً في صياغتها وجزالتها بعد أن تغريها بالحضور.. هناك من يربط الأمكنة والأزمنة والبيئة المحيطة بهما مع هطول الشعر ومطر الموهبة ويعتبر العوامل المحيطة جزءاً أساساً ورئيساً في استحضار الشعر. في اعتقادي أن كل الأجواء المشار إليها أعلاه وكل الممارسين والداعين لها تعاملوا مع الأمر بسطحية لا تخلو من طيبة قلب! دون مراعاة حقيقة الشعر وماهيته. كل الأجواء السابقة قد تستدرج القليل من الشعر والكثير من النظم لدى البعض لكنها ليست من مُسلمات الحالة الشعرية ولا من يقينيات الشعر الحق.
الكثير من الشعراء كتبوا الكثير والجميل من قصائدهم في أجواء تختلف عما سبق وتتقاطع مع الطقوس المشار إليها آنفا. هناك شعراء داهمتهم القصيدة وسط حالة من الفوضى والضجيج ودعتهم للتوحد معها والانفراد لكتابتها. والكثير من الشعر كتب وسط أجواء مزدحمة وضجيج لا يتواءم معه!. أعرف شعراء مهمين كتبوا عدداً من قصائدهم إما في الصحراء أو في الطرق وهم في سفر، بل إن هناك من كتب قصيدة أو أكثر أو داهمه مطلعها في مناسبة أو جلسة اجتماعية أو أدبية!.. الأمر طبيعي جداً!