تاء مربوطة
بقلم د شيرين العدوي
مازلت معك عزيزى القارئ مع شاعرات رفعن لواء الشعر عاليا، وقد وصلتنى أعمالهن من خلال مسابقة ظهرت نتيجتها ولم يفزن, رأيت من واجبى كشاعرة أن أشد على أيديهن وأدعم تجاربهن المميزة وأظهرها للقراء. وأعرض اليوم ديوان «تاء مربوطة» للشاعرة منى حمودة وهى شاعرة من مدينة المنصورة بالدقهلية. يعكس شعرها أصالة البيئة التى نشأت فيها وجماليات الحياة اليومية والأحياء المصرية، مما يضفى على قصائدها طابعًا محليًا جذابًا. يقع الديوان فى مائة صفحة من القطع المتوسط، وتعبر الشاعرة بالعامية المصرية. ويمثل هذا الديوان تعبيرًا عن إنسانية الشاعرة واكتمالها الأنثوى، حيث ترفض القهر وتعتز بأنوثتها.
جاء عنوان الديوان «تاء مربوطة» رمزا للتعبير عن الأنثى فى اللغة العربية، ومربوطة لأنها كالدائرة التى تكتمل بها دورة الحياة، مما يعكس رؤية الشاعرة للمقاومة النسوية.الشاعرة تتبنى رؤية المحاربة التى ترفض القهر وتواجه الحياة بأسئلتها الاستنكارية، وتعتمد فى ديوانها على لغة بسيطة تتكئ على المونولوج الداخلى للروح، معبرة عن الفلسفة فى الصور، والتساؤلات التصويرية، والعلاقات الإنسانية. تتميز قصائدها بتعبيرها بلسان الرجل ومشاعره تجاه الأنثى، وهو جانب جديد فى الكتابة الأنثوية.رغم جدة الموضوعات التى تطرحها الشاعرة؛ فإنها تفتقر إلى عمق الرؤية والتكثيف فى العبارة الشعرية، مما يقلل من تأثيرها فى بعض الأحيان.
كما يسوسها الشعر فلا تلجم زمامه، مما قد يفقد القصائد بعضًا من الحبكة الدرامية التى تميز الشعر الحقيقى. ورغم ذلك، يبقى الديوان محاولة صادقة وجريئة للتعبير عن قضايا الأنثى. تُعد قصيدة جلجلة من أبرز قصائد الديوان. تقول فيها: على باب حارتنا/اللعب عمره فى يوم ما نااااام/الضحك عامل جلجلة/ومعلقاه زينة الحيطاااان/صوت العيال نسمة هوا ترقص على أعتاب الجيران /خطاوى بكر وذكر منقوش على البيبان/وتراب شارعنا المرمرى المبدور وأنا واقف حرس فاتح دراعه ليل … نهار/حافظ دموع و200 وقوع/وجراح يطيبها بخشوع/ويقول فوارس.. وهو والله الفرس بيقاوح الليل والسهر /للفجر بنعبى ف صور/منقوشة بكفوف الأمل/بين ذكرياتنا لتتنسى/وكعوب بتتحنى ب ندى/الصبح هالل م الوسن وهم ما زالوا ف هوس/«ثبّت صنم، أو كهربا، صلّح، وسيجا، ومصطبة/» والحارة حاضنة مطبطبة/ما تحس بالبرد إن قرص / نشفنا ريق قلب القلق وخنقنا مشيه بالساعات/ موكب شروق هل وفلق/ الصبح على ست الحارات/ فارده جناحات الشمس نور/ فوق البيوت والبلكونات.
تعكس القصيدة أجواء الحارة المصرية بحيوية وتفاصيل دقيقة، مما يشعر القارئ بأنه يعيش تلك اللحظات. تستخدم الشاعرة الصور الشعرية ببراعة لتعبر عن الحارة كمكان نابض بالحياة، محافظ على ذكرياته وأسراره. والقصيدة تعبرعن مشاعر الحنين والانتماء للحارة، وهى تتجلى بوضوح فى الأبيات. مما يضفى طرافة وجدة على العمل.ديوان تاء مربوطة لمنى حمودة يعكس رؤية أنثوية قوية ومتمردة على القهر، معبرة عن الحياة اليومية والمشاعر الإنسانية بعمق وصدق،. يعد هذا الديوان خطوة جريئة ومهمة فى الشعر الأنثوى، ومقدمة لرؤية جديدة ومختلفة للأدب النسوى.