نيل الأهرامات المنقرض.. زاهي حواس: الدراسة مسروقة !!

خبراء يرون أن كشف فرع النيل بالقرب من الأهرامات لا يستحق كل هذه الضجة
بينما تناقلت وسائل الإعلام العالمية نتائج دراسة، كشفت بالأدلة الجيولوجية عما سمته “فرع الأهرامات”، وهو فرع منقرض من نهر النيل، كان يستخدم لنقل حجارة بناء الأهرامات، فإن أثريين، على رأسهم وزير الآثار الأسبق زاهي حواس، يرونها “غير ذات قيمة”.

وذكرت الدراسة التي قادتها إيمان غنيم، الأستاذة بقسم علوم الأرض والمحيطات بجامعة نورث كارولينا ويلمنغتون، أن فرع النيل المنقرض من منطقة لشت جنوبا حتى الجيزة شمالا، كان يبلغ طوله 64 كيلومترا، وعرض قناته نحو 500 متر، وتم على امتداده بناء 31 هرما من أهرامات مصر، كان من من بينها أهرامات الجيزة، وكانت المراكب ترسو في “معابد الوادي” القريبة من كل هرم، والتي كانت بمثابة موانئ تستقبل السفن المحملة بحجارة البناء.

خبراء يرون أن كشف فرع النيل بالقرب من الأهرامات لا يستحق كل هذه الضجة

ولا يعتبر حواس أن هناك أي جديد بتلك الدراسة على مستوى الأدلة التاريخية والمادية، وقال في تصريحات، إنها “تعد سرقة لما جاء بالعلم”.

وأرسل بيانا مشتركا أصدره مع عالم المصريات الأمريكي الشهر مارك لينر صاحب كتاب “الأهرامات الكاملة” يتضمن ست ملاحظات على الدراسة: وهي:

أولا: ذكر الباحثون في دراستهم أنه “لم يتم تقديم تفسير مقنع حتى الآن لسبب تركيز هذه الأهرامات في هذه المنطقة المحددة”، وهذا الكلام مردود عليه بأن “أي طالب مبتدئ في علم المصريات، يعلم أن أهرامات الدولة القديمة والوسطى تنتمي إلى مقابر غرب منف، العاصمة التقليدية لمصر، وأن الغرب كان اتجاه الموتى”.

ثانيا: اقترح علماء المصريات لأكثر من قرن أن فرعاً غربياً من النيل أو قناة على طول مسار قناة بحر الليبيني أتاحت الوصول إلى الأهرامات، وقبل ثلاثة وخمسين عاما، طور عالم المصريات الفرنسي جورج جوين فكرة فرع غربي من النيل أو قناة تربط الأهرامات ومعابد الوادي، وعرف هذا الفرع ببحر الليبيني (جوين 1971).

ثالثا: لأكثر من قرن، حقق علماء المصريات في فرضية وجود موانئ في نهاية طرق الأهرامات، أمام معابد الوادي، في خلجان طبيعية، مثل خليج أبو صير، وفي أفواه الأودية، مثل حوض خنتكاوس في فم الوادي المركزي في الجيزة، أو حتى أبعد غربًا، مثل الحوض في الوادي الجنوبي في دهشور، لأكثر من قرن ناقش علماء المصريات فكرة أن هذه الأحواض يمكن أن تستقبل مياه النيل، على الأقل خلال فترة الفيضان.

رابعا: قمنا في الجيزة لسنوات بدراسة موضوع الفرع الغربي لنهر النيل على طول مسار بحر الليبيني وكيف كان يغذي موانئ أهرامات الجيزة، لقد وجدنا ونشرنا حدوداً ومعالم عن موانئ خوفو وخفرع ومنكاورع، ولم يتم تقديم تفسير مقنع حتى الآن لسبب تركيز هذه الأهرامات في هذه المنطقة المحددة. ولم تُذكر منشوراتنا نهائياً في هذا البحث.

خامسا: تجاهل المؤلفون اكتشاف بردية وادي الجرف في عام 2013 التي تتضمن، بين وثائق أخرى، يوميات رجل يُدعى مرر قاد فريقاً لنقل الحجر الجيري بالقارب من المحاجر الشرقية في طرة إلى الجيزة لبناء هرم خوفو، وأشار مكتشف البردية، بيير تاليت، إلى بحر الليبيني كعلامة على فرع غربي لنهر النيل، والمسارات الجنوبية التي سلكها مرر ورجاله إلى الجيزة، أغفل الباحثون تماماً هذه المعلومات الجديدة الهامة.

سادسا: في عام 1995، عملنا مع مجلة ناشيونال جيوغرافيك لإعادة بناء فرع غربي لنهر النيل على مسار الليبيني عن طريق رقمنة خرائط محددة بمقياس 1:5,000 أنتجتها وزارة الإسكان ، وأنتجنا عرضًا ملونا معادا بناؤه لفرع النيل الغربي وهو عملياً نفس الشكل 7 في الدراسة الجديدة، كما أنشأنا نموذجا مصغرا للحوض العميق الذي يميز بقايا قناة النيل الغربية على طول الليبيني، وتم نشره بالفعل في ناشيونال جيوغرافيك قبل تسعة وعشرين عامًا، وهو نفس الاكتشاف الرئيسي للدراسة الجديدة المنشورة في مايو/ آيار 2024 .

وخلص حواس ولينر من ذلك للقول إلى أنه “يبدو أن المؤلفين إما غير مدركين للنقاشات والأبحاث المنشورة بالكامل حول موضوعهم، أو يتجاهلون إلى أي مدى تم مناقشة اقتراحهم في الأعمال الأكاديمية لكي يقدموا نتائجهم كاكتشاف جديد، ونحن لا نجد أي جديد فيما ذكره بحث غنيم والمؤلفين الآخرين”.

خبراء يرون أن كشف فرع النيل بالقرب من الأهرامات لا يستحق كل هذه الضجة

 

ويؤيد عالم الآثار المصري منصور بريك، ما ذهب إليه حواس، مشيرا في تصريحات ، إلى مبرر آخر لرفض الدراسة، وهو أن علماء آخرين من بينهم ديفيد جيفري، من معهد الآثار بكلية لندن الجامعية، والدكتور فكري حسن، الرائد في علم آثار الأرض، قاما منذ أكثر من ربع قرن بعمل عشرات المجسات تتبعت امتداد هذا الفرع النيلي المنقرض وشرح كيف انتقل مجري النيل تدريجيا نحو الشرق، وهو ما دفع بريك لطرح نفس التساؤل الذي طرحه حواس حول الجديد الذي تقدمه هذه الدراسة.

وخلص إلى أن هذه الدراسة لم تقدم أي جديد يذكر سواء على مستوى الاكتشاف أو الأدلة الجيولوجية، ولم تضف أي جديد حول لغز بناء الأهرامات، سوى أنها أعادت تكرار ما نعرفة، وهو أن فرع النيل المنقرض استخدم في نقل حجارة الأهرامات.

وأضاف: “ربما تكون الفائدة الوحيدة لهذه الدراسة هي تسليط الضوء على الأهرامات، لتكون حاضرة في تغطيات وسائل الإعلام الأجنبية، ولكن بمعلومات تعيد تكرار ما أنتجه العلم منذ عقود “.

خبراء يرون أن كشف فرع النيل بالقرب من الأهرامات لا يستحق كل هذه الضجة

 

وبسب ما سماه بريك “تكرار ما أنتجه العلم”، فإن عالم المصريات الأمريكي جون درانيل، يقول في تصريحات خاصة ” أستطيع أن أفهم لماذا يقول البعض إن هذه الدراسة لم تصل إلى أي شيء جديد، لأننا نعلم أن الحجارة تم جلبها عن طريق الأنهار والقناة إلى قاعدة الجرف لبناء أهرامات المملكة القديمة في مصر، حتى في الآونة الأخيرة، قبل الانتهاء من بناء السد العالي في أسوان، كان فيضان النيل يصل إلى قاعدة الجرف في الجيزة”.

ويستشهد درانيل، بالصور والنصوص في صفحات كتب أصدرها عالم المصريات الأمريكي مارك لينر، والفرنسي بيير تاليه، مضيفا: “هذه الصور والنصوص تكشف عن وجود قناة للنيل قريبة بشكل دائم من الجرف لنقل حجارة الأهرامات”.

 

خبراء يرون أن كشف فرع النيل بالقرب من الأهرامات لا يستحق كل هذه الضجة

ورغم أن عالم الآثار المصري عكاشة الدالي، يتفق مع ما ذهب إليه الخبراء من أن الدراسة لم تكشف عن جديد غير معروف، لكنه وصفها في تعليق على صفحته بموقع “فيسبوك”، بأنها “جهد مشكور لإثبات ما هو معروف بالأدلة الجيولوجية”.

وتشرح تفاصيل الدراسة التي نشرتها دورية “إنفيرومنت آند كومينيكيشنز إيرث”، التابعة لدار النشر “نيتشر”، ماهية الأدلة الجيولوجية المستخدمة لتحديد موقع فرع نهر النيل المنقرض، الذي تم تسميته بـ”بفرع الأهرامات”، حيث استخدمت موجات الأقمار الصناعية الرادارية، للكشف عن موقع الفرع المنقرض، ثم تم تأكيد ذلك بالعثور على عينات لرواسب قنوات النهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى