كيف السبيل للقاء سيد المال الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد؟
يتولى الشيخ طحنون قدراً هائلاً من أصول خاصة وحكومية يسعى القاصي والداني من رجال المال لاستثمارات منها
بقلم: Ben Bartenstein
الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان رجل من صفوة مجتباة في الشرق الأوسط؛ حيث تجد رجالات المال والتمويل، ممن يتوافدون على الإمارات العربية المتحدة من هونغ كونغ أو لندن أو نيويورك، يتحرقون للقاء تحية وتعارف مدته عشر دقائق. المحظوظون منهم، وهم قلة قليلة، قد يحلّون ضيوفاً عليه في يخته الفاخر “مارية”، حيث يحلو له أن يلعب الشطرنج فيما تلثم الشمس مياه الخليج فتسطع من نورها.
الشيخ طحنون رجل رياضي رشيق وأنيق من أثرى أسرة في العالم، وباتت النظارة الشمسية التي لا تغيب عن محياه سمةً لوصفه. هو يشرف على أصول للدولة وصناديق خاصة تبلغ قيمتها مجتمعة ما يربو على 1.5 تريليون دولار، لذا يطمح من يتمكن من استثمار جزء يسير من تلك الثروة لجني أتعاب وعوائد جزيلة.
تكمن العقبة في الوصول إلى الشيخ طحنون. إن التعارف الحسن مفتاح لأي مكان من العالم به مغانم. يقال بلغة السياسة العتيقة في شيكاغو: “لا نريد أحداً ليس من طرف أحد”. أما في وادي السليكون، يمر الطريق إلى الثراء عبر لجنة القبول في جامعة ستانفورد ومجموعات حاضنات رأس المال الاستثماري. لكن آليات السلطة والمال في الإمارات العربية المتحدة تتطلب علاقات شخصية أكثر. إن الشيخ، وهو في أواسط خمسينيات عمره، لا يقتصر دوره على رعاية مال الأسرة، فهو أحد نواب حاكم أبوظبي، وهو شقيق رئيس الدولة وابن أبيها المؤسس. كما أنه مستشارها للأمن الوطني. باختصار، إنه ليس ممن تلج مكاتبه لتطلب مقابلته عبر مكتب الاستقبال.
شعاب أبوظبي
تمر إحدى السبل المطروقة للوصول إلى الشيخ طحنون وما يتولى من أموال عبر جزيرة المارية، وبها تشمخ ناطحات سحاب ويقع مركز أبوظبي المالي العالمي، وهو من بنات أحلام الشيخ طحنون قبل عقدين بعدما جمعها باستشارات من قطب العقارات الأميركي الراحل سام زيل.
قد يُوجَّه مديرو المال إلى إحدى الشركات التي يرأسها الشيخ بعد أن يجتمعوا إلى مصرفيين في بهو فندق “فور سيزونز”، مثل بنك أبوظبي الأول أكبر مصارف الإمارات، أو شركته الاستثمارية الخاصة “رويال غروب”، أو شركة الذكاء الاصطناعي “جي 42” (G42).
إن سارت الأمور على ما يرام، فسيقابلون أحد ثقات الشيخ طحنون، وهم يقررون من يُسمح له بالانضمام إلى الجمع. بعضهم لا يظهر اسمه في قوائم إداراة أي مؤسسة، لذا لا يقتصر الأمر على أن تعرف مَن الأشخاص المناسبون، بل عليك أن تتعرف على من قد يخبرك بأسماء الأشخاص المناسبين. وتجد أن أصوات المصرفيين والمحامين والمستشارين تخفت حين يأتون على ذكر تلك الأسماء حين يلتقون في مقاهي دبي وأبوظبي.
يستند هذا التقرير إلى مقابلات مع أكثر من 40 شخصاً ذوي اطلاع على إمبراطورية الشيخ طحنون المالية، ومنهم موظفون حاليون وسابقون في شركاته، إضافة إلى صانعي صفقات ومصرفيين ومحامين أجانب. وقد تحدث معظمهم بشرط عدم كشف هوياتهم لأن كثيراً من المعلومات المتناولة خاصة، ولم يستجب الشيخ طحنون لطلبات التعليق المرسلة عبر “رويال غروب” وحكومة الإمارات العربية المتحدة.
مناورة اجتماعية
ما يسعى إليه رجال التمويل هو بناء علاقة مع أحد الثقات، بحيث يستطيع أن يحقق صفقة دون أن تبلغ أي معلومة للمنافسين عن أسلس سبل الوصول إلى الشيخ. يقول رضا بندي، الرئيس التنفيذي لشركة “أطلس كابيتال تيم”، التي تساعد الصناديق على التغلب على الصدمات الجيوسياسية: “إنها مناورة اجتماعية غريبة جداً”. أضاف الرجل الذي التقى بصناديق الثروة في أبوظبي لمناقشة أفكار شراكات: “إن أهمية حارس البوابة بقدر أهمية الفكرة. إن جئت بفكرة عظيمة عبر حارس بوابة رديء، ستكون النتيجة عكس المراد”.
لقد اكتشف زيل منافع الصلات الصحيحة مبكراً، وقد قُدّم للأسرة الحاكمة في مطلع عصر التعويل على الثقات. كان ذلك في 2005، حين كان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وهو شقيق أصغر سناً للشيخ طحنون، يزور نيويورك، وفقاً لرواية زيل في مقابلة عام 2022. اهتمت الأسرة الحاكمة بمشروعه لتطوير مساكن ميسورة الأسعار في المكسيك، لذلك رتّب الرجلان لقاء. كانت تلك بداية ناجحة واقترح الشيخ عبد الله، الذي عيّن وزيراً للخارجية بعدها بعام، أن يزور زيل موطنه.
كان الشيخ طحنون حينها الوحيد من بين أشقائه الستة، أبناء الشيخ زايد من الشيخة فاطمة بنت مبارك، الذي لم يكن يشغل منصباً رسمياً. لم يكن قد مر وقت طويل على رحيل والده، وآلت إليه كثير من الأراضي ودخلت إلى شركته “رويال غروب” أموال كثيرة.
كان الأشقاء يجتمعون في أماسيهم بقصر من قصور الأسرة ويتجاذبون أطراف الحديث عمّن التقوا وعما نما إلى علمهم وكيف يسخّرون ذلك في استراتيجيتهم. أكبرهم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي تولى رئاسة البلاد في مايو 2022، وإلى جانبه الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، الذي يشغل الآن منصب نائب الرئيس، والشيخ طحنون والشيخ عبد الله. كما درج أن يكون في حضرتهم بعض مستشاري الأسرة غير الرسميين مثل خلدون المبارك، نجل الدبلوماسي الذي تدرب ليصبح قيصر مال، ويوسف العتيبة، وهو الآن كبير دبلوماسيي الإمارات لدى واشنطن.
بداية صداقة
زاد قرب زيل من آل نهيان بعدما تجول مع الشيخ محمد بن زايد على دراجات نارية في ليل أبوظبي. (وردت تفاصيل عن زيارته أبوظبي لأول مرة في ملف تعريفي عنه في مجلة نيويوركر عام 2007). وفي وقت لاحق، طلب منه الشيخ طحنون مشورة، لكن زيل نحّى الفكرة الأولية التي قدمها الشيخ عن مشروع تطوير عقاري، وما كان من الشيخ طحنون، وهو ابن الأسرة الحاكمة، إلا أن يعرب عن تقديره لصراحة زيل، فنشأت بعدها صداقة بينهما. استضاف زيل الشيخ طحنون على غداء في موطنه شيكاغو، كما ذهب في رحلة صيد لاحقاً إلى المغرب مع الشيخ محمد والشيخ طحنون، وكانت تلك أول مرة يمسك بها زيل بندقية. مع تعمق علاقته بالشيخ طحنون، بدأ زيل يعمل بشكل وثيق مع سيدة مغربية تلقت تعليمها في بريطانيا هي صوفيه عبد اللطيف العسكي. وكانت الوسيطة الرئيسية لترتيب اجتماعاته مع الشيخ.
خلال نحو عقدين منذئذ، برز دور مهم وهادئ للعسكي في مجال التمويل في الإمارات. وهي تساعد في توجيه العمليات اليومية لمجموعة “رويال غروب”، وهي شركة قيمتها نحو 300 مليار دولار، من مكتبها في الطابق التاسع المطل على متنزه خليفة في أبوظبي. يقع مبنى المجموعة المكسو بزجاج يميل إلى الزرقة لوناً، بمحاذاة مطار البطين التنفيذي، الذي يخدم الزوار ممن يتنقلون بطائرات خاصة. في الأيام الأولى، عمل الفريق من فيلا لا تحمل أي علامات تقع على شارع هادئ، وكان المصرفيون يستدلون عليها عبر قصاصات ورق مكتوب عليها عنوانها، وفقاً لبعض من كانت لهم لقاءات مع المجموعة حينذاك.
لا يظهر اسم العسكي في أي من صفحات موقع الشركة الإلكتروني، لكن الأشخاص المطلعين على الأعمال يقولون إنها تؤدي مهامها كرئيس تنفيذي فعلي لمجموعة “رويال غروب”، وهي منخرطة في مجالس إدارات عشرات من تابعاتها، ومنها الشركتان البارزتان “الشركة العالمية القابضة” و”ألفا ظبي القابضة”، اللتين تضخمت قيمتهما السوقية المجمعة إلى 280 مليار دولار، تحت إشرافها. لم تستجب العسكي لطلبات التعليق.
نشاط متشعب
مع وجود مئات الكيانات تحت مظلة “رويال غروب”، تزين أصول الشركة كل أحياء مدينة أبوظبي، ومن تلك سلاسل وجبات سريعة وصيدليات وعيادات أسنان وشقق وفنادق ومدارس ومراكز التسوق وصالات رياضة ونوادٍ شاطئية ومحال للدراجات النارية ومصانع وشركات اتصال. توظف المجموعة الأم أكثر من 25 ألف شخص، ويعمل لدى تابعتها “الشركة العالمية القابضة” حوالي 155 ألفاً. ومن ذلك تجد معلمين يعملون لدى “أكاديمية الربيع”، وآخرين يشتغلون في دور العرض لدى شركة “سيني رويال سينما”، وطهاة لدى مطعم وكافتيريا “نينار”.
مع نمو الإمبراطورية المالية لآل نهيان، نمت شبكة الوسطاء. وقد جعلت أبوظبي، التي تضم حوالي 6% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، من نفسها عاصمة لرأس المال مع بلوغ قيمة أصول صندوقي الثروة السيادية، جهاز أبوظبي للاستثمار و(ADQ)، ما يفوق 1.1 تريليون دولار. يتولى الشيخ طحنون كلا الصندوقين.
ويشغل الشيوخ الأشقاء مناصب حكومية عديدة، ما لا يدع لهم إلا قليلاً من الوقت ليجتمعوا بمسؤولين تنفيذيين زائرين، حتى لو كثر عدد من ينتظرون ذلك. قالت مارسيل وهبة، سفيرة للولايات المتحدة لدى الإمارات العربية المتحدة بين 2001 و2004: “لديهم كثير من الخيارات هذه الأيام. فقد باتت رجال التمويل في وول ستريت يتنافسون مع نظرائهم من الصين والهند وأماكن أخرى” (ليتقربوا من الإمارات).
أصبح رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري قطب اتصال أولياً لكثير ممن يتطلعون لمقابلة الشيخ طحنون، ومن يجتازون اختبار رئيس الوزراء السابق (الذي غالباً ما يصاحب ارتشاف المتة الأرجنتينية) قد يبلغون الاختبار النهائي لدى العسكي.
غالباً ما يعقد الحريري اجتماعات في الجناح الرئاسي في منتجع سانت ريجيس بجزيرة السعديات، وهو مقر إقامته الرئيسي في أبوظبي، حيث يمكن مشاهدة الغزلان تمرح على امتداد ساحل الخليج البكر من النافذة. (تملك شركة أبوظبي المتحدة للضيافة، إحدى وحدات الشركة العالمية القابضة، فندق النجوم الخمس المذكور.) جعل الحريري في عاصمة الإمارات العربية المتحدة مقراً له في مطلع 2022 بعد سلسلة أزمات أنهت ولايته. وهو يحمل أيضاً الجنسية السعودية، لكن إعلانه الفجائي عن استقالته في أواخر 2017 عبر التلفزيون من الرياض، خلق توترات بعد أن اتهم مسؤولون لبنانيون المملكة باحتجازه كرهينة. ومع انتهاء مسيرته السياسية وما اعترى ثروة أسرته من صعاب، إذ ينتمي الحريري لأبرز أسرة سياسية في لبنان، اتجه إلى أبوظبي من أجل فرصة لإعادة بناء نفسه. ويقول: “هذا مكان يستثمر اليوم في أدوات وأفكار الغد”.
استثمارات واسعة التنوع
بيل موراي، دبلوماسي بريطاني سابق، تعيّن سابقاً في عمّان ومسقط وتونس، وهو مستشار آخر للعائلة الحاكمة في أبوظبي. يقول أشخاص مطلعون إن رابطة نشأت بين الشيخ طحنون وموراي حين كان قنصلاً لبلاده لدى الإمارات العربية المتحدة. وقد ساعد حديثاً في تأسيس “تاو كابيتال” (Tau Capital)، وهي شركة رأس مال استثماري يدعمها الشيخ طحنون، وتركز على شركات ناشئة في مجال التقنية العميقة، أي الشركات التي تقود التقدم العلمي الأساسي.
هناك أشخاص فاعلون لكل منطقة من العالم يشاء الإماراتيون أن يستثمروا فيها. أجاي بهاتيا، الرئيس التنفيذي لشركة “سيريوس إنترناشيونال” (Sirius International)، وهي تابعة لـ”الشركة العالمية القابضة”، كان وسيطاً رئيسياً في صفقات الهند، ومنها التي تتعلق بالملياردير غوتام أداني، وترتيبه 14 على سلم أثرياء العالم، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ. كما أصبحت ميليسا مونكادا، ملكة جمال كولومبيا السابقة التي أقامت كثيراً من مشاريع اللياقة البدنية ثم جعلتها شركة قابضة تدعمها “رويال غروب”، وسيطاً موثوقاً في صفقات أميركا اللاتينية، بما في ذلك الاستثمار مع رجل الأعمال الكولومبي خايمي غيلينسكي. كان عضو مجلس إدارة “الشركة العالمية القابضة” محمد ناصر الشامسي مستشاراً مهماً للشيخ في صفقات التعدين الأفريقية. لم يستجب موراي وباتيا والشامسي لطلبات التعليق، ورفضت مونكادا التعليق.
غالباً ما تُبنى الصفقات على سنوات من العلاقات، ومثال على ذلك كان راجيف ميسرا، الذي اعتمد على شبكته الواسعة في الشرق الأوسط لجمع مليارات الدولارات، أولاً لصالح صندوق الرؤية التابع لمجموعة “سوفت بنك”، وحديثاً لصالح شركته “ون إنفستمت مانجمنت”. يقول رجل المال هندي المولد الذي يدعمه صندوقا الثروة السياديان الإماراتيان “مبادلة للاستثمار” و”رويال غروب”، إنه يعمل بشكل وثيق مع العسكي وآخرين مقربين للشيخ طحنون.
كما تضم دائرة المقربين هذه سيد بصر شعيب، الرئيس التنفيذي لـ”الشركة العالمية القابضة”، ورئيس شركة “جي 42” التنفيذي بينغ شياو. تقع الشركتان في قلب طموحات دولة الإمارات العربية المتحدة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط ليتجه نحو التمويل والتقنية. وفي غضون سنوات قليلة فقط، برزت “الشركة العالمية القابضة” من الظلال لتصبح أكبر شركات البلاد المدرجة قيمة. قبل عامين، استثمرت ملياري دولار في ثلاث شركات يملكها أداني. وأصبحت إحدى تابعاتها المدرجة، هي مجموعة “ملتبلاي” (Multiply) التي تركز على التقنية، نشطة في أحدث موجة من الطروح العامة الأولية في المنطقة.
قوة ناعمة متعاظمة
كما برزت شركة “جي 42” من الغموض لتصبح واحدة من أبرز شركات الذكاء الاصطناعي في العالم. أحد مشاريعها الرائدة هو برنامج الجينوم الإماراتي، الذي يهدف إلى إعداد خارطة بيانات صحية للمواطنين سعياً للوقاية من الأمراض المزمنة وعلاجها. يقول الأشخاص المطلعون على فكر الشيخ إن هذا المسعى يتوافق مع اهتمامه بطب طول العمر، ومن ذلك حلم العيش لقرن ونصف القرن على الأقل.
الهدف الأكبر هو جعل أبوظبي منافسة عالمية في مجال التمويل والجغرافيا السياسية ليكون لها تأثير يماشي لقب إسبرطة الصغيرة الذي يكنيها به البعض. لقد دفع هذا الطموح شركات الشيخ طحنون للتفكير بصفقات لشراء شركات “ستاندارد تشارترد” و”لازارد” العام الماضي. كما دفع ذلك لإقامة شراكات مع رواد أعمال مثل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، وحفز عدداً كبيراً من المليارديرات على إنشاء مكاتب في الإمارات. تشمل القائمة راي داليو، مؤسس شركة صناديق التحوط “بريدجووتر أسوشيتس” (Bridgewater Associates)، وشانبينغ جاو، مؤسس بورصة العملات المشفرة الذي أقر بأنه مذنب في تهم مكافحة غسيل الأموال في الولايات المتحدة، وقطب الصلب الروسي فلاديمير ليسين. وفي العام الماضي، التزمت شركات التمويل تمثل أكثر من 450 مليار دولار بإنشاء عمليات في المركز المالي في أبوظبي.
يمكن رؤية الصفقات من خلال منظور الأمن القومي للدولة ومدى ارتباطه بالاقتصاد. تملك الدولة الصغيرة استثمارات في كل شيء بدءاً بشركات التقنية الأميركية وشركات الذكاء الاصطناعي الصينية إلى مناجم النحاس الزامبية ومشاريع الطاقة الشمسية الهندية، ما وسع قوتها الناعمة في جميع أرجاء العالم.
تعاون إقليمي
يمكن أن تصبح العلاقات التجارية سياسية أيضاً. المدير التنفيذي لشركة رأس مال استثماري، ريك غيرسون، كان زميلاً في التدريبات الرياضية للشيخ محمد بن زايد، ويمارس أعماله في أبوظبي منذ سنوات، وهو أيضاً عضو في مجلس إدارة شركة “ملتيبلاي” التابعة للعالمية القابضة. كما أن غيرسون مقرب من جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وقد عرفه على العائلة الحاكمة في أبوظبي. فمهد ذلك لعلاقة ودية بين ترمب والإمارات العربية المتحدة. بعد شهر من فوزه المفاجئ في انتخابات 2016، التقى الرئيس المنتخب والشيخ محمد والشيخ طحنون وكوشنر ومستشارا ترمب ستيف بانون ومايكل فلين في فندق فور سيزونز في نيويورك. وكان للشيخ طحنون لاحقاً دور محوري في تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، فضلاً عن الانفراجات الدبلوماسية الأخيرة مع قطر وإيران. يقول كوشنر: “إنه يريد أن تعمل جميع دول المنطقة معاً”.
كمدير للاستثمار، ارتبطت مسيرة كوشنر المهنية بعد البيت الأبيض ارتباطاً وثيقاً بالشرق الأوسط. وقد حصلت شركته “أفينيتي بارتنرز” على استثمار قدره 2 مليار دولار من صندوق الثروة السيادي في المملكة العربية السعودية، كما تلقت استثمارات من صناديق الثروة السيادية في قطر والإمارات العربية المتحدة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم كشف هوياتهم لأن المعلومات ليست علنية.
ولكونه مسؤولاً عن تخصيص استثمارات كبيرة، تمكن الشيخ طحنون من الحصول على معلومات حول السوق من بنوك وول ستريت وأكبر مديري الأموال في العالم، وهي تغذي استراتيجيته الاستثمارية. لكن ربما ينبغي على صانعي الصفقات الطموحين المتوجهين إلى أبوظبي أن يحزموا ملابس رياضية مع كمبيوتراتهم المحمولة.
في هذه الأيام، يقوم الشيخ طحنون أحياناً بدعوة رجال تمويل زائرين لجولات مجهدة بالدراجات على أحد مسارات الدراجات في المدينة. كما أن لديه حزاماً أسود في رياضة الجوجيتسو البرازيلية، فقد نما شغفه بهذه الرياضة في أواخر عشرينياته، عندما أمضى وقتاً يتدرب في سان دييغو لدى المدرب البرازيلي نيلسون مونتيرو. ثم عيّنه مدرباً خاصاً له في الإمارات. ومنذئذ طفقا ينشئان صالات رياضة قتالية في جميع أنحاء البلاد تشرف على الكثير منها “رويال غروب”، وأصبحت معروفة كأماكن يتواصل فيها رجال المال مع الشيخ وحاشيته.
وقال فيناي كابور، وهو مصرفي مخضرم عمل في الإمارات على مر ثلاثة عقود: “توفر اللقاءات غير الرسمية بيئة مواتية لبناء الثقة والعلاقة مع أفراد العائلة الحاكمة في أبوظبي.. الشيخ طحنون يقدر الأصالة والعلاقات الحقيقية”. بالطبع، كما يعلم كل جامع أموال، لا يخلو التعارف العابر من الرسمية، في بعض الأحيان.