يوم الطفل الفلسطيني يأتي في زمن الإبادة الجماعية
بقلم د : ليلى الهمامي
استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
يأتي يوم الطفل الفلسطيني الخامس من أبريل من كل عام في زمن الإبادة الجماعية المتواصلة: الاحتلال يعتقل أكثر من 200 طفل في سجونه حيث بلغت حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال بعد السابع من أكتوبر أكثر من 500
ويعتقل الاحتلال الإسرائيلي في سجونه أكثر من (200) طفل فلسطيني، منهم (23) طفلًا من غزة محتجزون في سجن (مجدو) وهم رهن الإخفاء القسري، كما كافة معتقلي غزة، علمًا أنّ هذا المعطى الوحيد المتوفر بشأن أطفال غزة المعتقلين وقد يكون العدد أعلى من ذلك.
لقد شكّل هذا العام أكثر الأعوام دموية بحقّ الأطفال الفلسطينيين ، وذلك في ضوء عدوان الاحتلال الشامل وحرب الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة حتى اليوم، حيث قتل الاحتلال أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في غزة خلال الستة أشهر الماضية بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، علما أن هذه الحصيلة غير نهائية نظرا لاستمرار العدوان، إضافة إلى أن آلاف الضحايا منهم ما زالوا في عداد المفقودين تحت الأنقاض، بالإضافة إلى 117 شهيدًا من الأطفال قتلتهم قوات الاحتلال منذ بداية العام في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
ويواجه الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال يواجهون بعد السابع من أكتوبر، الإجراءات الانتقامية التي فرضها الاحتلال على مختلف فئات الأسرى في كافة السجون، فعمل بدايةً على عزل الأسرى عن العالم الخارجي بشكل تام، وعزلهم عن بعضهم البعض في داخل السجون، وسحب كافة الأدوات الكهربائية ومستلزماتهم من داخل الغرف، وقطع المياه الساخنة عنهم ومصادرة الملابس، واكتفت إدارة السجون بتقديم وجبات طعام ضئيلة للغاية وبنوعيات رديئة جدًا، إضافة إلى هذا كله انتهجت قوات الاحتلال التّعذيب بحق الأسرى بوتيرة غير مسبوقة.
ومنذ بداية العدوان بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال في الضّفة، أكثر من 500، حيث تشكّل سياسة اعتقال الأطفال إحدى أبرز السياسات التي انتهجها الاحتلال على مدار عقود وحتى يومنا هذا، فمنذ سنوات الاحتلال الأولى للأراضي الفلسطينية يستهدف الاحتلال الأطفال بشتى ومختلف السبل والوسائل وبشكل مباشر دون أدنى مراعاة لأي اتفاقيات تضمن للأطفال حقوقهم، إذ يعتبر الاحتلال من خلال ممارساته بحق الأطفال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة هدفًا رئيسيًا من أهداف العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، إذ تعتبر دولة الاحتلال الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل منهجي ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية كل عام، بشكل يفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة (العادلة).
وكان للأطفال الأسرى نصيبًا من الأساليب الانتقامية المستخدمة بحق الأسرى والأسيرات، فبحسب شهادات لأسرى أطفال كانوا قد تحرروا في الفترة الأخيرة فإن الاحتلال عمل منذ اليوم الأول على عزلهم عن باقي الأسرى والأقسام، وسجلت عدة شهادات تفيد بتعرضهم للضرب المبرح خلال فترة مكوثهم داخل السجون، وتشير الإحصاءات والشهادات الموثّقة للمعتقلين الأطفال؛ إلى أنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي والنّفسيّ، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين، والأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل.
وتحت إطار سياسة الاحتلال في ملاحقة الأسرى المحررين واستهدافهم المستمر، أعاد الاحتلال اعتقال 15 أسيرًا محررًا من الذين تم تحريرهم خلال صفقات التبادل بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث أفرج الاحتلال لاحقًا عن معتقلين اثنين فيما أبقى على 13 أسيرًا محررًا رهن الاعتقال، منهم 5 أطفال، ليتم تحويل إثنين من الأسرى الأشبال المحررين إلى الاعتقال الإداري التعسفي، وتأتي هذه الممارسات في إطار ملاحقة سلطات الاحتلال المستمرة للأسرى المحررين وفرض مزيد من القمع والسيطرة بحق الشعب الفلسطيني.
وتستخدم سلطات الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري التعسفي بحق الفلسطينيين كأداة للقمع والسيطرة في ظل الأحداث المتصاعدة وكوسيلة عقابية أيضًا، ولا يسلم الأطفال من سياسة الاعتقال الإداري التعسفي، حيث يعتقل الاحتلال اليوم في سجونه أكثر من 3660 معتقلًا إداريًا، منهم 41 طفلًا معظمهم تم اعتقالهم وإصدار أوامر الاعتقال الإداري بحقهم بعد السابع من أكتوبر، دون تقديم لوائح اتهام بحقهم، وبادعاء وجود (ملف سري) تسرق طفولتهم في زنازين تقتل طفولتهم وتسلب منهم حقهم في التعليم.