فن اتخاذ القرارات الصائبة
بقلم د – خالد السلامي
في رحلة الحياة، نواجه باستمرار مفترقات طرق ولحظات حاسمة تتطلب منا اتخاذ قرارات. قد تبدو هذه القرارات بسيطة في بعض الأحيان، لكنها في الواقع قد تشكل مسار مستقبلنا بطرق لا يمكن التنبؤ بها. لذلك، فإن امتلاك فن اتخاذ القرارات الصائبة هو مفتاح النجاح والرضا في حياتنا الشخصية والمهنية على حد سواء.
تُعتبر القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة من أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها كل شخص. سواء كنت رائدًا في عالم الأعمال أو موظفًا أو طالبًا أو ربًا لأسرة، ستواجه باستمرار لحظات حاسمة تتطلب منك اتخاذ قرارات قد تؤثر بشكل كبير على مسار حياتك.
لكن ما الذي يجعل بعض القرارات صائبة بينما تكون أخرى خاطئة؟ الجواب يكمن في فهم العملية المنهجية التي تقود إلى اتخاذ قرارات حكيمة ومدروسة. هذه العملية تبدأ بتحديد المشكلة أو الهدف بوضوح تام، لأنه من دون فهم واضح للموقف، سيكون من الصعب جدًا اتخاذ قرار سليم.
أحد أكبر التحديات التي تواجهنا عند اتخاذ القرارات هو الخوف – الخوف من الفشل، الخوف من النتائج غير المتوقعة، الخوف من انتقادات الآخرين. هذا الخوف يمكن أن يشلنا ويجعلنا نتجنب اتخاذ القرارات الحاسمة، مما يؤدي إلى تفويت الفرص والبقاء في نفس الدوامة.
بمجرد تحديد المشكلة، يأتي دور جمع المعلومات والبيانات ذات الصلة. كلما كانت لديك معلومات أكثر، كلما كنت أكثر قدرة على تقييم البدائل المختلفة بشكل موضوعي. لا تتردد في الاستعانة بخبرات الآخرين ونصائحهم، لكن تذكر أن القرار النهائي يجب أن يكون قرارك الخاص.
في بعض الحالات، قد لا تكون لديك جميع المعلومات اللازمة، أو قد تواجه ضغوطًا زمنية تجعل من الصعب إجراء تحليل شامل. في مثل هذه الحالات، قد تضطر إلى الاعتماد على حدسك وبديهتك. لكن حتى في هذه الظروف، من المهم أن تحاول تجنب التحيز والأحكام المسبقة قدر الإمكان.
بمجرد تقييم جميع البدائل، حان الوقت لاتخاذ القرار النهائي. هذه هي اللحظة الحاسمة التي تتطلب منك الشجاعة والثقة لتحمل المسؤولية. تذكر أن القرارات الصائبة ليست دائمًا تلك التي تؤدي إلى النتائج المثالية، بل هي تلك التي تم اتخاذها بعد تفكير عميق وتحليل شامل للمعلومات المتاحة.
لكي يتقن الفرد مهارة اتخاذ القرارات الصائبة، هناك عدة أسس ومهارات وخطوات يجب إتباعها وتطويرها، ومن أهمها:
1. الأسس الأساسية:
• الموضوعية والحيادية: يجب التخلص من التحيزات الشخصية والأحكام المسبقة عند اتخاذ القرارات.
• الصبر والتأني: عدم التسرع في اتخاذ القرارات دون دراسة وافية للبدائل والنتائج المحتملة.
• الثقة بالنفس: امتلاك الثقة الكافية لتحمل مسؤولية القرارات المتخذة.
2. المهارات الأساسية:
• جمع المعلومات وتحليلها: القدرة على البحث عن المعلومات ذات الصلة وتحليلها بشكل منطقي.
• التفكير النقدي: القدرة على تقييم البدائل المختلفة بموضوعية وتحديد إيجابياتها وسلبياتها.
• حل المشكلات: امتلاك مهارات حل المشكلات بطريقة منهجية وابتكارية.
• التخطيط والتنظيم: القدرة على وضع خطط واضحة لتنفيذ القرارات وتنظيم الموارد اللازمة.
3. الخطوات العملية:
• تحديد المشكلة أو الهدف بوضوح تام: فهم طبيعة القرار المطلوب اتخاذه.
• جمع المعلومات والبيانات ذات الصلة: البحث عن كافة المعلومات المتعلقة بالموقف.
• تحديد البدائل المتاحة: طرح جميع الخيارات والحلول الممكنة للمشكلة.
• تقييم المخاطر والفوائد لكل بديل: دراسة العواقب المحتملة لكل خيار بشكل موضوعي.
• اتخاذ القرار المناسب: اختيار البديل الأفضل بناءً على التحليل الشامل.
• وضع خطة للتنفيذ: تحديد الخطوات العملية لتطبيق القرار وتنظيم الموارد اللازمة.
• متابعة النتائج وتقييمها: مراقبة تنفيذ القرار وتقييم النتائج للاستفادة في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم أيضًا الاستعانة بخبرات الآخرين ونصائحهم، والتعلم من التجارب السابقة، والاستفادة من الدورات التدريبية وورش العمل المتخصصة في اتخاذ القرارات واتباع أفضل الممارسات في هذا المجال.
فن اتخاذ القرارات الصائبة هو مهارة تتطلب الممارسة والتطوير المستمر. لكن من خلال امتلاك الأسس الصحيحة والمهارات الأساسية واتباع الخطوات العملية، يمكن للفرد أن يصبح متخذ قرار فعالًا وناجحًا في جميع جوانب حياته.
إحدى المزايا الرئيسية لاتخاذ القرارات الصائبة هي أنها تساعدك على تحقيق النتائج المرجوة بكفاءة أكبر. عندما تتخذ قرارًا مدروسًا، فإنك تزيد من فرصك في النجاح والوصول إلى أهدافك. كما أنها تساعدك على الاستفادة من الفرص والتغلب على التحديات بطريقة أكثر فعالية.
لكن فوائد اتخاذ القرارات الصائبة لا تقتصر فقط على تحقيق النجاح المهني أو الشخصي. فهي أيضًا تساعدك على بناء الثقة واحترام الآخرين. عندما يرى الناس أنك تتخذ قرارات حكيمة ومدروسة، فإنهم سيكونون أكثر احترامًا لك وثقة بقدراتك القيادية. علاوة على ذلك، فإن عملية اتخاذ القرارات الصائبة تساعدك على تطوير مهارات حل المشكلات والتفكير الاستراتيجي. كلما واجهت المزيد من المواقف التي تتطلب اتخاذ قرارات صعبة، كلما أصبحت أكثر خبرة في تحليل المعلومات وتقييم البدائل بموضوعية.
في النهاية، يجب أن ندرك أن فن اتخاذ القرارات الصائبة هو مهارة حياتية أساسية لا غنى عنها. سواء كنت تتخذ قرارات كبيرة أو صغيرة، فإن اتباع عملية منهجية وموضوعية سيساعدك على اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق نتائج أكثر إرضاءً.
لذلك، لا تخف من اتخاذ القرارات الصعبة. بدلاً من ذلك، تعلم كيفية تطبيق هذا الفن وامتلك الثقة للتعامل مع المواقف الحرجة بحكمة وتبصر. فقط عندما تتقن فن اتخاذ القرارات الصائبة، ستكون قادرًا على قيادة حياتك نحو النجاح والرضا الذي تستحقه
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي.