أطفالنا بين العولمة ومعركة التقاليد
بقلم الدكتورة غادة محفوظ
إن العملية التي تشكل الفرد منذ مولده وتحوله إلى فرد اجتماعي قادر على التفاعل والإنخراط داخل المحيط الاجتماعى الخاص به هى التنشئة الاجتماعية والتى نالت إهتمام كبير في مختلف مجالات المعرفة ، وذلك لما تكتسيه عملية التنشئة الاجتماعية من أهمية قصوى في تعديل سلوك الفرد، وتهيئته وإعداده للحياة الاجتماعية. ومما لا شك فيه ان الأسرة تلعب دورا بارزا باعتبارها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية مكانة متميزة للقيام بهذه العملية التربوية لما لها من دور فعال في تشكيل شخصية الفرد، والسعي لتحقيق نوع من التوازن بينه وبين المجتمع الذي يعيش فيه. وهدفه الاساسى و هو تحويل الإنسان إلى كائن اجتماعي يستطيع ضبط انفعالاته والتعبير عنها بصورة سليمة.
فكان لزاما علينا أن ندرك انها التي تشكل نفسية الإنسان وشخصيته التي يخرج بها إلى المجتمع والتي تكون أساسية في تعامله مع الآخرين في مختلف المواقف، فهي التي تحدد شخصية الفرد التي تكون أساسها مجموعة القيم والعادات والتقاليد التي يكتسبها من هذه التنشئة التي من شأنها تكوين إنسان منفتح ومتزن في آرائه وتعامله أو إنسان منغلق على أفكاره مكبوت في التعبير عن عواطفه وميوله، وشخص آخر يميل إلى التطرف في آرائك،خاصة اما التحديات الكبيرة التى يواجهه المجتمع من خلال العولمة بعدما أصبح العالم قرية صغيرة . من خلال التواصل الاجتماعى
اصبحنا نقابل كل أنواع البشر ونتعامل معهم ونمارس حرية التعبير عن مشاعرنا مع الشريك وإطلاق العنان لها هي من السلوكيات التي تؤثر عليها هذه التنشئة الاجتماعية أيا كان نوعها، سواء كان تأثيرا سلبي أو إيجابي، أردت بصفتى باحثة اجتماعية تناول الأمر
وإلقاء الضوء حول الأسرة المصرية و التي تشكل شخصية الفرد وسلوكه، تكوينه فكلما كانت هذه التربية مبنية على أسس سليمة كلما خرج للمجتمع إنسان سوي خالي من العقد يستطيع أن يعيش في المجتمع بكل مافيه من تناقضات واختلافات لأنه لديه القدرة على التعبير بحرية دون كبت وعقد، ولديه الشخصية التي تؤهله للقبول والرفض لما حوله من قيم وعادات وتقاليد مصرية اصيلة مترسخة فى كينونة هذا الشعب العريق التى لا تحتاج إبداعات الغرب ولاسلوكيات قد لا تعبر عنا أو لا تتماشى مع ما تربى عليه من قيم وعادات منبعها حضارة عريقة
ولقد لاحظنا فى المرحلة الراهنة ان الأسرة تتعرض لعدة مشاكل أثرت فى هدم الكيان الأسرى خاصة غياب القدوة، لقد اصبح غياب القدوة بشكل كلي يؤثر في تنشئة الطفل اجتماعيًّا، حيث لا يقتصر وجود القدوة على وجود الوالدين في البيت، فعلى الرغم مثلًا من وجود الأب جسديًّا في البيت، فإن معتقداته مثلًا تخبره بأنه لا يجب أن يشارك في تربية طفله، فيكون الأب كالحاضر الغائب كما يقال، ولا يتم اللجوء إليه إلا عندما “لا يسمع الأطفال الكلام”، أما بالنسبة للأم فهناك الأم العاملة التي التى تحاول جاهدة فى ظل الازمات الطاحنة ان تحقق التوازن بين عملها وتربية اولادها ،
وهناك من يرى أن هناك العديد من الأمهات التي تبقى طوال اليوم داخل المنزل، إلا أنهم لا يتوقَّفون عن العمل داخله ليل نهار من طهي وغسيل والكثير، وتنسى مسؤوليتها عن رعاية الطفل نفسيًّا ومعنويًّا، لكننى ارى وجود الأب جسديًّا أو عمل المرأة أو عدم عملها لا يتوقَّف على عدد الساعات التي يقضونها مع الطفل، بقدر ما تتوقَّف على طبيعة هذه القدوة، والإطار النفسي الذي ينمو فيه الطفل،،وممارسة الهدف الأساسي من تربية سليمة لا تقتصر على المشاكل والمشرب والرعاية التعليمية ولكنها غرس سلوكيات ومفاهيم ووازع دينى وتحمل مسؤوليات ..نحن امام معركة قيمية تحتاج العناء من أجل جيل قوى نعول عليه المستقبل