إنجي الحسيني تكتب: معركة مصر لم تنته بعد
قد يغفل الكثيرون دور المباحثات المصرية في التعامل مع الأوضاع المستجدة بالمنطقة العربية، وهو دور قوي يبين ثقل الدولة؛ فلجوء مصر إلى الدبلوماسية ليس معناه أنها دولة ضعيفة ولككنها تعرف كيف تتعامل بذكاء مع مجريات الأحداث خاصة ما يتعرض له قطاع غزة من إبادة.
ويكمن اهتمام مصر بالأحداث الأخيرة في فلسطين نظرا لأنها دولة جوار وهذا يختلف عن موقف باقي الدول العربية والتي تعرضت لاتهامات بالتخاذل والضعف، فالدبلوماسية تستوجب عدم الانجراف وراء اشتعال الحرب في المنطقة، وهو ما تحرص عليه مصر والتي تحاول تجنب ذلك بقدر الامكان رغم امتلاكها لجيش قوي حرصت القيادة السياسية على تسليحه بأحدث الآلات والمعدات، ومن هنا تعتبر مصر أكثر دولة تعاملت مع هذا الحدث بذكاء واضح حرصا منها على أمنها القومي والحدودي من الانسياق وراء حرب حركتها حركة 7 أكتوبر 2023 والتي صارت جزءا من المسئولية عما وصل إليه قطاع غزة من انهيار تام.
إن معركة مصر لم تنته بعد، فهي الدولة العربية ذات الحدود المشتعلة من كل اتجاه ( غزة، ليبيا، السودان) لذا لم يعد هناك مجال للانقسام في الرأي، ولنتفق على دعم مصر، حيث تتحمل مصر فاتورة ما يسمى بثورات الربيع العربي، حينما استقبلت اللاجئين السوريين والآن يتم حصارها لقبول الفلسطينين كلاجئيين، من أجل إتاحة الطريق لاسرائيل الكبرى، وهذا ما رفضه السيد الرئيس بقوة في خطاباته عندما صرح بأن حل القضية الفلسطينية لن يكون على حساب دول الجوار..
وفي خضم تلك الأحداث يتم من الاعلان الصريح عن التطبيع وإقامة العلاقات الغير مشروطة مع إسرائيل، حيث افتتحت السفارات وشيدت من أجلهم المعابد مع تدعيم فكرة الديانة الابراهيمية تمهيدا لدمجهم بالمجتمعات العربية ككل، ففي عام ٢٠٢٢ انتشر خبر بأن دولة الإمارات قامت بتجنيس نحو خمسة آلاف صهيوني في ثلاثة شهور فقط، بعد تعديل قوانين منح الجنسية في الدولة، وهذا لاعطاء بيئة مناسبة لمنح الصهاينة الضوء الأخضر لعبور الخليج والدول العربية بلا تأشيرة مسبقة، وهذا لم ينفيه الأعلام أو السلطات الأماراتية، وتواجد دولة عربية قوية مثل الأمارات تسمح بتواجد الصهاينة على أراضيهم يهيئ للمواطن والسائح العربي فكرة التعايش مع اليهودي، وتأتي مخاطر التهويد من الاستثمارات الكبيرة واختلاط النسب مما يهدد أصول الأجيال القادمة ومنه قد يصل أحفاد هؤلاء لحكم البلاد العربية ككل ويتحقق حلم من النيل للفرات.
لذا يجب على مصر أن تبحث على مصالحها في المنطقة، وأن تستخدم البراجماتية التي وظفتها كل الدول الشقيقة من أجل سحب الريادة منها، فمختصر البيان الختامي للقمة الإسلامية العربية بالرياض اقتصرت على “وجوب كسر الحصار عن غزة وإلزام دخول قوافل المساعدات فورًا” ومع ذلك فقد جاءت مصر على قمة الدول التي قدمت المساعدات للجانب الفلسطيني، ولكن هل يقتصر ويختصر رد الفعل العربي على دخول المساعدات؟!
إن القيادة الوطنية تواجه الآن تحديات جديدة في المنطقة، وعلينا كمواطنيين أن نتكاتف خلف شخص الرئيس والذي نجح من قبل في اسقاط حكم الاسلام الراديكالي واسقط معها مخططات وأجندات أمريكا بل وحفظ الوطن من مصير دول أخرى عانت الارهاب والفقر والانقسام، وهذا هو وقت الاتحاد خلف مصر مهما كان حجم المشاكل الداخلية و الضغوطات الدولية.. وإننا لقادرون .. وإن مصر لباقية.