الجوع والعطش يفتك بالسودان
لا تزال الحرب المُستعرة في دولة السودان مُستمرة، على خلفية الاشتباكات العنيفة بين قوات الجيش ومليشيا الدعم السريع، الأمر الذي انعكس على الأوضاع الإنسانية التي فاقمت من معاناة المواطنين، الذين أصبحوا يعانون الجوع والعطش في مناطق مختلفة بالبلاد.
الحرب الأهلية المستمرة في السودان، تسببت في نقص حاد في الغذاء والماء لدى المواطنين، فبحسب تقرير للأمم المتحدة، فإن أكثر من 15 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، منهم 7 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وتشير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى أن أكثر من 10 ملايين شخص في السودان، معرضون لخطر المجاعة، بينما ترجع أسباب نقص الغذاء والماء في السودان إلى عدة عوامل، منها: تعطيل الزراعة بسبب الحرب، وتضرر المحاصيل والماشية؛ مما أدى إلى انخفاض الإنتاج.
تفاقم أزمة الغذاء
وحذّرت الأمم المتحدة من أن استمرار الحرب في السودان؛ سيؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء والماء، مما قد يؤدي إلى وقوع مجاعة واسعة النطاق، وطالبت الأمم المتحدة المجتمع الدولي بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للسودان، لمساعدة المواطنين على مواجهة هذه الأزمة.
ونشرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين شريط فيديو لعائلات سودانية، فرت إلى تشاد هربًا من الصراع في وطنهم، وأظهر مقطع الفيديو نازحين سودانيين مع أطفالهم الصغار وهم يحتمون تحت الأشجار.
تقول هاليم إسسخ عمر، وهي امرأة نزحت من السودان: “لا يوجد أمن في السودان، جئنا بلا شيء، نحن بحاجة إلى أشياء كثيرة للبقاء على قيد الحياة، تعبنا جدًا، جئنا في رمضان بلا طعام ولا ماء، دعواتكم لنا.. لا يوجد نقود ولا طعام ولا بنزين”.
الجوع والعطش
وتشهد مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، معارك عنيفة بين الجيش السوداني، وميليشيا “الدعم السريع”، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة؛ ما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والمياه.
وفي 3 يناير الجاري، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن جريفيث، إن ما يقرب من 9 أشهر من الحرب دفعت بالسودان إلى دوامة تزداد تدميرًا يومًا بعد الآخر، وأوضح في بيان أن المعاناة الإنسانية تتعمق فيما يتقلص وصول المساعدات الإنسانية ويتضاءل الأمل مع توسع النزاع.
ويحتاج ما يقرب من 25 مليون شخص في أنحاء السودان إلى المساعدات الإنسانية في عام 2024، إلا أن تكثيف الأعمال العدائية يمنع الوصول إلى غالبيتهم. وقد توقفت عمليات توصيل المساعدات عبر خطوط النزاع.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن العنف المتصاعد في السودان، يعرض أيضًا الاستقرار الإقليمي للخطر، مضيفًا أن الحرب أطلقت العنان لأكبر أزمة نزوح في العالم، إذ شُرد أكثر من 7 ملايين شخص، عَبَر نحو 1.4 مليون منهم إلى دول الجوار التي تستضيف بالفعل أعدادًا كبيرة من اللاجئين.
لا تزال الحرب مستمرة في السودان
مخطط للتقسيم
الفريق أحمد العمدة بادي، حاكم إقليم النيل الأزرق رئيس لجنة الأمن بالإقليم، اعتبر أن الحرب التي تشهدها البلاد تجيء في إطار المخطط الرامي لتقسيم البلاد لدويلات توطئةً للسيطرة على الموارد والمقدرات بالبلاد، وذلك خلال كلمة له أمس بميدان المولد بالدمازين، في فعاليات اللقاء الجماهيري الحاشد الذي نظم على شرف تدشين انطلاقة المقاومة الشعبية لدعم القوات المسلحة لدحر ميليشيا الدعم السريع المتمردة.
ووجه قيادة الفرقة الرابعة مشاة واللجنة العليا للاستنفار، لتجهيز عدد 5 آلاف مقاتل، والزحف نحو ولاية الجزيرة لدحر وحسم التمرد، معلنًا تأييده لقرارات القائد العام للقوات المسلحة السودانية، رئيس مجلس السيادة، الرافضة للتفاوض مع الميليشيات المتمردة وحاضنتها السياسية، ووجه جميع المواطنين للتعاون مع الأجهزة النظامية؛ من أجل توقيف المتورطين المتعاونين مع التمرد.
إعفاء والي شمال دارفور
وأصدر رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، قرارًا بإعفاء والي شمال دارفور، نمر عبدالرحمن، من منصبه، وقال مرسوم دستوري أصدره البرهان في الأول من يناير الجاري، جرى تعميمه الإثنين إنه “يعفي نمر عبدالرحمن من منصب والي شمال دارفور، وعلى أطراف سلام جوبا ترشيح بديل عنه”.
رؤية ما بعد الحرب
وخلال تلك الأحداث، ترأس جبريل إبراهيم محمد، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني، السبت الماضي، اجتماعًا لإعداد رؤية اقتصادية لفترة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار والتعويضات بحضور لجنة من الوزراء والفنيين والخبراء، حيث أطلع الاجتماع على موقف الإعداد عبر محاور اللجنة المختلفة من رؤساء اللجان الفرعية كلّ على حدة، والاستماع للتجارب في مجال إعادة الإعمار والتعويضات في بعض الدول المتقدمة والدول الإقليمية التي مرت بحروب ونزاعات شبيهة، حيث تم تناول منهجيات العمل.
وتُعد الحرب الأهلية السودانية التي اندلعت في 25 أكتوبر 2022، من أكثر الحروب الأهلية دموية في التاريخ الحديث للسودان، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فقد بلغ عدد القتلى في الحرب الأهلية السودانية حتى يوم 8 يناير 2024، نحو 12 ألفًا، و6 آلاف إلى 12 ألف جريح، و5 ملايين و90 ألف نازح داخليًا.