بدلا من فول الصويا.. “الحشرات” طعاما للماشية والدواجن والأسماك
متابعة: المدن الجديدة، ووسائل اعلام
إذا جاء ذكر الحشرات في المجالس انتاب البعض شعور بالخوف، وبدت على البعض الآخر ملامح الاشمئزاز، غير أن استخدام الحشرات لتغذية الأنسان قد بدء بالفعل منذ 2013 عن طريق طحنها في بعض المأكولات التى نتناولها يومياً دون أن نشعر.
وفكرة اطعام الماشية ليست جديدة، فمنذ فترة طويلة وضعت الشركات الناشئة ومعاهد الأبحاث في حسبانها تنفيذ هذه الفكرة كوسيلة صديقة للبيئة وأكثر استدامة، لتغذية حيوانات المزرعة.
كما أصبح المزارعون أكثر انفتاحا على التحول إلى أنواع جديدة من الأعلاف، في الوقت الذي يسعون فيه إلى جعل قطاع تربية الماشية أكثر استدامة.
ويوضح بيرنارد كروسكن، السكرتير العام لرابطة المزارعين الألمان، أن “الحشرات المفيدة قادرة بشكل أساسي على تحويل الكتلة الحيوية، (وهي طاقة عضوية مخزنة في النباتات والحيوانات)، غير المستخدمة أو المنتجات الثانوية للأطعمة، إلى دهون وبروتينات وأسمدة عالية الجودة”.
ومع ذلك فإن الحشرات تقوم في الوقت الحالي بدور ضئيل للغاية في ما يتعلق بإنتاج الأعلاف، غير أن كروسكن يرى أن ثمة حاجة إلى البناء على ما تحتويه من إمكانات، مما يجعل هذا الجانب من القطاع الزراعي أكثر استدامة.
وفي ما يتعلق بمصادر البروتين اللازمة لتغذية حيوانات المزرعة، نجد أن معظم هذه الحيوانات يتغذى حاليا على فول الصويا ومسحوق الأسماك، وكلاهما ليس مستداما بوجه خاص، باعتبار أن كميات الأسماك تتناقص في بحار العالم، كما تحتاج زراعة فول الصويا إلى مساحات واسعة من الأراضي.
وأثارت فكرة استخدام الحشرات كأعلاف للحيوانات اهتماما داخل الاتحاد الأوروبي، وتقول نشرة لمعهد أبحاث بيولوجيا حيوانات المزرعة بألمانيا، إنه “تم حاليا في الاتحاد الأوروبي اعتماد ثمانية أنواع من الحشرات لاستخدامها كأعلاف لحيوانات المزرعة، بحيث يستخرج منها بروتين حيواني مصنع لتغذية الماشية”.
ويمكن مقارنة محتواها من البروتين، بمحتوى مسحوق فول الصويا، الذي يحتوي على ما يتراوح بين 40 و47 في المئة من البروتين في المادة الجافة منه، ولكنه أقل من محتوى مسحوق الأسماك، ومع ذلك ليست جميع الحشرات متساوية في إنتاج البروتين وفقا لما توصل إليه الباحثون.
ويستخدم معهد أبحاث بيولوجيا حيوانات المزرعة، الاختلافات بين يرقات ذبابة الجندي الأسود، التي تحول المخلفات إلى سماد عضوي، وبين دودة الطحين كمثال، ودودة الطحين ليست دودة في الحقيقة، ولكنها خنفساء يطلق عليها اسم تنبريو موليتور، ولديها نسبة أعلى من أحماض الأوميجا – 3 الدهنية المهمة، ولكنها تحتاج في غذائها الأساسي إلى منتجات الحبوب.
ومن هنا يرى علماء الأحياء أن توفير الحبوب لهذه النوعية من الحشرات، يتنافس مع كميات الحبوب التي يحتاجها الإنسان في غذائه، كما أنه يمكن استخدام علف الحشرات مباشرة لتربية الماشية في ظل ظروف معينة، لذلك يرى المتخصصون في هذه الصناعة أن دودة الطحين أقل استدامة وحفاظا على البيئة.
ومن ناحية أخرى فإن ذبابة الجندي الأسود أقل احتياجا إلى الغذاء، ويمكن تربيتها على البراز أو الروث، رغم أن هذه الطريقة محظورة بسبب لوائح الحماية الصحية.
في مدينة بروشسال بولاية بادن فيرتمبرج تحاول شركة “ألفا بروتين” الناشئة، تحسين البصمة الكربونية لدودة الطحين، عن طريق إعادة استخدام فضلات الطعام، ويقول مدير الشركة جيا تيان نجو “نحن نطور أنظمة صناعية لتربية الحشرات لاستخدامها كأغذية وأعلاف”.
وهذه النوعية من الحشرات تعد مربية لأنفسها، ويجري حاليا التخطيط لإنتاج صناعي واسع النطاق على مساحة هكتارين، في مدينة لودفيجشافن، وتقضي الخطة بإنتاج 1100 طن من الحشرات المجففة وأكثر من خمسة آلاف طن من الأسمدة من الفضلات البشرية كل عام.
وبالإضافة إلى دقيق السميد المستخرج من القمح ونخالة القمح، توجد أيضا خطط لاستخدام الكثير من الخبز القديم، الذي تتخلص منه المخابز المحلية، كما أن مفهوم إعادة التدوير على المستوى المحلي هو أمر جوهري وفقا لما يقوله مدير الشركة.
والميزة الرئيسية التي تتفوق على العلف الذي كان يستخدم من قبل في تغذية حيوانات المزارع، هي أنه يحتاج إلى مساحات من الأرض أقل بكثير مما تحتاجه الأعلاف التقليدية، كما أنه يستهلك كميات ضئيلة من المياه، وفقا لما يقوله علماء معهد أبحاث حيوانات المزرعة.
وعلى الرغم من أنه من الناحية النظرية، يمكن لأعلاف الحشرات أن تكون متاحة أيضا كأطعمة عادية، فإن علماء المعهد يرون أن ثمة مشكلة في تقبل السكان لهذا الاتجاه.
كما أن السعر يمثل مشكلة وفقا لما يقوله مدير الشركة الناشئة، غير أنه من المتوقع أن تنخفض التكلفة مع المزيد من تطوير تقنية استخدامات الحشرات في المزارع.
من جهة أخرى نجد أن الاقتصاد الدوار، الذي يهدف إلى الحد من إهدار الموارد، وتقليل الانبعاثات الغازية، يحتل أيضا مكانة محورية لمشروعات أخرى، ويجري مشروع مساحة ابتكار الاقتصاد الحيوي في المواقع البحرية، الذي تموله وزارة التعليم والبحث العلمي الألمانية، أبحاثا حول استخدام المنتجات الثانوية، على المستوى المحلي، في نظام الحلقة المغلقة المحافظ على البيئة وفقا لما يقوله المعهد.
ويشمل ذلك مزارع الأسماك، وإنتاج الطحالب واستخدام يرقات ذبابة الجندي الأسود كأعلاف للأسماك في موقع رائد، تم تحديد موقع تنفيذه في بلدة بيرجن على جزيرة روجين.
ويدور سؤال حول ما إذا كانت ثمة إمكانية لأن تحل الحشرات محل الأنواع الأخرى من الأعلاف تماما في المستقبل؟ ولا يرى الخبراء إمكانية تحقيق هذه الفكرة بشكل سريع.
وتقول الرابطة الألمانية لأعلاف الحيوانات إن الحشرات “هي مجرد خيار آخر لتدعيم مجموعة المواد الخام اللازمة لإنتاج الأعلاف المركبة، أو للاستخدام المباشر كعلف”.
وعندما يتعلق الأمر بأعلاف الماشية، لا يزال الأمر يحتاج إلى موافقة السلطات لاستخدام البروتين الحيواني المستخرج من الحشرات المفيدة، وفي نفس الوقت لا ترغب الرابطة الألمانية لأعلاف الحيوانات في إصدار بيان بعيد المدى حول أهمية السوق لصناعة أعلاف الحيوانات من الحشرات، قائلة إن هذا البيان ليس عمليا في الوقت الحالي.