أردوغان يصفع شولتس في عقر داره . اشربوا طيارتكم الحربية!
برلين – سيطرت الخلافات بشأن الموقف من إسرائيل على اللقاء الذي جمع المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما ظهر جليا في المؤتمر الصحفي المشترك، في وقت أوحت فيه تصريحات أردوغان بأن الخلافات يمكن أن تتسبب في فشل مساعيه للحصول على طائرات يوروفايتر الأوروبية.
واندفع الرئيس التركي في المؤتمر الصحفي المشترك إلى مهاجمة إسرائيل دون مراعاة حساسية الموضوع لدى المستشار الألماني، في إشارة واضحة إلى أن اللقاء الذي تم بينهما قبل ذلك قد سيطر عليه الخلاف بشأن إسرائيل، وأن مناقشة بقية الملفات قد تكون ألغيت، وخاصة منها موضوع الطائرات التي تريد تركيا الحصول عليها.
وقال أردوغان إن إسرائيل قتلت حتى الآن 13 ألف طفل وامرأة ومسن، ودمرت كل شيء، وتقريبا لم يبق مكان اسمه غزة جراء هجماتها. وأضاف “هل قتلت إسرائيل آلاف الفلسطينيين؟ نعم قتلت. هل تقصف المستشفيات ودور العبادة والكنائس؟ نعم تقصف. إنني كمسلم منزعج من ذلك”.
ودفع التصعيد الكلامي ضد إسرائيل من جانب الرئيس التركي بالمستشار الألماني إلى القول إن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها يجب “ألا يكون موضع تساؤل”.
ويرى محللون أن الرئيس التركي بهذا التصعيد يكون قد أفشل الزيارة بنفسه، وأنه لم يسع إلى وضع فاصل بين تصريحاته بشأن إسرائيل التي كان أطلقها خلال الأيام الأخيرة وبين المصالح التي يريد تحقيقها من الزيارة، حتى أنه بدا وكأن هدفه هو إحراج ألمانيا.
وكان يمكن أن يكتفي بما قاله من تصريحات شديدة اللهجة تجاه إسرائيل مثل وصفها بـ”الفاشية” و”الإرهابية”، وأن يركز على مناقشة ملف المقاتلات والتأشيرات واللاجئين، لكنه عمل على استفزاز المستشار الألماني ليرد الفعل وهو يعرف أن المعارضة تضغط لمنع الزيارة ورفض استقبال أردوغان.
وارتفعت أصواتٌ، خصوصًا من الجمعيات اليهودية، تطالب بإلغاء الزيارة التي كانت مقرّرة منذ عدّة أشهر، بناء على دعوة المستشار الألماني لأردوغان بعد إعادة انتخابه في مايو.
وبدا الرئيس التركي وكأنه غير معني بإنجاح صفقة الطائرات، حيث قال “سواء أعطتنا ألمانيا (مقاتلات يوروفايتر) أو لم تعط، هل هي الدولة الوحيدة المصنّعة للمقاتلات في العالم؟ يمكننا تأمينها من أماكن أخرى”، وهو ما يمثل تكرارا لفشل سابق في تأمين الحصول على أف 35 الأميركية، وأف 16 في نسختها المتطورة.
ويحتاج أردوغان إلى دعم المستشار الألماني إنْ أراد المضي قدمًا في شراء 40 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون قالت تركيا الخميس إنها تريدها. وألمانيا، عبر شركة أيرباص، شريك في الكونسورتيوم الذي يقوم ببنائها.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت في برلين إن الحكومة على دراية بالأمر، مشيرا إلى الإجراءات العادية لمشتريات السلاح. وكان وزير الدفاع التركي ياشار جولر قد ذكر الخميس أن بلاده تعتزم شراء 40 طائرة من الطراز المذكور وأنه تلقى بالفعل موافقة من بريطانيا وإسبانيا.
ونقلت وكالة الأناضول التركية الحكومية للأنباء عن الوزير قوله “إنهم يعملون الآن على إقناع ألمانيا”. وجاءت الزيارة الأولى التي أجراها الرئيس التركي إلى ألمانيا منذ عام 2020 قبل الانتخابات البلدية التي يأمل أن يفوز فيها بمدينتي أنقرة وإسطنبول.
وقد تمثل آفاق الوصول بشكل أفضل إلى أسواق الاتحاد الأوروبي والإعفاء من التأشيرات هدية كبيرة للناخبين الذين يعانون في ظل ارتفاع معدلات التضخم والضغوط الاقتصادية.
أما بالنسبة إلى شولتس، الذي يرأس ائتلافا ثلاثيا منقسما بشأن الاقتصاد الألماني وتداعيات ارتفاع أعداد المهاجرين على الخدمات العامة، فإن دور أنقرة في وقف الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي يجعلها شريكا لا غنى عنه. ووفق المتحدث باسم المستشار ستيفن هيبستريت تتطلّب الدبلوماسية في بعض الأحيان الاضطرار إلى إجراء مباحثات مع “شركاء صعاب”، مضيفا أنّ المناقشات قد تكون “معقّدة”.
◙ أردوغان اندفع في المؤتمر الصحفي المشترك إلى مهاجمة إسرائيل دون مراعاة حساسية الموضوع لدى المستشار الألماني
بدورها أشارت صحيفة “دير شبيغل” إلى أنّ ألمانيا “ليست لديها مصلحة في حصول خلاف (مع أردوغان)، بينما أصبحت برلين وأنقرة مقرّبتين في الآونة الأخيرة”، بعد فترة من التوتر الشديد سادت عقب محاولة الانقلاب على الرئيس التركي في عام 2016.
ويأتي ذلك أيضا من واقع أنّ الاقتصاد الأول في أوروبا يستقبل جالية تركية كبيرة تضمّ نحو 2.9 مليون شخص، بمن في ذلك 1.5 مليون ناخب أغلبهم يدعمون أردوغان.
وتحتاج ألمانيا والاتحاد الأوروبي برمته إلى تجديد اتفاقية موقعة مع تركيا في عام 2016 تهدف إلى احتواء وصول المهاجرين، في حين تشهد أوروبا موجة جديدة من الوافدين من أفغانستان وسوريا وأفريقيا جنوب الصحراء، الأمر الذي يعزز شعبية اليمين المتطرّف في استطلاعات الرأي، خصوصا في ألمانيا. وبموجب الاتفاقية تحتفظ تركيا بالمهاجرين، ومعظمهم من السوريين، في مقابل مساهمة مالية كبيرة.
وجاءت الزيارة أيضا غداة مرور يوم على تأجيل لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي التصويت على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي مما سيؤدي إلى تأجيل توسيع التحالف العسكري الغربي بعد انتظار دام مدة 18 شهرا طلبت خلالها أنقرة تنازلات من ستوكهولم تتعلق بقضايا إرهاب.