تفاصيل جريمة “الكنز الملعون” بعد العثور علي 3 جثث في طريق الواحات
168 ساعة قضاها فريق بحث رفيع المستوى من مباحث الجيزة في حل لغز العثور على 3 جثث متعفنة “أب وابنه وشقيق زوجته” داخل سيارة في عمق صحراء الواحات البحرية بذلوا خلالها جهود مضنية من تتبع خطوط سير الضحايا وعلاقاتهم حتى تم التوصل للجاني الذي تبين أنه صديق المجني عليهم الذي أمطرهم بالرصاص طمعا في أموالهم واستولى على 300 ألف جنيه.
في منتصف شهر أكتوبر الجاري دخل مزارع إلى قسم شرطة الواحات البحرية مبديا رغبته في لقاء أحد الضباط لإبلاغه بأمر هام وفور الاستجابة له أخبر ضباط المباحث برؤيته لسيارة متروكة في مكان مريب على مسافة 400 متر من الطريق في عمق الصحراء وأنه يراها منذ 3 أيام متواصلة حيث اعتقد في البداية أنها معطلة لكن مع استمرار وجودها انتابه الشك في الأمر ما دفعه لإبلاغ الشرطة.
طبيعة البلاغ دفعت الضباط للانتقال بسرعة رفقة المزارع ومع أول خطوات الاقتراب من السيارة انطلقت رائحة بشعة من داخلها ما أكد على وجود “كارثة” تنتظرهم بالداخل ليتأكد الحدس الأمني بالعثور على جثث 3 رجال تفوح منهم رائحة كريهة حيث بدأت جثامينهم في التحلل ما يدل على مرور أيام على وفاتهم.. معاينة الجثث أثبتت إصابتهم بطلقات نارية وهو دليل قاطع على وقوع جريمة ليتم إخطار اللواء هشام أبو النصر مساعد وزير الداخلية مدير أمن الجيزة بالعثور على الجثث.
اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية ترأس فريق بحث رفيع المستوى ضم كل من العميد محمد أمين رئيس مباحث قطاع أكتوبر والعقيد محمد أبو زيد مفتش الواحات البحرية لحل لغز الجريمة خاصة بعدما تبين أن الضحايا أقارب وهم إيهاب .ع. ٥٦عاما، ونجله رامي.ا.ع ٣٥عاما يمتلكان معرض سيارات ومحمد. أ شقيق زوجة رامي وجميعهم من محافظة كفر الشيخ.. خطة البحث بدأت بفحص خطوط سير الضحايا وعلاقات عملهم وسبب وجودهم في تلك المنطقة من الصحراء بعيدا عن محال إقامتهم حيث تم التواصل مع أسرتهم وقالوا أنهم اعتادوا التردد على محافظة الوادي الجديد خاصة واحة الفرافرة للقاء بعض أصدقائهم لإتمام شراء سيارة باعتبارهم تجار سيارات.
البند الثاني من خطة البحث كان فحص المكالمات الصادرة والواردة من وإلى هواتف الضحايا ليتم رصد آخر مكالمة بهاتف الضحية الثاني “رامي” يخبر زوجته أنهم كانوا يتناولون طعام العشاء لدى صديقهم أحمد ابن بلدتهم ومن المقيمين في الفرافرة منذ سنوات حيث اعتادوا النزول في منزله في كل مرة يسافرون فيها وأنهم يتجهزون للانصراف منه متجهين ناحية الواحات البحرية سالكين الطريق لبلدتهم إلا أن هواتفهم أغلقت بعد ذلك ولم يتواصل أحد من أسرتهم معهم مرة أخرى وأبلغوا باختفائهم ومواصفاتهم ومواصفات السيارة حتى عثر عليهم جثث هامدة في صحراء الواحات.
اسم “أحمد” الذي ورد في مكالمة رامي الضحية وزوجته لم يفت رجال الأمن فبدأ البحث عنه بعد جمع التحريات والمعلومات تحت اشراف اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة للمباحث حيث تبين أنه تاجر أعلاف ترك مسقط رأسه بكفر الشيخ وتوجه للإقامة بالفرافرة وكان يستقبل الضحايا عند سفرهم هناك فتم التوصل اليه واستجوابه حول لقائه بالضحايا قبل مقتلهم لتتضارب أقواله حيث في البداية أنكر رؤيته لهم قائلا: “مجوش عندي ومشوفتهمش” وهو ما يتنافى مع مكالمة رامي المجني عليه مع زوجته والتي فور مواجهته بها ارتبك وعدل عن أقواله وقال: “آه كانوا عندي ومشيوا ومعرفش عنهم حاجة بعد كده”.
ذلك الارتباك والتوتر الذي بدا على “أحمد” كان كفيلا بإخفائه شيء له علاقة بمقتل الضحايا الثلاث فتم مناقشته منذ البداية ورسم فخ أمني له خلال الاستجواب حتى انهار وفجر مفاجأة لرجال الأمن قائلا: “أنا قتلتهم بالطبنجة عشان اسرق فلوسهم اللي كانوا جايين يشتروا بيها آثار”.. تلك الكلمات البسيطة كانت بداية لسيل من الاعترافات حيث روى في جلسة تحقيق مطولة أمام اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية والعقيد محمد أبو زيد مفتش الواحات البحرية تفاصيل جريمته قائلا أنه استقبل صديقه وابنه وقريبهم على العشاء حيث علم أنهم على موعد مع بعض أهالي الفرافرة من جيرانه الذين يعلمهم أيضا وفوجئ بهم خلال الجلسة يتحدثون عن بيع وشراء قطع أثرية لكن لم تكتمل الصفقة ولعلمه بحملهم مبلغ مالي ضخم سيطر الشيطان على رأسه للاستيلاء على ذلك المال طلب منهم اصطحابه في طريقهم الى الواحات البحرية.
أثناء سير الضحايا على الطريق قرابة الساعة الثالثة فجرا وبرفقتهم صديقهم لتوصيله طلب منهم التوقف لقضاء حاجته وفور ركن السيارة هبط منها واستدار خلفها وأخرج من بين طيات ملابسه طبنجة كان أخفاها قبل ركوبه معهم السيارة وفتح النيران عليهم ليرديهم الثلاثة قتلى وما أن تأكد من رحيلهم استقل السيارة بمقعد القيادة وقادها بعيدا عن الطريق بعمق 400 متر في الصحراء واستولى على حقيبة بداخلها مبلغ 300 ألف جنيه وهواتف الضحايا وعاد إلى الطريق مرة أخرى ليستقل سيارة عائدة إلى الفرافرة وخلال سيره بالطريق كان يتخلص من هواتف الضحايا بإلقائها في الصحراء وفور عودته لمنزله دفن الطبنجة في قطعة أرض فضاء بجوار منزله وأعطى جزءا من المال لصديقه على سبيل الأمانة وفي اليوم التالي وضع باقي المبلغ في حساب بنكي وعاش حياته بشكل طبيعي حتى فوجئ برجال الشرطة يلقون القبض عليه.
ما أن أدلى المتهم بهوية تجار الآثار الذين قابلهم الضحايا تحركت قوة أمنية برئاسة المقدم مصطفى فودة رئيس مباحث الواحات البحرية ونجحت في إلقاء القبض على 3 تجار آثار عثر بحوزتهم على 3 قطع يشتبه أثريتها وطبنجة صوت ومخدر الهيروين.