الفضوليون على فيسبوك !!
بقلم / كامل مراد
معظمنا لديه صفحة على “فيسبوك” تحتوي على أصدقاء متنوعين: منهم المحبون، ومنهم المراقبون، ومنهم المتابعون لأخبار الشخص بصمت دون كتابة التعليقات، ومنهم مَن لا نعرفهم لكنَّنا نعتبرهم أصدقاء حتى يثبت العكس من تصرف أو تعليق غير لائق.
أكثر ما يثير غرابتي عندما أتقابل مع أحد الأقارب أو الأصدقاء الفعليين ويقوم بمجاملتي قائلًا: منور الفيسبوك، أو حمدًا لله على سلامتك من الوعكة الصحية، أو شاهدت صورةً لك في المقهى الفلاني، أو ألف مبروك زواج الابنة، أو عظم الله أجرك فيمن فقدت! فأكتشف أنَّ هذا الشخص مراقبٌ وليس متابعًا، وأكاد أجزم أنّه يعرف المنشورات التي أقوم بنشرها على صفحتي أكثر منّي، على الرغم من ندرة اللقاءات فيما بيننا لفترات طويلة، حتى أنّني ربما أكون قد نسيت أنّه موجود ضمن أصدقائي في الصفحة.
وعند عودتي من اللقاء أقوم بتصفح الأصدقاء الموجودين لديه، فأُصاب بالدَّهشة! إذ أجد من يعلم كل شيء عني: فإمّا أن يكون صديقًا صامتًا على صفحتي ولم يعلق نهائيًا، أو غير صديق لديه لكنه مراقبٌ لكلّ شيءٍويقوم بالدخول بطريقة ما ليشاهد ثمَّ يخرج مرةُ تلو الأخرى.
هذه الفئة من النّاس أو الأصدقاء لا أعتقد أنّهم يتمتعون بصفاء النّية وطيب المقصد؛ لأنّهم ينتظرون مشاهدة أو قراءة خبر مزعج لمن يعرفونه أو يتابعونه، لذا دائما ما أنصح الآخرين بأن لا تعكس صفحاتهم في “فيسبوك” الحالة الحقيقية التي يمرون بها؛ فلا يُعلم من يقرأ صفحاتهم إذا كانوا من المحبين أم الكارهين.
لذا وجب الحرص على ما ننشر، وتجنب وضع أيّ شيء يعطي الآخرين مؤشرًا على حالتنا التي نمر بها، ولنجعل الصفحة للترفيه والقراءة العامة ونحتفظ بخصوصيَّاتنا. وإذا أحببنا أن نضع شيئًا ليكن خبرًا مفرحًا وسعيدًا؛ فإذا كان مَن يُتابعك محبًّا لك سيسعد بذلك ويطمئن عليك، وإن كان مَن يراقبك حاسدًا زاد ألمه واحترق بحسده.
وهناك فئة ما بين الصديق المخلص والمراقب، وهم الأشخاص الذين لا تعرفهم، ووظيفتهم إرسال طلبات الصداقة العشوائية، وعند الدخول للتعرف عليهم بعد إرسالهم طلب الصداقة تجد ملفهم مغلقًا! لا أعلم بأيّ عقل يفكرُ هؤلاء الأشخاص؟ يريدون معرفتك ولا يتيحون لك -على الأقل- أن تتعرف عليهم!.
والصداقة مع مجهولين تنطوي على مخاطر؛ فإذا وافقنا على صداقة أمثالهم وكنّا صادقين معهم كما أتوقع من معظمنا، سنكون قد كشفنا أنفسنا أمامهم؛ إذ لا نعرف تفاصيل حساباتهم؛ أرجل وراء الحساب أم امرأة؟ أعاقل أم مُختل؟ وربما تحمل حساباتهم أفكارًا سيّئة؛ لأنَّ هذا العالم فضاء كبير، ويسهل فيه التَّنكر بشخصيات ربَّما تجذب الشخص لقبول صداقتهم، ومن لا يملك الوعي الكافي للتعامل مع هذه المجتمعات الافتراضية قد يتعرض لمشاكل غير متوقعة، وتكون الخطورة أكبر عندما يكون الضحايا من المراهقين أو صغار السن.