“عادل إمام” زعيم الفن المصري والعربي بلا منافس
بقلم الكاتبة: إنجي الحسيني
(عضو إتحاد كتاب مصر)
ربما تتفق أو تختلف معي عزيزي القارئ، لكن في الآونة الأخيرة وجدت هجوما حادا على شخص النجم الكبير “عادل إمام”، ولقد استوقفتني أحد الآراء التي لم تعجبني على “الفيسبوك” أو من بعض النقاد، والتي يكون مفاداها عمل مقارنة بين موهبة (النجم) عادل إمام و( الفنان) الراحل سعيد صالح، حيث يرى أصحابها إن (سعيد صالح الأكثر موهبة لكن عادل إمام الأذكى فنيًا)، وبعيدا عن تقييم بعض أفلام النجم “عادل إمام” والكثير من المشاهد الساخنة والتي يتخذها مهاجموه وسيلة للهجوم عليه، ورغم عدم اعتراضي على الكثير من تلك المشاهد خاصة بفيلمه الأخير”بوبوس” إلا أن نجومية عادل إمام كفنان ونجم كبير هو محل التقييم.
فعادل أمام هو الأذكى والأكثر موهبة فنيًا، ولا يجوز مقارنته مع (الفنان) سعيد صالح رغم حبي له لأن تاريخ الأخير فنيًا وأدواره لا يمكن أن تُقارن بما قدمه عادل أمام، ومن يقول أن سعيد صالح يستطيع تقديم التراجيدي والكوميدي، فعلى ما يبدو فهو لم يشاهد أفلام عادل إمام والتي أذكر منها: ( احنا بتوع الأتوبيس، الحريف، المشبوه، حب في الزنزانة، الغول، حتى لا يطير الدخان، أمهات في المنفى، الارهابي، المنسي، المولد، الأنس والجن، النمر والأنثى، طيور الظلام) وغيرها من الأفلام التي لا يمكن تصنيفها كوميدية.
والسؤال: كيف أقارن فنان صنع تاريخا فنيا على مستوى السينما والمسرح والتليفزيون منذ أن كان كومبارس ثم سنيد ثم دور ثان ثم أدوار البطولة المشتركة سواء جماعية أو ثنائية، حتى وصل بموهبته ليكون بطل أول، تتصدر أفلامه شباك التذاكر كأعلى الايردات وتحقق مسلسلاته أعلى نسب مشاهدة، وتحقق مسرحياته أطول فترة عرض مسرحي، وذلك حتى اعتزاله مؤخرا، بآخر لم يصنع نفس التاريخ؟! كيف أقارن الفنان صاحب الأجر الأعلى بين جيله بمن لا يملك نصف مساحته من النجاح، وأقيم نجاحه بأنه فقط “ذكي”؟!!
عادل إمام ذكي فنيا وعنده الموهبة، وقادر على اختيار أدواره، وهذا سر استمراره طويلا كنجم لا ينازع نجاحه أحد؛ ربما نستطيع الاستدلال على ذكاءه الفني ببعض أعماله الفنية؛ فعندما قدم “الحريف” ولم ينجح الفيلم جماهيريا، لم يعد التجربة ثانية مع المخرج محمد خان، وكذلك نفس الأمر عندما قدم سينما “رأفت الميهي” في “الأفوكاتو” حتى لا يحرق نفسه، كما فعل الفنان محمود عبد العزيز والذي انتهت علاقته بسينما الميهي بعد فشل فيلميه ( السادة الرجال) وفيلم ( سمك، لبن تمر هندي) والذي تسبب في هجوم شديد عليه من قبل بعض النقاد والكثير من المشاهدين، فالسينما هي صناعة ترفيهية، وشباك التذاكر معيار للنجاح، واستمرار النجاح في حد ذاته دليل على قوة هذا الفنان.
ولم يكن عادل إمام كنجم يريد أن يصنع اسما كبيرا في عالم السينما، سطحي التفكير بل طرحت أعماله الكثير من القضايا الجادة، وذلك حتى تعيش أعماله عمرا طويلا؛ ففي فيلمه ” عنتر شايل سيفه” تناول هجرة الفلاح لأرضه والسعي وراء حلم الهجرة لأوروبا، مما تم استخدامه كفلاح ساذج في الاساءة لبلده، وناقش فكرة المحلل في فيلم”زوج تحت الطلب”، وفساد رجال الأعمال في فيلم “الغول”، والمراجعات الاجتماعية والفكرية لشخص الارهابي بفيلم “الارهابي” والصراع بين السلطة ورجال الدين في “طيور الظلام”، وفي فيلم “السفارة في العمارة” طرح قضية التطبيع مع اسرائيل، وقاسم النجم العالمي “عمر الشريف” بطولة فيلم” حسن ومرقص” ليطرح قضية الوحدة الوطنية، والعلاقة بين المسلم والمسيحي.
وكثيرا ما اتُهم عادل إمام بأنه لم يغير جلده فنيا، أي لم يكن متجدد الأدوار، ولكن هذا غير حقيقي أيضا، فهو المتسول في فيلمه الذي يحمل نفس الاسم، والفلاح في عدة أفلام مثل”رجب فوق صفيح ساخن” و”عنتر شايل سيفه”، وهو الجني في “الأنس والجن”، والمجرم في المشبوه وحب في الزنزانة وغيرهما ، والطالب في “على باب الوزير”، المحامي في “الأفوكاتو”.
كما قام بأدوار أخرى كالارهابي، الهلفوت،الضابط، الموظف، رجل الأعمال ، السياسي، الطيارالضرير، عسكري بالجيش، الغواص، عامل التحويلة، رجل الدين.. ولقد نجح كفنان تراجيدي أن يرسم على وجههنا البسمة وينتزع منا الضحكات رغم أن أفلامه الكوميدية كانت تحتوى قضايا هامة، فانتصرت أعماله الكوميدية بتصنيفه كفنان كوميدي.
إن تقييمك لمشاهد قدمها النجم”عادل إمام” بشكل سلبي، وعدم حبك له أو لأفكار تم طرحها في بعض أفلامه، لا يعني أن تقتنص من تاريخه الفني ولا أن تنتقص من قيمته كنجم مصر الأول، كان يراه بعض زملائه كنجم شعبي، وكنا نظن كجمهور إنه لو رشح نفسه رئيسا للجمهورية، لتقلد مقاليد الحكم.
نجم كان يستقبله الملوك والأمراء والشعوب العربية جميعها بالتهافت.. ومازالت بعض الشعوب تربط بين اسم “عادل أمام” واسم مصر، تماما كما كانت “أم كلثوم”.. نهاجم نجما كبيرا بحجم “عادل أمام” ثم نحزن عندما يكرم الأغراب والأشقاء فنانينا !!!! وهذا ما يدعو للعجب!