مصر والهند.. تقارب سريع وقناة السويس كلمة السر
يرصد تحليل نشرته منصة “ساوث آسيان فويس South Asian Voices” المتخصصة في التحليل الاستراتيجي، محددات التقارب الأخير بين مصر والهند، وهو التقارب الذي باتت ملامحه أوضح بعد زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى مصر، الشهر الماضي، وهي اول زيارة لرئيس وزراء هندي إلى القاهرة منذ 26 عاما، ولقائه برئيس البلاد عبدالفتاح السيسي، وذلك بعد أشهر من تواجد السيسي في الهند كضيف رئيسي في يوم الجمهورية الهندي، في يناير/كانون الثاني الماضي.
ويرى التحليل، أنه في حين أن العلاقات بين الهند ومصر طويلة الأمد، فإن الارتفاع الأخير في العلاقة يرجع إلى التحولات الجيوسياسية والجيواستراتيجية الحالية.
تحولان حددا التقارب
ويضيف أن تحولان محددان إلى تقارب سريع، وهما المنافسة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الاوسط وشمال أفريقيا، واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
أولاً، أدى تكثيف المنافسة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تحديد الدور الرئيسي الذي تلعبه الهند في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهو الدور الذي ستحتاج فيه نيودلهي إلى قناة السويس التي تلعب دورًا مهمًا في عبور السفن البحرية من البحر الأبيض المتوسط إلى مسرح المحيطين الهندي والهادئ.
ومن شأن تعزيز هذه العلاقات الجيوسياسية والدبلوماسية مع مصر أن يحسن التعاون متعدد الأطراف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما يقول التقرير.
ثانيا، أدى اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية إلى تصعيد تحديات الأمن الغذائي في مصر، والتي استجابت الهند لها من خلال زيادة إمداداتها إلى القاهرة وتسهيل تدفق أكبر للسلع الزراعية، ومنذ ذلك الحين، سعت نيودلهي والقاهرة إلى تعاون أكبر.
التعاون الدفاعي
هناك أيضا نقطة مهمة يلفت إليها التحليل، وهي التعاون الدفاعي بين القاهرة ونيودلهي، وهو الذي يقف كنقطة محورية في العديد من الصفقات الأخيرة.
ويقول التحليل إن تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين سيعطي دفعة كبيرة لوحدات التصنيع الدفاعي الهندية ويسمح للهند بالتوسع في صادراتها الدفاعية، حيث تتطلع مصر إلى القدرات العسكرية الهندية.
وبالنظر إلى التحديات الجيوسياسية التي تحيط بمصر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن التعاون الدفاعي سيضع أيضًا الأساس لمصر لتعزيز صناعة الدفاع الخاصة بها.
كما أن التعاون الاستراتيجي مع مصر سيعزز جهود الهند العالمية نحو مزيد من التماسك للتصدي للإرهاب العابر للحدود، حيث يمكن لكلا البلدين تعزيز شراكتهما بشكل مشترك من خلال التدريبات العسكرية المشتركة، ونقل التكنولوجيا، والتعاون في تبادل المعلومات الاستخباراتية في مكافحة الإرهاب، وهو مجال لا يزال مثيرًا للقلق.
بالإضافة إلى ذلك، تعتمد الهند على المرور الآمن والسريع عبر قناة السويس للتجارة والدفاع.
ولضمان أمن هذه الممرات البحرية، تلعب مصر دورًا حاسمًا بالنسبة للهند في الوعد بموطئ قدم اقتصادي رئيسي ومتحالف جيوسياسيًا في تلك المنطقة.
هذه العلاقة لها أهمية كبيرة بالنسبة للهند لزيادة علاقاتها التجارية مع منطقة الشرق الأوسط.
أيضا، أظهرت جائحة COVID والغزو الروسي لأوكرانيا الآثار الضارة الشديدة لاضطرابات سلسلة التوريد على سلاسل الإمداد الغذائي العالمية، مما دفع الهند ومصر إلى تعزيز المرونة من خلال التجارة وتعزيز القدرة الإنتاجية.
ماذا نتوقع في العام المقبل؟
يرى التحليل أنه يمكن حدوث تقارب للمصالح بين الهند ومصر في مؤسسات دولية، مثل مجموعة العشرين، وعلى نطاق أوسع في الجنوب العالمي، حيث يتطلع البلدان إلى ما هو أبعد من التوعية الإقليمية بالسياسة الخارجية لإعطاء الأولوية لمصالح الدول النامية في المنتديات الدولية للتركيز على معالجة مشاكل الجنوب العالمي دون التورط في الخلافات حول الأزمة الروسية الأوكرانية.
أيضا، فإن استمرار الهند في توسيع التعاون الدفاعي مع مصر، سيعزز من وجود نيودلهي في منطقة المحيط الهندي، إضافة إلى توسيع علاقاتها مع العالم العربي.
في الوقت نفسه، يمنح إحياء العلاقات هذا مصر الفرصة لتنويع مشاركتها في مجالات التجارة والاستثمارات والأمن الغذائي وكذلك المشتريات الدفاعية.