ضربة قاصمة جديدة للدولار الأمريكي.. ماذا حدث قبل عدة ساعات؟
تسارع عدة دول الخطى وبصورة غير مسبوقة لإنهاء هيمنة الدولار الأمريكي على المعاملات مع العالم الخارجي، حيث تعمل على تعزيز التبادل التجاري بالعملات المحلية بدلاً من الدولار، خاصة تلك التي يجمعها تكتل اقتصادي واحد مثل دول البريكس أو اتفقت على ذلك كما الصين والأرجنتين.
التبادل بالعملات المحلية
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال قمة افتراضية لمنظمة “شنغهاي” للتعاون، إن روسيا ستستمر في مواجهة الضغوط الغربية الاقتصادية، داعياً الدول الأعضاء إلى مواصلة الانتقال إلى التعامل بالعملات المحلية، ضمن مساعيها للتخلي عن الدولار الأمريكي.
وتضم منظمة شنغهاي للتعاون، التي تنعقد قمتها الحالية في الهند، 8 دول حالياً هي روسيا والصين وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان والهند وباكستان، بالإضافة إلى إيران المنضمة حديثاً.
وقال بوتين إن بلاده مستمرة في مواجهة كل الضغوطات الخارجية بما في ذلك العقوبات الاقتصادية، فيما تواصل روسيا تطورها بشكل متسق.
وأكد أن موسكو تسعى لتعزيز روابطها مع دول منظمة شنغهاي حتى تصبح أكثر قوة، مشيراً إلى ارتفاع نسبة التجارة بين روسيا والدول الأعضاء بنحو 37%.
ولفت إلى أن أكثر أن من 80% من المعاملات بين روسيا والصين تتم بالروبل واليوان الصيني.
كما أشار إلى أن التعامل بعملة الروبل الروسي ارتفع إلى نحو 40% بين روسيا والدول الآسيوية.
وأكد أن موسكو تمضي قدماً في تنفيذ خارطة الطريق التي وضعتها منظمة شنغهاي من أجل الانتقال إلى العملات المحلية في التجارة المشتركة بين الدول الأعضاء.
وشدد على ضرورة متابعة هذا العمل وإزالة كل العقبات التنظيمية التي تعرقل أنظمة الدفع من أجل تحقيق تكامل إقليمي.
وفي مارس 2020، اتفقت منظمة شنغهاي للتعاون على إعطاء الأولوية لتطوير المدفوعات بالعملات المحلية، في محاولة للابتعاد عن الدولار الأمريكي.
العالم يتخلى عن الدولار
وتوجهت الهند إلى تدويل الروبية، حيث إن تدويل الروبية يمكن أن يؤدي إلى هيكل مالي متعدد الأقطاب تم تصوره من قبل مجموعة “البريكس”؛ إذ تتمتع دول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز بصلات قوية بالأنظمة الروسية، ومن ثم يسمح استخدام الروبية في المبادلات التجارية مع هذه الدول بخدمة المصالح الاقتصادية الهندية.
ويمكن أن تؤدي هذه المعطيات إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب، وبالتبعية يؤدي إلى احتمالية إيجاد أنظمة أكثر تعقيداً من الترابط الاقتصادي بين الدول الكبرى، وإلى انخفاض في الصراع بين الدول بسبب هذا وإلى توازن في القوى بينها أكثر تكافؤاً.
من جانب آخر، تعزز دول الشرق الأوسط دور العملات المحلية وسعت تركيا إلى توسيع روابطها التجارية بالعملات الوطنية في المنطقة وخارجها، حيث وقعت تركيا اتفاقيات مقايضة للتجارة بالعملات الوطنية مع روسيا والصين وكوريا الجنوبية وبعض الدول الإسلامية ومن المتوقع أن تُعمِّق القوى الإقليمية تسوية التجارة البينية والمعاملات المالية بعملاتها الوطنية بقدر أكبر.
ومنذ عدة أسابيع، دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الدول الأوروبية إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي خارج “الحدود الإقليمية”.
وقررت البرازيل في أواخر مارس الماضي، التعامل باليوان الصيني مع الصين في تبادلها التجاري، والبالغ حوالي 150 مليار دولار سنويا، وهذه ضربة قاضية للنقد الأمريكي، في إطار التحولات العالمية التي تصب في مصلحة التخلي عن الدولار.
والشهر الماضي، قال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، على المصيلحي، إنّ اجتماعات تجري حالياً مع دول صديقة، خاصة روسيا والهند والصين، بشأن الاعتماد على العملة المحلية عند الاستيراد من الخارج.
وأضاف الوزير المصيلحي خلال مؤتمر صحافي، أنّ الاعتماد على العملة المحلية سيقلل من الارتباط بالدولار.
إضعاف الهيمنة الأمريكية
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي أحمد معطي، إنه في الفترة الحالية بدأت دول كثيرة تتنبه بخصوص الدولار، لأن أي أزمة تضرب العالم تؤثر على الدولار؛ لذلك فكروا في تنويع الاحتياطي أكثر وتقليل الاعتماد على الدولار على قدر المستطاع.
وأضاف معطي، في تصريحات : “رأينا اتفاقية بين الأرجنتين والبرازيل قيد التنفيذ بشأن التبادل بينهما بالعملة المحلية بدلا من التعامل بالدولار، بجانب الحديث بين روسيا وإيران عن عملة خاصة بهما، وأيضا سعى مصر وروسيا للتعامل بالروبل والجنيه في التبادل التجاري بينهما بعيدا عن الدولار، كما تسعى الصين بكل قوة في هذا الاتجاه تماما لأنها تعتبر مصنع العالم”.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن العالم تنبه إلى وجود أزمة بسبب الولايات المتحدة الأمريكية وبسبب الدولار، وتابع: “الدول دخلت في الأزمة رغم أنها لا تخصها، وظهر ذلك مع الحرب الروسية الأوكرانية”.
وأشار إلى أن هناك محاولات تتزعمها دول الصين وروسيا منذ فترة لإسقاط دور الدولار الأمريكي كرائد في التجارة العالمية، ويعود السبب لرغبة الدولتين في إضعاف هيمنة الولايات المتحدة على العالم سياسيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا.
وتابع معطي: “سنرى في الفترة القادمة اعتماد الدول على عملات أخرى بدلا من الدولار الأمريكي، ولكن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي وهذا شيء إيجابي، قد يجعلها تقوم بمفوضات وتسهيلات على الدولار للدول التي تعاني من أزمات”.
وأوضح أن ما يحدث من تكاتف الدول جانبا إلى جانب يشكل قلقًا على الدولار، تحديدًا في حال اتفقت دول مجموعة بريكس لمثل هذه الاتفاقيات الثنائية فيما يخص التجارة البينية.
جدير بالذكر أنه يمكن التداول بالعملات المحلية أن يخفف القلق بشأن استخدام الدولار في التجارة؛ ما يساعد الدول على استيراد المواد الخام والطاقة بأسعار معقولة لأنشطتها التصنيعية.
وتتجه دول عديدة منها البرازيل وإيران وإندونيسيا وروسيا والصين والهند ومصر وتركيا وغيرها من الدول إلى التخلي عن الدولار في التجارة العالمية.