سوق الغاز الهشة في أوروبا تنذر بمخاطر عودة أزمة الطاقة
تُنذر سوق الغاز بمخاطر أن تغرق أوروبا بسهولة مرة أخرى في أزمة طاقة كالتي شهدتها سابقاً.
التقلبات الملحوظة في الأسعار الناجمة عن سلسلة الانقطاعات الصغيرة بإمدادات مرافق الغاز في النرويج، والإغلاق المخطط لموقع إنتاج رئيسي في هولندا، قدما لمحة عن مدى هشاشة السوق في مواجهة أي تعطل بإمدادات المنطقة.
لدى تجار الطاقة مجموعة من الأسباب للشعور بالطمأنينة: إذ تُعتبر مرافق التخزين ممتلئة أكثر من المعتاد، كما أن الطلب في آسيا ما يزال هادئاً. على الرغم من ذلك، بلغت التقلبات مستويات لم نشهدها منذ ذروة الأزمة. ويُعد الافتقار إلى الاستقرار خبراً سيئاً للعملاء الصناعيين الذين يسعون للعودة إلى مستوى التوازن، وأيضاً للبنوك المركزية التي تحاول قياس إلى أي مدى قد تتمكن من الضغط على الاقتصادات بأسعار الفائدة المرتفعة لإبقاء معدلات التضخم تحت السيطرة.
قال نايك كامبل، عضو مجلس إدارة “إنسبايرد إنرجي” (Inspired Energy): “كان ذلك بمثابة اختبار للمخاطر المحتملة المقبلة.. في حين قد يقنع ذلك الصناعات الكبيرة بالاستمرار في خفض معدلات الإنتاج أو إيقاف العمل في بعض المواقع، ما سيخفف من أي زيادة في الطلب، حيث تتجه كل الأنظار إلى الإمدادات”.
شكلت أسعار الطاقة المرتفعة القياسية محركاً أساسياً لأزمة ارتفاع تكاليف المعيشة التي ضربت أوروبا العام الماضي. شهدت ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، أول ركود منذ بداية تفشي الوباء خلال الربع الأول. وفي سياق مواز، نظم البريطانيون الذين يكافحون مع تضخم يفوق 10% إضرابات على مستوى البلاد في عدد من الصناعات.
علامات تحذير
لا يُبشر تجدد العلامات التحذيرية من سوق الغاز -بينما تسعى أوروبا إلى إعادة بناء بنيتها التحتية للطاقة- بالخير لمعركة البنك المركزي الأوروبي للحد من التضخم المستمر. وعلى الرغم من تراجع ضغوط الأسعار عن ذروتها، إلا أنها لا تزال تضعف النشاط الصناعي، حيث يُشير التجار إلى احتمال فقدان الطلب بشكل دائم لأن العديد من الشركات المصنعة التي خفضت إنتاجها لم تعد إلى معدلاتها الطبيعية بعد.
يمكن أن يؤدي الطقس الصيفي الأكثر سخونةً من المعتاد أيضاً إلى زيادة الطلب على الطاقة لأغراض التبريد. في العام الماضي، أدى الجفاف الذي ضرب أجزاء من القارة وموجات الحر القاتلة إلى جفاف الأنهار كما تسبب في حرائق الغابات، وكان بمثابة اختبار لبنية الطاقة التحتية في المنطقة بينما ارتفعت الأسعار بشكل كبير.
تُعتبر الصين أيضاً عاملاً مؤثراً في وقت تكافح في مع تعافٍ اقتصادي أضعف من المتوقع بعد إغلاقات فيروس كورونا الصارمة. وقد تؤدي عودة الطلب الصيني على الغاز الطبيعي المسال في وقت لاحق من العام -حيث تدرس الحكومة إقرار حزمة تحفيزية لتعزيز الاقتصاد- إلى ضيق سوق الطاقة في أوروبا خلال الأشهر الحاسمة للتدفئة.
قفزت العقود الآجلة القياسية للغاز بما يصل إلى 30% يوم الخميس وحده إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل أبريل. في وقت سابق من شهر يونيو، تراجعت العقود الآجلة إلى أدنى مستوى لها في عامين.
في حين أن السوق في وضع “أفضل بكثير” من الصيف الماضي، لكن يمكن أن ترتفع أسعار الغاز بأكثر من الضعف إذا كانت هذه المخاطر ستؤدي إلى آفاق أكثر ضيقاً لسوق الغاز، وفقاً لما قاله ماسيمو دي أودواردو، نائب الرئيس لأبحاث الغاز والغاز الطبيعي المسال في “وود ماكنزي” (Wood Mackenzie).
في هذا الإطار، قال دي أودواردو: “لم تتخط أوروبا بعد وضعها الصعب، لكن يُستبعد عودة ارتفاع الأسعار لذروة مستوياتها التي شهدها العالم الصيف الماضي”.