العمر وتجارب الماضي

 

بقلم محمد الكعبي

كنت أرى في السابق، أن الوصول لسن الاربعين واكثر، يحتاج إلى عمر طويل (نصف قرن تقريبا)، ولم أدر أن الأيام والليالي والشهور والسنين تجتاح أعمارنا من دون أن نشعر، إنا لنفرح بالأيام نقطعها ومراحل الحياة نطويها، وكل يوم مضى، هو جزء من العمر الذي لا يعود، بل يمضي بكل ما يحمل من ذكريات وتجارب.

اخذت أفتش وأبحث عما يُقال عن أهل هذا العمر، فوجدت أن البلوغ والعقل والرشد التي هي المرحلة الذهبية في عمر الإنسان، تكون في هذا العمر، حيث الخبرات المتراكمة في الحياة الاجتماعية والشخصية والعملية، وهي الفترة التي تتحقق فيها ذروة الإنجاز في شتى مجالات الحياة، في الاربعين، يكون رسوخ العلم والحكمة، ويتم فيها مراتب اليقين والرضا، وفي هذا العمر يكون الإنسان أكثر سكينة واستقرارا ووقارا،

وفي حقل المشاعر، يكون أكثر قدرة على إدارتها والتحكم فيها، ويكون الإنسان أكثر ذكاء اجتماعياً ممن هم دونه في السن، وفي هذه السن، يكون المرء أكثر تحكماً بالانفعالات وردّات الفعل، وادارة الازمات وسعة الصدر والتغافل عن الأخطاء والزلات، والتسامي على الجروح، والتعالي عن روح الانتقام، كما تكون لديه القدرة بصورة أكبر على تقييم الأشياء، فلا يتقبل كل ما يقال إلا بعد تفكير وتمحيص وتحقق، وتغلب عليه العقلانية المشبعة بالعاطفة، لذلك يحرص على إسعاد من حوله، في هذا العمر لابد للإنسان من وقفة محاسبة مع النفس: ماذا قدمت في ما مضى؟ وماذا سأُنجز في ما بقى؟

ولا بد أن يدرك أن زمن طيش الشباب ولّى، وأن عليه أن يستعد لينقل تجاربه وخبراته الى غيره خصوصا أبنائه، وويل لمن بلغ هذا العمر فلم يغلب خيرُه شرَّه، نودع يوم ونستقبل آخر يسحق من حياتنا الكثير والكثير فنتمنى ان تعود بنا الايام لنصحح الاخطاء ونعمل عن ما تغافل أو اهملنا أو نسينا لكن هيهيات هيهات، {كلا إنها كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى