مصر تطمح لمضاعفة مصادرها الدولارية التقليدية إلى 300 مليار
منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، لا بل عند ترشحه لولاية ثالثة، تمحورت تساؤلات المواطنين المصريين، كما مؤسسات التمويل الدولية، حول خطة الرئيس عبد الفتاح السيسي للخروج من الأزمة المالية غير المسبوقة التي تعانيها البلاد، لا سيما ما يتعلق منها بشحّ العملة الصعبة المؤثر بكافة الجوانب الاقتصادية والمعيشية.
لم يمضِ 20 يوماً على إعادة انتخاب السيسي، حتى خرجت إلى النور عن رئاسة مجلس الوزراء، مساء البارحة السبت، وثيقة بعنوان: “أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري للفترة الرئاسية الجديدة 2024-2030″، والتي ركزت بشكل أساسي على تضييق الفجوة الدولارية، عبر السعي لحشد موارد من النقد الأجنبي تناهز 300 مليار دولار خلال 6 سنوات، بما يوازي 3 أضعاف الرقم الحالي.
تعتمد مصر على 5 مصادر رئيسية للحصول على العملة الصعبة، تتمثل بالصادرات، وعائدات السياحة، وإيرادات قناة السويس، وتحويلات المغتربين، والاستثمارات الأجنبية.
تتطلّع الوثيقة إلى رفع معدل نمو قيمة الصادارت المصرية بما لا يقل عن 20% سنوياً خلال الأعوام الستة القادمة، بحيث تصل إلى 145 مليار دولار في 2030.
بهدف تحقيق هذا الهدف، سيجري العمل على إقامة 10 مناطق تصديرية متخصصة في عدد من المحافظات المصرية، وتطوير 10 “عناقيد” صناعية تصديرية (Clusters)، بموازاة استهداف 10 أسواق تصديرية واعدة لزيادة مستويات نفاذ السلع المصرية إليها.
ويقف في طريق تعظيم حجم الصادرات المصرية اعتمادها المفرط على مدخلات الإنتاج الخارجية، والتي تتطلب عملةً صعبة، وهو ما تجلّى في توقف عجلات الإنتاج في كثير من مصانع البلاد مع تكدس البضائع القادمة في الموانئ المصرية لعدم وجود الاعتمادات الدولارية.
وبالإضافة إلى الصادرات السعلية، تعمل مصر على تعزيز صادراتها الخدمية، لاسيما خدمات التعهيد التي يُتوقع أن تنمو 10% سنوياً، لتصل إلى 13 مليار دولار خلال 6 سنوات.
السياحة وقناة السويس
أمّا بالنسبة للسياحة، التي تسهم بنحو 15% من الناتج المحلي، فتستهدف الحكومة المصرية زيادة نمو عائداتها بمعدل 20% سنوياً، لتصل إلى 45 مليار دولار في 2030، من المتوسط المقدّر حالياً عند 12 مليار دولار سنوياً.
واستقبلت مصر خلال الشهور التسعة الأولى من العام الماضي أكثر من 11 مليون سائح، بارتفاع يناهز 20% عن الفترة المماثلة من 2022، كما كشفت الهيئة العامة للتنشيط السياحي لـ”الشرق”.
لكن رغم الجهود الملحوظة التي تتخذها مصر لتنشيط قطاعها السياحي، فإنه يبقى عرضةً للتقلبات الجيوسياسية، حيث أدّت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة إلى إلغاء العديد من الحجوزات، وقبلها الحرب بين روسيا وأوكرانيا اللتين تمثلان سوقين مهمتين للسياحة الوافدة إلى بلد الأهرامات.
كما تخطط الحكومة المصرية إلى نمو عائدات قناة السويس 10% سنوياً لتبلغ 26 مليار دولار في 2030، متضمنة عائدات تنشيط قطاع الخدمات البحرية بقيمة 4 مليارات دولار.
وشهد عبور السفن عبر الشريان التجاري البحري الأهم عالمياً تراجعاً في الشهرين الأخيرين، نتيجة هجمات جماعة الحوثي على السفن العابرة للبحر الأحمر والمتجهة إلى إسرائيل.
تحويلات المغتربين والاستثمار الأجنبي
على صعيد تحويلات المصريين العاملين في الخارج، التي شهدت تراجعاً كبيراً في الآونة الأخيرة بفعل تدهور قيمة الجنيه والفارق الكبير بين السعرين الرسمي والموازي، فتطمح الوثيقة إلى رفعها بنسبة 10% سنوياً، لبلوغ مستهدف 53 مليار دولار بحلول العام السادس من الولاية الرئاسية الجديدة.
للوصول لهذا المستهدف، ستتبنّى الحكومة سياسات تتيح فتح أسواق عمل خارجية جديدة لنحو مليون مصري في مجالاتٍ يتزايد الطلب عليها، من ضمنها الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والتمريض، وذلك في ضوء تقديراتٍ تفيد بوجود فجوة بنحو 100 مليون فرصة عمل في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية حتى 2040، حيث تتنافس الاقتصادات الناشئة، وفي مقدمتها الهند، لتلبية الطلب على هذه الوظائف.
بالنسبة لمصدر النقد الاجنبي الخامس، المتمثل بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، فتشير الوثيقة إلى زيادتها 10% سنوياً، بما يتضمن الاستثمار في العقار، لتصل إلى نحو 19 مليار دولار في 2030.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في نزوح استثمارات أجنبية غير مباشرة، وبشكلٍ خاص من سوق الأوراق المالية وأدوات الدين الحكومية، بنحو 22 مليار دولار، وفقاً لتقديرات وزارة المالية.