د. رشا العنانى تكتب: الى من ينجذب الرجل ..للمرأه القويه ام الضعيفه ؟

من أكثر الأسئلة التي تتكرر في الجلسات النفسية:
هل الرجل يفضل المرأة القوية أم الضعيفة؟
وسرعان ما يتضح أن السؤال نفسه يحمل افتراضًا غير دقيق، وكأن العلاقات تُبنى على تصنيفات حادة، بينما الواقع النفسي أكثر تعقيدًا وعمقًا.

كمعالجة نفسية، أؤكد أن الرجل السوي نفسيًا لا يبحث عن القوة المطلقة ولا عن الضعف الدائم، بل يبحث عن الأمان العاطفي، وهو حجر الأساس في أي علاقة مستقرة.

أولًا: المرأة القوية… متى تكون مصدر جذب؟

القوة في المرأة تصبح جذابة عندما تكون نابعة من:
• وعي بالذات
• ثقة داخلية مستقرة
• استقلال نفسي لا يقوم على العناد أو الإنكار

المرأة القوية نفسيًا تعرف كيف تتحمل مسؤولية حياتها، وتدير مشاعرها، وتتخذ قراراتها، لكنها في الوقت نفسه لا تخجل من التعبير عن احتياجها، ولا ترى في طلب الدعم ضعفًا.

هذا النوع من القوة يخلق لدى الرجل شعورًا بالاحترام والانجذاب، لأنه يتعامل مع شريكة لا تعتمد عليه لتشعر بقيمتها، بل تشاركه حياتها عن اختيار.

ثانيًا: متى تتحول القوة إلى عامل نفور؟

القوة تفقد جاذبيتها عندما تتحول إلى:
• سيطرة
• نقد دائم
• صلابة عاطفية
• إنكار للمشاعر والاحتياج

في هذه الحالة، لا يشعر الرجل بالأمان، بل يشعر بأنه في صراع أو منافسة.
العلاقة هنا تصبح ساحة إثبات، لا مساحة قرب.

تشير مدارس العلاج الزواجي إلى أن الندية العدائية تقتل الرغبة، وأن العلاقات لا تنمو في بيئة يسودها التحدي المستمر بدل الاحتواء.

ثالثًا: المرأة الضعيفة… بين الاحتواء والضغط

الضعف الإنساني جزء طبيعي من أي علاقة صحية.
المرأة التي تعبّر عن مشاعرها بصدق، وتسمح لنفسها بالاحتياج، قد تخلق شعورًا قويًا بالقرب والتواصل.

لكن المشكلة تبدأ عندما يتحول الضعف إلى:
• اعتماد كامل على الطرف الآخر
• خوف دائم من الهجر
• ربط القيمة الذاتية بوجود الرجل

هنا لا يشعر الرجل بالأمان، بل يشعر بحمل عاطفي ثقيل، ومع الوقت قد يظهر الإرهاق، أو الانسحاب، أو فقدان الرغبة.

في العلاج النفسي، نميّز بوضوح بين الضعف الإنساني الصحي والاعتماد العاطفي المرضي.

رابعًا: هل الانجذاب الأول يختلف عن استمرار العلاقة؟

نعم، وبشكل واضح.
الانجذاب الأول غالبًا ما تحركه الصفات الظاهرة: القوة، الجاذبية، الكاريزما.
لكن استمرار العلاقة يعتمد على:
• الأمان
• القدرة على التواصل
• الاستعداد للإصلاح بعد الخلاف

تشير أبحاث العلاقات طويلة المدى إلى أن الإعجاب وحده لا يكفي، وأن العلاقات الناجحة تُبنى على القدرة على الاحتواء والتفاهم، لا على الانبهار المستمر.

خامسًا: كيف تحافظ المرأة القوية على أنوثتها؟

الأنوثة الناضجة لا تتعارض مع القوة، لكنها تحتاج إلى توازن.
المرأة المتزنة نفسيًا:
• قوية في حدودها وقراراتها
• ناعمة في تعبيرها ومشاعرها
• قادرة على العطاء، وقادرة على الاستقبال

هي لا ترى في المرونة ضعفًا، ولا في الاحتياج تهديدًا لكرامتها.

القوة الحقيقية، كما تشير مدارس العلاج الحديثة، لا تعني عدم الاحتياج، بل الشجاعة في التعبير عنه دون فقدان الذات.

الخلاصة العلاجية

العلاقات الصحية لا تقوم على:
• امرأة قوية تكسر
• ولا امرأة ضعيفة تتعلق

بل على شراكة متوازنة بين شخصين:
كل منهما مسؤول عن نفسه،
وقادر على القرب،
وقادر على أن يكون إنسانيًا دون خوف.

الرجل لا يبحث عن امرأة فوقه،
ولا عن امرأة تحته،
بل عن امرأة تقف بجانبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى