الملاك الأسمراني جاء في وقته ! يوم لا أنساه

كتب محمد عبدالقدوس
بالأمس تحدثت معك عن الملائكة أصحاب البشرة البيضاء الذين قدموا إلى مكتب “زكي حسن” ونجله “حازم حسن” من السويد لإنقاذهم من الإفلاس بعدما تعرضوا لأزمة مالية طاحنة عقب التأميمات الواسعة التي جرت عام ١٩٦١.
واليوم يكمل شيخ المحاسبين المصريين “حازم حسن” حكايته ويتحدث عن الملاك الأسمراني الذي جاء بعدها بعدة أشهر ودوره كان غاية الأهمية في إخراج مكتب المحاسبة الكبير من عثرته.
يقول: طرق باب مكتبنا ملاك أسمر وقدم لنا نفسه أنا من بنك التنمية الأفريقي ومقره في أبيدجان عاصمة ساحل العاج وأريد بعض المعلومات عن مكتبكم.
ويقول “حازم حسن”: قدم أبي كل البيانات التي طلبها لكنه شرح له الظروف الصعبة للمكتب التي مر بها وكيف أنه كان على وشك الإفلاس !!
وبعد انصرافه عاتبت أبي “بطريقة حلوة” قائلا: لقد قدمت له صورة سيئة جداً عن مكتبنا ، وكأنك تقول له: ماتجيش تاني !! أخطأت العنوان !!
رد أبي “زكي حسن” رحمه الله بكلمات لا أنساها حتى هذه اللحظة: “حازم” يا بني إنها الأمانة أن أذكر له الحقيقة كاملة مهماً كانت مرارتها .
قلت له: لكنك لم تحتفي به كما يجب !!
كانت إجابته: عاملته بطريقة طبيعية وكنت معه في منتهى الأدب ، لكنني أرفض نفاقه أو مجاملته بطريقة رخيصة.
ومرت أشهر على تلك الواقعة وكنت متأكداً أنه ذهب ولن يعود ونسيت الموضوع تماماً.
وبعد ما يقرب من ستة أشهر فوجئت بما أسعدني بل يمكن أن تعتبرها مفاجأة العمر ..
اختارنا بنك التنمية الأفريقي دون كل مكاتب المحاسبة في أفريقيا لنراجع ميزانيته ..
وهذا الإختيار كان بداية جديدة لمكتبنا.
ولم يخطر ببالنا أبدا هذه الهدية القادمة من السماء على يد الملاك الأسمراني.
وعندما قابلته بعد ذلك وكان قد ترقى بسرعة وأصبح نائب رئيس البنك ..
سألته: لماذا أخترت مكتبنا دون سواه ليراجع حساباتكم ؟؟
أجابني قائلا: والدك إنسان صادق وأمين.
هتفت نفسي قائلة: يا بابا ما اعظمك .. كنت بعيد النظر في تعاملك مع الملاك الأسمر ..
وتذكرت كلمته: “حازم” يا بني .. الأمانة تقتضي أن أذكر له حقيقة أوضاعنا كاملة ..
صدقت يا أغلى الناس ..
الأمانة .. الأمانة مفتاح النجاح في أي عمل.



