العمل الحزبي… بين الفكرة والانتماء والمسؤولية

بقلم الدكتورة رشا العناني

في مجتمعاتنا العربية، يختلط مفهوم العمل الحزبي على كثير من الناس، فيظنه البعض بوابة لمناصب أو مكاسب، بينما حقيقته أعمق وأنبل بكثير.

فالعمل الحزبي في جوهره عمل تطوعي بالكامل يقوم على الإيمان بالفكرة والرغبة في خدمة الوطن، قبل أي شيء آخر.

 

🔹 ما معنى العمل الحزبي؟

 

العمل الحزبي هو النشاط الذي يمارسه الفرد داخل حزب سياسي بهدف دعم رؤية وبرنامج يسعى لتحقيق مصلحة عامة.

هذا النشاط يشمل مجموعة واسعة من الأدوار مثل:

• التوعية السياسية للمواطنين

• المشاركة في إعداد البرامج والسياسات

• تنظيم الفعاليات والمؤتمرات

• المشاركة في الحملات الانتخابية

• تدريب وتأهيل أعضاء جدد

• خلق جسور للتواصل بين الحزب والمجتمع

 

هذه الأدوار لا تُمارَس بوصفها وظائف مدفوعة، بل بوصفها جهدًا تطوعيًا نابعًا من قناعة داخلية.

 

🔹 لماذا يُعد العمل الحزبي عملاً تطوعيًا؟

 

1. الانضمام للحزب اختياري بالكامل

 

لا أحد يُجبر الفرد على الانضمام لحزب معين، بل يدخل الشخص بإرادته وإيمانه بفكرة الحزب وأهدافه.

 

2. الدافع هو الإيمان بالفكرة وليس الأجر

 

العمل الحزبي يقوم على فكرة: “أنا أريد أن أرى وطني أفضل، ولذلك أشارك”.

 

3. المشاركة في خدمة الصالح العام

 

الأعضاء يعملون لصالح المجتمع وليس لصالح شخص أو جهة، وهذا جوهر العمل التطوعي.

 

4. عدم وجود مقابل مادي للأغلبية الكبرى

 

معظم المشاركين في النشاط الحزبي لا يتقاضون أي رواتب.

قد توجد بعض الوظائف المدفوعة في المستويات الإدارية العليا، لكنها تبقى الاستثناء وليس القاعدة.

 

🔹 أهمية العمل الحزبي في بناء المجتمع

 

1. خلق وعي سياسي ناضج

 

الحزب هو مدرسة سياسية تُخرّج أفرادًا لديهم قدرة على فهم القضايا العامة وتحليلها واتخاذ مواقف واضحة منها.

 

2. تعزيز قيم المشاركة والمسؤولية

 

العمل السياسي ليس حكرًا على النخب، بل فرصة لكل فرد أن يساهم في تغيير واقعه.

 

3. إنتاج كوادر قيادية حقيقية

 

الأحزاب تصنع قادة قادرين على إدارة الدولة بكفاءة، عبر التدريب والممارسة العملية.

 

4. دعم الديمقراطية وتداول السلطة

 

كلما كانت الأحزاب قوية وفعّالة، أصبح المجتمع أكثر استقرارًا وقدرةً على التغيير السلمي.

 

🔹 العمل الحزبي… انتماء قبل أن يكون نشاطًا

 

الانتماء الحزبي هو التزام أخلاقي وفكري يبدأ من قناعة داخلية أن الوطن يحتاج إلى جهد جماعي منظم.

الحزب يجمع أفرادًا يؤمنون بفكرة واحدة، يعملون معًا لتحقيقها، ويواجهون التحديات بروح الفريق.

 

هذا الانتماء لا يُقاس بالساعات التي يقضيها الفرد، بل يُقاس بمدى إيمانه برسالة الحزب، واستعداده للمساهمة في أي وقت.

 

🔹 لماذا نخاف من العمل الحزبي؟

 

كثير من المجتمعات العربية عاشت فترات طويلة من الخلط بين العمل الحزبي والصراع السياسي، فنتجت صورة مشوهة عنه.

لكن الحقيقة أن العمل الحزبي الناضج هو أحد أهم ركائز الدولة الحديثة، وأحد أفضل الطرق لتمكين الشباب من قيادة مستقبلهم.

 

🔹 خلاصة القول

 

العمل الحزبي ليس وظيفة، وليس وسيلة للترقي الاجتماعي، وليس امتيازًا لشريحة معينة.

بل هو عمل تطوعي، ووعي، ورسالة وطنية تستحق منّا الاحترام والتقدير.

 

من يختار أن يعمل في حزب سياسي يختار أن يساهم في صنع مستقبل بلده، أن يسمع صوت الناس، وأن يدافع عن أفكار تؤمن بالنهضة والتقدم.

 

✊ العمل الحزبي هو شراكة في بناء الوطن… وليس انتظارًا لمكاسب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى