ذكرى تأسيس حركة حماس في 14 ديسمبر: بين الاحتفاء وواقع عامين من الأزمات

علاء حمدي
يحلّ الرابع عشر من ديسمبر، ذكرى تأسيس حركة حماس، وهو تاريخ اعتادت الحركة تحويله إلى مناسبة للاحتفال وإبراز حضورها السياسي والعسكري. غير أنّ هذا العام يحمل طابعًا مختلفًا، إذ تتزايد الأسئلة داخل القطاع وخارجه حول ما الذي حققته الحركة خلال العامين الماضيين، وما الثمن الذي دفعه السكان مقابل المسار الذي اتخذته.
فعلى الرغم من تأكيد الحركة أنّها تعمل على تعزيز “المقاومة” وتحقيق مكاسب سياسية، تشير الوقائع إلى تراجع كبير في الأوضاع الإنسانية والمعيشية. فقد استمر الحصار وتفاقمت آثاره، ولم يطرأ أي تحسن ملموس في حركة البضائع أو السفر، بينما بقيت مشاريع البنية التحتية مجمّدة أو متوقفة نتيجة التوترات المتكررة. ولم يتحقق أي اختراق في المصالحة الفلسطينية، بل تزايدت الفجوات الداخلية، ما عزز حالة الانقسام التي تعيشها الساحة الفلسطينية منذ سنوات طويلة.
كما شهد القطاع انهيارًا متواصلًا في شبكات الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والصرف الصحي والمياه. واستمرت ساعات انقطاع الكهرباء على حالها تقريبًا، فيما أشارت تقارير محلية إلى ارتفاع نسب التلوث في البحر وتراجع قدرة المستشفيات والمؤسسات التعليمية على تقديم خدمات مستقرة. وفي المقابل، استمر الاستثمار في الجوانب العسكرية والأنفاق، ما أثار تساؤلات واسعة حول إدارة الموارد وأولويات الحركة.
وجاءت الحرب الأخيرة لتشكّل الضربة الأقسى على الإطلاق. إذ خلّفت الآلاف من الضحايا، ودمّرت أحياء كاملة، وتسببت بنزوح جماعي للسكان، إضافة إلى انهيار شبه كامل في القطاع الصحي والاقتصادي. ورغم ذلك، لم تظهر نتائج سياسية أو ميدانية توحي بأن هذه التضحيات قد حققت مكسبًا استراتيجيًا واضحًا، ما دفع الكثيرين إلى وصف العامين الأخيرين بأنهما الأكثر قسوة ودُمويّة في تاريخ القطاع.
وتتزايد الانتقادات حول طريقة إدارة الحركة للموارد، حيث تتردد شكاوى عن امتيازات تمنح للمقرّبين، وعن ضعف في الشفافية بخصوص توزيع المساعدات، إضافة إلى غياب خطط فعالة للتعامل مع الأزمات المتكررة، وبخاصة في الشتاء أو أثناء التصعيدات الأمنية. ويعبر السكان عن شعورهم بأن الفجوة تتسع بين الخطاب الرسمي الذي تتبناه الحركة، وبين الواقع المعيشي الذي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.
وبينما تواصل الحركة الحديث عن “الصمود والثبات”، تتزايد مطالب السكان بالتركيز على تحسين ظروفهم المعيشية، واستعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجونها. ويؤكد كثيرون أنّهم لا يبحثون عن شعارات كبيرة أو استعراضات قوة، بل عن حياة كريمة وآمنة، وعن مستقبل يمكن التنبؤ به بعيدًا عن دورة الدمار المستمرة.
وهكذا تأتي ذكرى التأسيس هذا العام محمّلة بأسئلة أكثر من الإجابات، إذ يجد المواطنون أنفسهم أمام واقع صعب يشير إلى تراجع الخدمات وغياب الإنجازات السياسية، ما يطرح ضرورة تقييم صريح للمسار الذي قاد إلى هذه النتائج، وإعادة النظر في أولويات العمل داخل القطاع بعيدًا عن الشعارات التقليدية التي لم تغيّر من الواقع شيئًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى