الذكاء الاصطناعي .. في المواقع الإلكترونية الإخبارية

شهد العالم تطورات تقنية كبيرة وتكنولوجية هائلة بظهور شبكة الإنترنت ودخولها في شتي المجالات وفي مقدمتها الإعلام ، مما أدي إلي ظهور وسائل إعلامية جديدة فاقت بخصائصها ومميزاتها الوسائل الإعلامية التقليدية وأبرزها المواقع الإلكترونية الإخبارية ، والذي اتجه إليها مستخدمي الإنترنت وفضًلها في الوصول إلي ما يرمو إليه عن الوسائل التقليدية ، فالمواقع الإلكترونية الإخبارية هي ” تلك المواقع المتاحة علي الإنترنت التي تطرح نفسها كمشروع إعلامي مستقل ومتكامل يمتلك مجموعة من المحررين والمراسلين وهيئة تحرير وسياسة تحريرية واضحة خاصة بها ” ، أما الذكاء الاصطناعي هو ” قدرة الآلات والحواسيب الرقمية علي القيام بمهام تُحاكي تلك التي يقوم بها البشر كالقدرة علي التفكير والتعلم من خلال برامج وتقنيات من شأنها جعل تلك الآلات والحواسيب تتسم بالذكاء ” .
اتجهت العديد من المواقع الإلكترونية الإخبارية في السنوات الأخيرة إلي استخدام التقنيات الحديثة والمتطورة ، كتقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً والأكثر قدرة علي إنتاج وتحليل ونشر المحتوي الإعلامي لعدد أكبر وعلي نطاق أوسع لمستخدمي الإنترنت ، مما يؤدي إلي زيادة انتشارها ليس علي المستوي المحلي أو العربي فحسب بل علي المستوي العالمي ، لمتابعة الأحداث الجارية أولاً بأول ومعرفة كل ما هو جديد حول البسيطة في اللحظة ذاتها .
فالحضور المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي يؤدي إلي تطوير المواقع الإلكترونية الإخبارية في الوقت الحالي من خلال تطبيق الخوارزميات في تحويل ملفات البيانات الكبيرة إلي نصوص إخبارية ، بالاعتماد علي إنتاج تقارير بواسطة توظيف تلك التقنيات مثل الروبوت والواقع المُعزز ” Augmented Reality ” في العملية الإعلامية ، في الوقت الذي أضحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي المتمثلة في ( الواقع المُعزز – الواقع الافتراضي – الصحفي الروبوت – البلوك تشين ….. وغيرها ) من أبرز العوامل لتطوير الوسائل الإعلامية المختلفة وعلي رأسها المواقع الإلكترونية الإخبارية .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل استخدمت العديد من المؤسسات والمواقع الإلكترونية الإخبارية علي مستوي العالم تلك التقنيات علي سبيل المثال وليس الحصر ، صحيفة ( ذا جارديان ) البريطانية وهي أول من استخدمت تقنية ” الصحفي الروبوت ” في تحويل البيانات إلي تقارير نصية جاهزة للنشر ، كما استخدمت كلاً من ” أسوشيتدبرس AP –
(1)
وفوربس – ولوس أنجلوس تايمز – وبروبابليكا ” خوارزميات الحاسب الآلي المتعلقة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتميزها بالقدرة علي إنتاج المحتوي الإعلامي بشكل أسرع وبلغات متنوعة وبأعداد أكبر وبأقل كمية من الأخطاء ، مما يؤدي إلي تحسين جودة الأخبار ووصولها إلي أعلي درجة ممكنة من المصداقية والتصدي إلي عقبة الأخبار المزيفة ، في حين نجحت وكالة ” Xinhua ” الصينية في ابتكار أنماط جديدة لعرض القصص الخبرية من خلال الاعتماد علي تقنية الواقع الافتراضي ” Virtual Reality ” ( VR ) ، وذلك لعرض الأخبار في صورة تُشبه الأفلام ثلاثية الأبعاد تجعل المشاهد يعيش الخبر كأنه واقع أو حقيقي وهو عضو مشارك فيه .
إن ما تم ذكره عن إمكانيات وقدرات تقنيات الذكاء الاصطناعي ودورها في عملية التطوير ليس فقط بالمواقع الإلكترونية الإخبارية ، بل وصل الأمر إلي قيام تلك التقنيات بتطوير المضمون الإعلامي ذاته ، كما اتاحت أيضا الفرصة لمستخدمي الإنترنت في المشاركة في عملية التحرير عن طريق التعديل والحذف والاضافة علي النص الإعلامي من خلال التعليقات ” Feed Back ” ، مما أدي إلي ظهور ما يُسمي بالصحفي المواطن ” Citizen Journalist ” ، كل هذا هو نقطة في بحر الذكاء الاصطناعي الذي لا ينضب ولا يبخل علينا بإمكانياته وقدراته ليس فقط في المجال الإعلامي ولكن في كافة مجالات الحياة .
إلي هذا الحد توغلت تقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم الإعلامي بكل أشكاله وأنماطه ، وبما يمتلك من إمكانيات حديثة وآليات متطورة وعناصر بشرية لديها القدرة علي التعامل مع هذا التطور ، مما جعل العديد من الخبراء المعنيين بهذا المجال يؤكدون أن الصحفي البشري سيعمل جنباً إلي جنب مع الصحفي الآلي ( الروبوت ) … ولكن السؤال الذي يفرض نفسه دائماً ولم يصل أحداً إلي الإجابة عنه في الفترة الحالية هو ….. مـاذا بعـد ؟


